كشف التحقيق الذي نشرته منظمة ''لاسيماد'' لمساعدة المهاجرين في فرنسا أول أمس ، والذي استغرق إعداده عدة أشهر في 6 بلدان مختلفة، وهي الجزائر، مالي، المغرب، السنغال، تركيا وأوكرانيا، عن الوضعية المزرية التي يعاني منها طالبو التأشيرات لدى القنصليات الفرنسية في هذه البلدان، والتي أكد التحقيق بأنها وراء تشويه سمعة فرنسا وتشكيل شبكات هجرة غير شرعية. وتوصلت ''لا سيماد'' من خلال مراقباتها لقنصليات مختلفة إلى أن أهم المشاكل التي يعاني منها طالبو ''الفيزا ''، تتمثل أساسا في تنوع القوانين التي تختلف من قنصلية إلى أخرى، أين يكون الإختلاف في غالب الأحيان في آجال الردود وتكاليف طلبات التأشيرات، وحق الطعن الذي لا تعترف به الكثير من القنصليات الفرنسية خاصة في بلدان العالم الثالث، كما جاء في التحقيق أن هذه الأخيرة قد تذهب بعيدا إلى حد استعمال الرشوة وتغيير قيمة تكاليف طلب التأشيرة حسب جنسية الطالب ووضعية البلد، حيث تتراوح قيمتها في الحالات الشرعية بين 60 أورو بالنسبة إلى التأشيرة السياحية و99 أورو بالنسبة إلى تأشيرة الإقامة، إلا أن هذه الأرقام قد تتضاعف في الكثير من الحالات ودون أي ضمان للحصول على التأشيرة، حيث قد تصل إلى 6 آلاف أورو أي ما يعادل 60 مليون دينار جزائري لضمان قبول الطلب، وأورد التحقيق إشكالية الرشوة والبيروقراطية والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها هؤلاء في طوابير أمام أبواب القنصليات، أين لا يحظى طالب التأشيرة بأية فرصة للحصول على معلومة دقيقة ولا على رد كتابي تحدد فيه، أسباب رفض طلب التأشيرة الذي لا يسترجع بعده الطالب التكاليف المدفوعة، فضلا عن كون الرفض يصدر دون أي تأطير تشريعي، كما اعتبرت ''لا سيماد'' أن هذه الممارسات هي السبب الذي يقف وراء تشويه سمعة فرنسا وإنشاء شبكات هجرة غير شرعية''.وفي ذات الشأن، أشارت ''لا سيماد'' إلى أن بلدان فضاء ''شنغن'' تعد سجل معلومات عن مائة مليون طالب تأشيرة على مستوى قنصلياتها ''من دون أي احترام للخصوصية أو ضمان لسرية هذه المعلومات''، واعتبرت المنظمة أن الحكومات الأوروبية تقيم باسم مكافحة التزوير والأمن ''مجتمعا بوليسيا'' لتدوين تحركات وتصرفات أي فرد ونقلها، كما أضاف ذات التحقيق أنه في إطار التحول إلى المعلومات البيومترية، ويجري الإعداد لأكبر سجل في العالم من قبل هذه البلدان، والذي ستدرج فيه خلال خمس سنوات كاملة معطيات تخص مائة مليون طالب تأشيرة ''سواء المتحصلين عليها أو غيرهم ''. الجزائر في قائمة الدول الأكثر استفادة من التأشيرات الفرنسية وفي سياق ذي صلة، أعربت ''لا سيماد'' عن قلقها الشديد حول مسألة أخذ بصمات أصابع طالبي الفيزا كأحد الإجراءات المطلوبة ضمن ملف طلب التأشيرة، التي باتت توكل لشركات خاصة ''لا تحظى بالحصانة الدبلوماسية ''دون أي ضمان ببقاء مثل هذه المعطيات بعيدا عن المتناول، وفي هذا الصدد أكدت ''لا سيماد'' أن فرنسا ستشرع في تسليم تأشيرات بيومترية على مستوى مائة مركز قنصلي أو دبلوماسي على أن يصبح هذا النظام شاملا في الأول من جانفي 2012 . وسجلت فرنسا حسب التقرير 1056819 طلب تأشيرة في السداسي الأول من 2009، وهو الرقم الذي عرف تراجعا كبيرا حسب ذات التحقيق الذي أكد، أن العدد انخفض من 19,3 في 2003 إلى 10,6 في السداسي الأول من 2009، وجاءت القنصليات الفرنسية في الجزائر على رأس القائمة التي أوردت أكبر عدد رفض طلبات الفيزا بنسبة 47,82 من المائة في قنصلية فرنسا بعنابة و43,98 من المائة في الجزائر، في حين جاءت قنصلية باماكو بمالي في ذيل القائمة بنسبة 27,20 من المائة في حين صنفت الجزائر في المرتبة الرابعة في قائمة الدول الأكثر استفادة من التأشيرات على مستوى القنصليات الفرنسية ب132 135 تأشيرة محررة، في حين احتل المغرب المرتبة الثانية بعد روسيا ب151909 تأشيرة. وأشار التحقيق إلى أنه من المقرر أن تدخل تعديلات جديدة على قانون الهجرة وتحرير التأشيرات، التي ستدخل حيز التنفيذ انطلاقا من 5 أفريل 2011، وهي تلك المتعلقة بضرورة الإلتزام بالشفافية والمصداقية في تحرير التأشيرات، وذلك بتبرير حالات الرفض وإلزام الإعلام عن الآجال المحددة لتقديم الطعون في مثل هذه الحالات.