صوت النواب الروس الجمعة، في قراءة ثالثة وأخيرة على مشروع قانون يوسع سلطات أجهزة الاستخبارات (أف.سي.بي، او كي.جي.بي سابقا) اقترحه الرئيس ديمتري مدفيديف وانتقده الليبراليون والمدافعون عن حقوق الإنسان. وهذا القانون، الذي تمت المصادقة عليه بأغلبية 354 صوتا مقابل 96 في مجلس الدوما (النواب)، يسمح للأجهزة الخاصة بتوجيه "تحذيرات" لكل شخص يشتبه في انه "يوفر الظروف" المواتية لارتكاب جريمة. وبموجب هذا القانون يمكن ان يتعرض أي شخص او مؤسسة تعرقل عمل عميل اف.سي.بي لملاحقة تعرضه لدفع غرامة تتراوح من 500 إلى خمسين ألف روبل (13 إلى 1300 يورو) او حبسه لمدة أقصاها أسبوعين. وقال ميخائيل امليانوف، المنتمي إلى جناح حزب "روسيا العادلة" (وسط يسار) الذي صوت ضد القانون "انه قانون مسيء، فهو يدمر الأجواء المعنوية داخل البلاد ويضر بصورة روسيا في الخارج". في المقابل دافع زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير جيرينوفسكي القومي المتشدد عن هذا القانون "غير القمعي" الذي يوجه "تحذيرا وديا" للذين يدبرون لارتكاب جرائم. وكانت المعارضة الروسية والمدافعون عن حقوق الإنسان عارضوا بالفعل بشدة مشروع القانون هذا خشية العودة إلى الاعتقالات التعسفية التي كان يمارسها جهاز الكي.جي.بي في العهد السوفياتي. وأدخلت تعديلات على نص القانون بين القراءتين الاولى والثانية حذفت منه بموجبها البنود الأكثر إثارة للجدل مثل تلك التي تجعل التحذيرات ملزمة قضائيا والتي تنص على استدعاء الشخص المعني كما يتضمن القانون إمكانية الطعن أمام القضاء في الإنذارات خلافا للصيغة الاولى. وأوقف ثلاثة ناشطين من الحزب الديمقراطي "يابلوكو" كانوا يتظاهرون أمام مجلس الدوما احتجاجا على المصادقة على هذا القانون واقتيدوا إلى مركز الشرطة كما أعلن الحزب في بيان. ودعت المنظمات الرئيسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس مدفيديف، الدارس للقانون الذي وعد بتحديث البلاد، إلى عدم المصادقة على هذا النص، التي قالت انه ينتهك المبدأ القانوني الذي يفترض ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وأكد الموقعون على رسالة مفتوحة أرسلت الجمعة إلى الكرملين انه "رغم التصحيحات، التي أخذت في الاعتبار انتقادات الخبراء والمجتمع المدني، فان مضمون القانون يبقى بالغ الخطورة". الا ان رئيس الدولة شدد الخميس في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل على ان هذا القانون وضع بناء على "أمر مباشر" منه وقال "لكل بلد الحق في تحسين تشريعاته بما فيها تلك المتعلقة بالأجهزة الخاصة. وسنفعل ذلك" وترى منظمة "ميموريال" غير الحكومية ان القانون سيكون أداة ضد "المنشقين" كما كان الحال في الحقبة السوفياتية. وقالت المنظمة "منذ وقت طويل وصلاحيات جهاز أف.أس.بي في بلدنا تتجاوز كل الحدود المعقولة" داعية مدفيديف إلى استخدام حقه في الفيتو ضد هذا القانون "الخطير". وقال زعيم حزب يابلوكو سيرغي ميتروخين الخميس معلقا على هذا القانون "من المستحيل تصور شيىء أكثر تعارضا مع سياسة التحديث" واصفا النص بأنه "غير مقبول بالنسبة لدولة حديثة متحضرة". من جانبه اعتبر زعيم حزب "القضية العادلة" اليميني الليبرالي ليونيد غوزمان ان روسيا بهذا القانون تخطو خطوة كبرى "نحو الدولة البوليسية".