ستنظر محكمة سيدي أمحمد نهاية الشهر الجاري ، في فضيحة معهد باستور التي تورط فيها عشرة إطارات، من بينهم المدير الأسبق لمعهد باستور المتواجد حاليا في حالة فرار، بعد أن وجهت له تهمة إبرام صفقات مخالفة للتشريع، تتعلق باقتناء اللقاح طيلة أربع سنوات، تسببت في تلف 750 ألف وحدة، بالإضافة إلى تبديد أموال عمومية، الحصول على مزايا غير مستحقة والإضرار بالمال العام، بالإضافة إلى ممثل المخبر الهندي الذي زوّد المخبر باللقاحات. خلفيات القضية تعود إلى نتائج التحقيق الميداني الذي قامت به المفتشية العامة بوزارة الصحة شهر نوفمبر الماضي، والذي تحرك بناء على تلقي وزير الصحة السابق سعيد بركات رسالة مجهولة سنة 2009، تفيد بشروع معهد باستور في إتلاف ما يقارب 750 ألف مصل، بعد إبرامه لأربع صفقات منافية للقوانين. وخلصت الخبرة القضائية المنجزة في هذا الصدد إلى أن الصفقات المبرمة ما بين 2003 و2004 تم بناء عليها اقتناء كميات كبيرة من اللقاح تحسبا للأزمة الصحية بعد زلزال 2003 من طرف مخبر ''بيوفارما'' بقيمة مليون و548 دولار أمريكي مؤرخة في 29 جوان 2003، إلا أن مصيرها كان الكساد في المخازن، بالإضافة إلى تسجيل صفقة مبرمة ما بين المعهد ومخبر ''أس. أي. أي'' سنة 2004، بمبلغ يفوق مليوني دولار أمريكي، وكذا صفقة أخرى مع مخبر ''بيوفارما'' سنة 2003 بقرابة 3 ملايين دولار أمريكي مع إبرام صفقة مع مخبر أوروبي بمبلغ 4 ملايين أورو. وأسفرت التحقيقات عن توجيه أصابع الإتهام لمموّن معهد باستور بلقاحات مختلفة على غرار لقاحات الرضع، الزكام والسل، إذ يتواجد ''ع. ع'' حاليا رهن الحبس منذ سبعة أشهر، بعد أن وجهت له تهمة إبرام صفقات عن طريق التراضي ومخالفة للإجراءات المعمول بها قانونيا في الصفقات العمومية بدون أن تخضع للدراسة، حيث تم المصادقة عليها من طرف الإطارات المتورطين من ضمنهم نائب المدير العام، مدير المالية ونائبه، مساعد المدير التجاري المكلف بتسيير المخزون، مديرة المراقبة النوعية الخاصة باللقاحات، بالإضافة إلى رئيسة المصلحة المكلفة باللقاحات وكذا الوسيط بين المخابر الأجنبية ''ع. ع'' والممثل لكل من مخبر ''سيروم'' الهندي و''بيوفارما'' الأندونيسي، حيث اتهم بدور الوساطة المشبوهة والمتعلقة بصفقات أمصال، بدون أن يملك تفويضا رسميا بممارسة المهام، حيث كان يستفيد من امتيازات غير مستحقة منها أجهزة الإعلام الآلي وهواتف نقالة. لقاحات خاصة بالأطفال تحتوي على مواد سامة كما توصلت التحقيقات إلى أنه خلال 2004، تم استيراد مليوني جرعة من اللقاحات المضادة للديفتيريا والتيتانوس، تم تسديد أقساطها كاملة قبل صدور نتائج تحاليلها، بالإضافة إلى ذلك لم يجد المفتشون ملف اقتناء اللقاحات، ولا دفتر الشروط الخاص بالصفقة المبرمة، حيث تم إيجاد صك واحد فقط يحمل الترقيم DTCOQ/10/03، إستنادا إلى العقد الأساسي رقم 0903 الصادر بتاريخ 3 جويلية 2003، الذي قامت به الدكتورة (ن. ت)، التي كانت تشغل منصب المديرة التجارية آنذاك، وكشفت التحقيقات أن الحصص الثلاثة الخاصة باللقاحات غير مطابقة للمعايير، حيث تبين أن فحص التسمم كان غير عادي، مما دفع مدير مراقبة الجودة، على مستوى المعهد، إلى اللجوء إلى ممثل المنظمة العالمية للصحة في الجزائر، قصد توجيهه إلى مخبر في الخارج، للتأكد من مأمونية اللقاحات من عدمها، إلا أن العملية لم تتم، وجاء في التحقيقات أن المدير العام آنذاك، ضغط على مدير المراقبة لتسويق الحصص الثلاثة من اللقاحات، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض، وإثر ذلك تمت تنحيته من منصبه، لتعين (ت. ن) كمسؤولة على المراقبة. المتهم الرئيسي في القضية، فنّد خلال استجوابه من طرف قاضي التحقيق كل التهم المنسوبة إليه، مشيرا إلى أن عملية الصفقات كانت تتم بحضور نائبه، مؤكدا أن خبرته الضيقة في مجال التسيير والإدارة محدودة، وأنه ليس المخوّل بالإمضاء والموافقة على الصفقات المبرمة.