تتواصل موجات الغضب في العالمين الإسلامي والغربي إزاء عزم متطرفين بالولاياتالمتحدة استهداف القرآن الكريم بحرقه ما يشكل "استفزازا" لمشاعر المسلمين خاصة في شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه هذا الكتاب العظيم. فقد حذرت العديد من الأوساط الدينية والسياسية عبر العالم من مغبة المساس بالقرآن الكريم وعواقب ذلك بما يهدد الجهود الدولية للحوار والتعايش بين الشعوب والأديان. ولاقت الدعوة التي أطلقها قس أمريكي في جاينيسفيل بولاية فلوريدا لإحراق مئات المصاحف يوم السبت القادم في الذكرى السنوية التاسعة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة إدانة واستهجان أغلب الكنائس في العالم واعتبرتها "رفضا للآخر وإساءة لكل الأديان السماوية التي تدعو للحب والتسامح وقبول الآخر". وجاء رد فعل الفاتيكان منددا بالدعوة إلى إحراق المصحف الشريف واعتبر أنها "تتعارض مع الإيمان والعقيدة المسيحية". وقال المجلس البابوي للحوار بين الأديان أنه تلقى "بقلق عميق" نبأ اقتراح حرق نسخ من القرآن" في 11 سبتمبر واصفا إياه بالعمل "الخطير" الذي يمس كتاب يعد مقدسا بالنسبة لديانة كاملة. وتابع المجلس أن "كل ديانة مع كتبها المقدسة وأماكن عبادتها ورموزها تمتلك حق الاحترام والحماية" داعيا كل الزعماء الدينيين وجميع المؤمنين إلى تجديد إدانتهم لكافة أشكال العنف وخصوصا تلك التي ترتكب باسم الدين. ورأى العالم الأزهري الشيخ عبد المعطي البيومي عضو مجمع بحوث الأزهر في تصريحات له يوم الاربعاء أنه في حال نفذت الكنيسة الأمريكية خطتها القاضية بحرق عدد من المصاحف فان هذا الأمر قد يؤدي إلى "تخريب العلاقات" بين واشنطن والعالم الإسلامي. وقال الشيخ بيومي انه "لو عجزت الحكومة الأميركية عن وقف هذا سوف يكون (حرق المصحف) أحدث صيحة في الإرهاب الديني ومعنى ذلك تخريب العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي". ومن واشنطن وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تخطيط القس الأمريكي لحرق نسخ من القرآن الكريم يوم 11 سبتمبر القادم بأنه تصرف "مشين ومخزي". وقالت خلال حفل إفطار أقامته في مقر وزارة الخارجية في واشنطن بحضور العديد من القيادات الإسلامية والشباب والمفكرين المسلمين الأمريكيين أن التزام الولاياتالمتحدة بالتسامح الديني يعود إلى بداية نشأة الولاياتالمتحدةالأمريكية. من جهته أدان وزير العدل الأميركي إيريك هولدر خلال اجتماعه مع زعماء دين أمريكيين الدعوة الى المساس بالقرآن الكريم ووصفها ب"العمل الاحمق والخطير". وفي بيان مشترك أصدروه عقب اللقاء دعا زعماء الدين الامريكيين الى مواجهة هذا النوع من السلوكات والأفعال التي "تمس الإسلام والمسلمين" وأكدوا التزامهم "ببناء مستقبل لا تؤدي فيه الاختلافات الدينية الى العداء أو الانقسام بين الجاليات". ويرى المتتبعون أن مثل هاته التصرفات الصادرة من كنيسة بالولاياتالمتحدة تتناقض مع محاولات الرئيس الأمريكي باراك اوباما في إرساء علاقات جديدة مع العالم الإسلامي. ومن بروكسل قالت المتحدثة باسم مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون اليوم أن الاتحاد يدين بشدة الدعوة التي أطلقتها كنيسة أمريكية معادية للإسلام في فلوريدا لإحراق مئات المصاحف ويصفه ب"العمل غير صائب". من جهته استهجن الرئيس اللبناني دعوة القس الأمريكي واكد ان هذا العمل " مناف بصورة صارخة لتعاليم الديانات السماوية السمحاء ويتناقض كليا مع منطق حوار الحضارات والأديان والثقافات خصوصا وأن الأممالمتحدة شهدت مؤتمرا لهذا الحوار الذي يدعو الى نبذ الحقد والتعصب والإرهاب". ودعا الرئيس اللبناني " الى التبصر مليا في التعاليم المسيحية والمفاهيم الإنسانية التي تشدد على محبة الآخر واحترامه ". واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية /حماس/ من جانبها إعلان أحد القساوسة الأميركيين النية لإحراق المصحف الشريف في الذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر بأنه "عمل استفزازي". وطالب المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في تصريح اليوم الإدارة الأميركية أن تتخذ الإجراءات العملية ل"وقف الجريمة قبل وقوعها". كما حذرت إيران من تداعيات الإساءة لمقدسات المسلمين وقالت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست أن "ما يجري في الدول الغربية من الإساءة للمقدسات الإسلامية هو عمل مشين وسيتسبب بخلق حساسيات ومشاعر لا يمكن ضبطها". وحث هذه الدول على أن تتابع مقولة حرية التعبير في إطار القيم الإنسانية وأن لا تسمح باستغلال الحرية للإساءة للمقدسات. وللتعبير عن استياءهم إزاء نية حرق المصحف الشريف تجمع الآلاف من الإندونيسيين خارج مقر السفارة الأمريكية في جاكرتا للتنديد بالجريمة. من جهته أعلن الحزب الإسلامي المحافظ فى ماليزيا أنه سيحث المسلمين في البلاد على التظاهر أمام السفارة الأمريكية في العاصمة كوالالمبور حال نفذت الدعوة التي أطلقها القس الامريكى لحرق القرآن الكريم.