بين التقليد و إتباع ما تعرضه المحلات المشرقية من يتجول في شوارع العاصمة يرى التغيير الكبير الذي طرأ على مفهوم الحجاب، فبعضهن ارتدينه تلبية لرغبة الغير، و بعضهن الأخر وجدن فيه مواكبة لأحدث خطوط الموضة وبين الاقتناع به و التزاما للشرع، و بين إتباع العادات و التقاليد، اختلفت الآراء حول قضية ارتداء الحجاب في الجزائر. لا يختلف اثنان أن الفتيات في الآونة الأخيرة بالعاصمة على وجه الخصوص، اتجهن إلى اقتناء ما يتلاءم والموضة القادمة خاصة من بعض بلدان المشرق العربي، كسوريا و الأردن، والخاصة بالحجاب الذي عرف الكثير من التطوير والتشويه حسب اعتقاد البعض. و في هذا السياق اختلفت الآراء في الموضوع بين التأييد والمعارضة للتغيرات الحاصلة على الحجاب، و من خلال جولة قادتنا إلى بعض المحلات و شوارع العاصمة، التقينا إيمان طالبة بكلية الإعلام التي قالت " أنا لا اعتقد أن هناك فتاة ترتدي الحجاب من أجل الموضة ، فالأفضل لها أن تهتم بشعرها الذي يعتبر تاج جمالها، وفي المقابل لا مانع من تتبع الفتاة المحجبة موضة تليق بها كمحجبة إذا كانت مناسبة" ومن جهتها تضيف أمينة "إذا كان ارتداء الفتاة الحجاب تلبية لرغبة غيرها فإنها لن تلتزم به"وتقول جميلة طالبة بكلية الحقوق ببن عكنون بعدما ارتدت الحجاب "ارتدائي الحجاب كان لسببين، الأول انه واجب على كل امرأة مسلمة، و الأخر أني على اقتناع تام بأن ديننا لا يفرض شيء ليس فائدة للإنسان" وتقول سيدة موظفة في مركز بريد بالعاصمة " ارتدي الحجاب بسبب التقاليد المتبعة في المجتمع الجزائري، و ليس بسبب قناعة لأني غير مقتنعة بارتداء الحجاب، سواء الإسلامي أو حجاب الزينة كما يسميه البعض" و هنا تدخلت سمية طالبة جامعية بقولها " الحجاب بالنسبة لي هو ما يغطي الشعر ويستر الجسد، وأصنف حجابي إسلاميا تقليديا، لأحاول أن لا الفت الأنظار نحوي، و اشعر انه يبعد عني كل مكروه و هناك نظرة احترام للمحجبة أما غالبية المجتمع فيعتبرون الحجاب وراثة، و لذلك نظرتهم إلى غير المحجبة سلبية". صعب الالتزام بالحجاب خارج البلدان العربية و تروي لنا وسيلة قصة ابنة عمها التي كانت ترتدي الحجاب وفق شروطه في الجزائر، و بعدما تزوجت و ذهبت لتعيش في فرنسا، و بعد مرور سنتين عادت إلى الجزائر دون حجاب، وعندما سألوها عن السبب قالت إنها تعيش في بلد يضطهد المسلمين، ولم استطع الخروج بالحجاب، و كانوا يعاملونها كأنها حاملة لفيروس أو مرض ما ، فاضطرت إلى خلع الحجاب. وتحكي سميرة تجربتها مع الحجاب قائلة "التزمت أثناء دراستي الجامعية بالحجاب وبارتداء الملابس الطويلة، وبعد التخرج تقدمت لكثير من الوظائف فلم يقبلني احد فشعرت بضيق شديد، فخلعت الحجاب ، تم قدمت طلب عمل بإحدى المؤسسات السياحية ، فأعجبوا بي على الرغم من عدم امتلاكي للخبرة اللازمة، و لم أبق كثيرا حتى شعرت بتأنيب ضمير في حق الله فارتديت الحجاب مرة أخرى ، ففوجئت بزملائي يغيرون معاملتهم حتى فصلت من العمل". و أكدت سلمى التي كانت تقيم في اسبانيا انه من الصعب لبس الحجاب في بلد أجنبي، أي فيه نسبة قليلة من المسلمين "فانا كنت البس الحجاب في الجزائر، و بعدما ذهبت إلى اسبانيا حقيقة اضطررت إلى خلعه لأسباب عدة". الشباب لهم رأي في الموضوع لم ينج الحجاب في الجزائر ككل الدول العربية من شر الموضة حتى فقد بريقه بين الشباب الذين أصبح يراودهم الشك في مدى التزام من ترتديه أخلاقيا و دينيا، فسليمان، 30 سنة، عاطل عن العمل، يقول: "الحجاب أصبح أضحوكة في الكثير من الأحيان، فنحن نشاهد يومياً فتيات يضعن فوق رؤوسهن خماراً، ولا يمانعن في الوقت ذاته من استعمال مختلف أنواع الزينة، عن أي حجاب يتحدثن؟"و يضيف محمد " الفتيات يتبعن الموضة حتى في الحجاب، ولا اعترض في ذلك، فالأهم هو الالتزام بشروطه، و ستر كل أجزاء الجسد، و أن لا يبرز المفاتن، لكننا نرى بعضهن يرتدين ملابس ضيقة و قصيرة مكتفيات بوضع خمار على رأسهن" و يشاطرهم الرأي جمال الدين من كلية الآداب ببوزريعة : "هذا الحجاب الذي يوصف بالعصري والمساير للموضة كما تزعم بعض الفتيات لا علاقة له بالحجاب الشرعي الذي يأمرنا به الإسلام، لا أفهم كيف تعتبر الفتاة التي ترتدي سروالاً وتضع فوطة أو خماراً على رأسها أنها متحجبة، فالحجاب له شروط متعارف عليها في الدين".أما ثرية وهي طالبة بقسم الإعلام فكان لها رأي فقالت "غالبية زميلاتي خلعن الحجاب ليتماشين مع الموضة، و ليجدن ربما زوجا لان معظم الشباب اصحبوا يخافون من الفتيات المحجبات اللاتي يخفين الكثير من التصرفات ". وبين رافض "للحجاب العصري" ومؤيد له بألوانه الزاهية، يقول سمير بائع بأحد محلات الحجاب بشارع ديدوش مراد : "نحن نوفر أنواعا كثيرة للفتيات اللواتي يردن ارتداء الحجاب، ونعتمد طريقة التدرج في إقناع الفتيات بارتدائه كمرحلة أولى إلى حين الوصول إلى ارتدائها الحجاب الشرعي الكامل". و يؤيد سليم موضة الحجاب بقوله "لا مشكلة في إتباع الفتاة الموضة في ارتدائها الحجاب، فالأهم أن تكون محتشمة وغير لافتة للنظر في شكلها". حجاب الزينة لا يعتبر حجابا وعن اللباس المواكب للموضة أكد الشيخ مفتاح شدادي، انه لا حرج في ذلك إذا كان فضفاضا وألوانه غير جذابة ولا تحتوي على البريق، فذلك يعتبر لباس زينة خصوصا ما يتخلله من ماكياج و اكسيسوارات وعطور فذلك لا يعتبر حجابا وهو غير جائز خاصة إذا كانت المرأة في أوساط الرجال، فكل ما ذكرناه يسبب الفتنة. وشدد مفتاح شدادي إمام مسجد البليدة،خلال حديثه أن الحجاب يواكب اللباس العصري لكن بشروط محددة يعرفها الجميع وخاصة تلك التي تحدث الفتنة للرجال.