تكشف ''النهار'' عن مضامين تقرير سري للمخابرات الأمريكية يعود لسنة 1962، يتناول بالتحليل المقرون بالمعطيات، وضع فرنسا غداة استقلال الجزائر. ويكشف التقرير لأول مرة عن وجود مخطط لاغتيال الرئيس الفرنسي آنذاك شارل ديغول والزج بفرنسا في دوامة قد تقود إلى حرب أهلية، انتقاما لرضوخ القيادة الفرنسية في ذلك الوقت لضغوطات الثورة الجزائرية والاستجابة لنتائج تقرير المصير القاضية باستقلال الجزائر وجلاء قوات الاستعمار الفرنسي من التراب الجزائري. ويقول التقرير السري المكون من 8 صفحات، والذي حمل عنوان ''تداعيات وفاة أو اغتيال ديغول'' الصادر بتاريخ السابع من شهر سبتمبر عام 1962، أي بعد شهرين من إعلان استقلال الجزائر، أن الرئيس الفرنسي حينذاك شارل ديغول كان مهددا بالاغتيال من طرف منظمة ''او. آ. أس''. وفي هذا الإطار، كشف تقرير المخابرات الأمريكية عن وجود تهديدات أطلقها الناطق باسم المنظمة السرية المسلحة، توعد فيها بالقضاء على ديغول، في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تغيير نظام الحكم السائد آنذاك في فرنسا والتخلص من الجمهورية الرابعة. ورجح التقرير أن تتم عملية اغتيال ديغول على يد عدد من الضباط في الجيش الفرنسي، على جانب تنفيذ عمليات اغتيال أخرى قد تمتد إلى وزراء فرنسيين مقربين من ديغول. ورغم ان التقرير السري الذي حاول دراسة احتمالات اغتيال ديغول وتأثيره على السياسية الداخلية والخارجية لفرنسا، قال إن منظمة ''او آ أس'' لم يكن لها امتداد أو تأثير كبير داخل فرنسا، إلا أنه بدا واضحا اهتمام الأمريكيين وتخوفهم الكبير من سيطرة عناصر المنظمة السرية المسلحة على نظام الحكم في فرنسا، في ظل عجز نظام وحكومة ديغول عن قمع الثورة الجزائرية وتمكنها من فرض خيار تقرير المصير على باريس. وبدا تخوف الأمريكيين أكبر إزاء تداعيات استقلال الجزائر وتأثيره على الوضع في فرنسا، عندما ركز التقرير السري على دراسة كافة الاحتمالات بشأن العلاقة المرتقبة بين أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية من جهة وبين فرنسا من جهة أخرى، في حالة سقوط نظام ديغول بوفاته أو اغتياله. كما لفت التقرير إلى وجود مخاوف من إمكانية انزلاق الأمور في فرنسا، خصوصا أن أي عملية مفترضة لاغتيال ديغول كانت ستعتبر من طرف عامة الفرنسيين بمثابة سلوك وطني وليس إجرامي. ورغم أن التقرير تحدّث بشكل مقتضب على وجود غضب وتململ داخل فرنسا إزاء السياسة الداخلية المنتهجة آنذاك، إلا أنه ركز بشكل خاص على تمكن الثورة الجزائرية من تحقيق خيار تقرير المصير ولي الذراع العسكرية لفرنسا وإجبارها على الإجلاء من التراب الجزائري، واعتبار ذلك هزيمة كبرى وسببا رئيسيا في وقوع أي تغيير محتمل في هرم