السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد: أنا والد لشاب في العشرين من عمره، عوّدته منذ الصغر على حياة البذخ واشتريت له سيارة فكان يخرج من البيت ويعود إليه في أي وقت يريد، ولا أنكر أنّه كان يساعدني، فكنت أعتمد عليه في قضاء بعض الأمور. علمت منذ فترة أنه يتعاطى الحشيش، وعندما واجهته بالأمر أنكر تماما، فأخذت منه السيارة ومنعته من الخروج وفرضت عليه أشياء كثيرة منها الحد من حريته. ابني يا سيدتي، عنيد جدا وهو يحتقرني ويستخف بي إذا منعته من الخروج ويصر على مواقفه، علما أن أسلوب القوة لا ينفع معه. سيدتي الفاضلة، ما أخشاه أن يتطاول علي بالفعل بعدما فعل ذلك بالقول، فكيف أمنعه من التهور؟ اسماعيل / شرشال الرد: أشكرك على ثقتك، أقدر مشاعر أبوتك واسمح لي أن أقول لك: أنك الآن يا سيدي ترى ما نتج عن أسلوبك مع ولدك، حين أرخيت له العنان ومنحته الحرية الكاملة سنوات طويلة، حتى شبّ على طريقة معينة وتعود عليها، ثم الآن تريد أن تغيرها جذريا بطريقة معاكسة تماما. إن تعويد الابن على قدر من الحرية وتحميله قدرا من المسؤولية، هو أسلوب تربوي ناجح ولا شك في ذلك، لكن هذا لا يعني التخلي عن الابن تماما ومنحه حرية مطلقة في التصرف والتنقل، لأنه لا يزال في سن مبكرة وشخصيته هشّة غير محصنة، ما يعني أنّها ستتأثر بسهولة بما يحيط بها من عوامل اجتماعية، لقد نتج عن هذا الأسلوب مع ابنك أمران تحدثت عنهما، الأول وقوعه في فخ المخدرات، والثاني معاندته لك وجداله معك بطريقة الند للند، وهما ظاهرتان مقلقتان وتحتاجان عناية كبيرة حتى يمكن علاجهما والتخلص منهما بطريقة حكيمة وهادئة. إن تصرفك معه مؤخرا، بمنعه من الامتيازات التي كان يتمتع بها وتقييد حركته وسحب السيارة منه، كلها طرق ستؤدي إلى عكس مرادك وربما ينتج عنها مشكلات أكثر تعقيدا، مثل الخصام المستمر أو التخلي عن الأسرة والخروج من البيت لا قدر الله. عليك أن تتخلى قليلا عن السلطة في تعاملك مع ابنك وتعامل معه بطريقة رقيقة لإصلاح الوضع دون تشنج أو غضب أو مواجهة، وحاول أن تتغلب على بعض مشاعرك الداخلية التي ربما تدفعك للشد معه في الحوار والمناقشة والمعاملة. إن مكمن الخطأ فيما وقع لابنك، سببه غياب المراقبة والمتابعة ولو بطريق غير مباشر، لهذا فأنا أنصحك بما يلي: - احذر من أن تقع بينك وبينه خصام أو مقاطعة أو اعتزال نفسي، ولتحرص أن تكون العلاقة ودية قدر المستطاع بعيدا عن أي مؤثر آخر. - حاول الوصول معه إلى اتفاق أو عقد صفقة بموجبها تعيد له كثيرا مما كان يمتاز به في مقابل أن يسعى إلى علاج مشكلة المخدرات، وبين له أن الإنكار ليس هو السبيل الصح، لأن المشكلة حقيقة ولها مضاعفات وأثار سلبية كثيرة وكلما تأخّر فيها العلاج كلما صعب الشّفاء. - عندما تعطيه ما كان يمتاز به من مميزات لا تغفل عن مراقبته بطريقة غير مباشرة، واسع إلى أن تتعرف على مجتمعه الصغير وعلاقاته وصداقات ووضعه الدراسي. - ابحث بطريقة هادئة وحكيمة ودون صدام عن أية مشاكل أخرى قد يكون وقع فيها، واسعى إلى علاجها سريعا قبل أن يتعذر ذلك. - امنحه مزيدا من المسؤوليات في المنزل، لكي تشغل وقته وتعطيه مزيدا من التقدير الذاتي والرضا الداخلي. - كن قريبا منه، أكثر الجلوس معه والخروج وإياه، ولتكن بينك وبينه صداقة وأحاديث ودية بعيدا عن التوجيهات المباشرة والإملاءات الأبوية والتذكير بجوانب القصور والخلل فيه، اسمعه ما يحب واثني عليه وامدح جوانب القوة فيه وسوف يكون لك طائعا وبارا بإذن الله تعالى. ردت نور