بثت قناة الجماهيرية منتصف نهار أمس رسالة صوتية للعقيد معمر القذافي، أعلن فيها رفضه الإستسلام وعبر فيها عن عناده وتمسّكه بموقفه الرافض التخلي عن الحكم، رغم سقوط قسم كبير من العاصمة طرابلس على يد الثوار. ولم يختلف القذافي في خرجته الأخيرة عن سابق عهده، حيث أطلق تصريحات غير مسبوقة واستعمل مصطلحات غريبة، خاصة عندما راح يصف معارضيه ب''الذباب''، داعيا في نفس الوقت القبائل الليبية إلى الزحف نحو طرابلس لتحريرها من قبضة المتمردين. وأثارت الرسالة الصوتية للقذافي ونداءه الذي خصصه للقبائل الليبية، عدة استفهامات بشأن موقع تواجده، حيث تضاءلت وتبددت الشكوك التي قالت مساء أول أمس أن القذافي متواجد على الحدود بين الجزائر وليييا، لتعزز بذلك التكهنات التي رجحت أن يكون العقيد الليبي متواجدا في منطقة مسقط رأسه في سرت شرقي طرابلس وأن النداء الذي أطلقه كان موجها بالأساس لقبيلة القذاذفة للدفاع عنه. وفي سياق التطورات الميدانية، تكبد الثوار بعد ظهر أمس خسائر كبيرة في العتاد والأرواح لدى محاولتهم اقتحام منطقة باب العزيزية في طرابلس، وهي المنطقة المعروفة بكونها مقر قيادة القذافي، حيث دارت معارك طاحنة بين المتمردين وكتائب القذافي، التي انقسم عناصرها بين قناصة متحصنين في الأسطح ورماة راجلين. كما أفادت أنباء أخرى بوقوع اشتباكات ضارية في محيط فندق ''ريكسوس'' الذي يقيم به الصحافيون الأجانب، حيث قالت تقارير بهذا الشأن أن عددا من المسؤولين والقادة الليبيين تحصّنوا في الفندق. وفي تطور لاحق، تمكن الثوار من فرض سيطرتهم على مقر التلفزيون الليبي الذي ظل حتى زوال أمس يبث برامج دعائية لصالح القذافي. فيما تواصلت حركة العبور أمس بشكل طبيعي استنفار أمني بمنطقة الدبداب الحدودية مع ليبيا ما تزال غدامس وبوابة الحدود الليبية الجزائرية ناحية الدبداب، تخضع لسلطة نظام القذافي وحركة العبور تواصلت أمس بشكل طبيعي، حيث يقصد الليبيون منطقة الدبداب لاقتناء بعض مستلزمات مائدة رمضان وآخرون من أجل التزود بالوقود. ومع انهيار نظام القذافي بدخول الثوار لطرابلس، يشهد المعبر الحدودي حالة استنفار أمني وترقب إمكانية وصول شخصيات من الحكومة الليبية التابعة للقذافي أو من مقربي العقيد أو العقيد شخصيا، خاصة أن الشارع في المنطقة يتحدث عن تواجده في غدامس الليبية، وهي شائعات تروج بشكل قوي لدى سكان الدبداب. وتتوقع مصادر محلية بالدبداب؛ أن يفر عدد من ضباط الجيش الليبي ومقربي العقيد وشخصيات كبيرة في نظام القذافي المنهار للأراضي الجزائرية، هروبا من الانتقام والاعتقال والتعذيب الذي قد يطالهم من الثوار. وتعرف منطقة الدبداب منذ أمس انتشارا أمنيا مكثفا عبر مختلف المناطق المتاخمة للأراضي الليبية، فيما تحدثت معلومات عن فرار ابراهيم باهنغا الذي كان يساعد القذافي بالمرتزقة إلى الأراضي المالية بصحبة عشرات المركبات الليبية المحملة بالأسلحة المتطورة التي كانت بحوزة نظام القذافي وتمكن من التسلل بها للأراضي المالية، مما يطرح استراتيجية أمنية جديدة بالمنطقة، تتوافق مع المرحلة القادمة بعد انهيار النظام في ليبيا.