السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: سيدتي نور، أنا رجل قبيح الوجه، ومنذ طفولتي يعلق الناس على شكلي، وينعتوني بالقبيح وكان ذلك يسبب لي آلاما شديدة، وحتى الآن ماثلة أمامي صور كل الناس الذين اشمأزوا مني بالكلام أو تعابير الوجه أو الإشارة، وكنت دائما أشعر بأن الناس لا يحبونني، وأن لا قيمة لي ومقتنع بأن القبيح يجب ألا يعيش في هذه الدنيا، فكنت دائما أتجنّب الذين نالوا حظا من الجمال، خاصة الفتيات، وقد قررت ألاّ أتزوّج مطلقا ما حييت، وإن حدث وتزوجت يجب ألا أنجب مطلقا، حتى لا أعرّض أبنائي لنفس المعاناة التي عشتها، خاصة إذا أنجبت بنتا. لقد كنت ممتازا في الدراسة، فتخرّجت من الجامعة وأتممت الدراسات العليا بالخارج في بعثة من طرف الدولة، والآن أشغل المنصب المرموق ووضعي المادي ممتاز، كما أني أقوم بأعمال الخير كلما سنحت الفرصة لذلك، علما أنني لم أرتكب معصية في حياتي. لقد تزوّجت وأصبحت أبا، ولكن طيلة هذه السنوات كان الوسواس ولا يزال يلازمني كظلي، وقد شعرت بالكثير من الأمراض أو الأعراض المختلفة، وكان دائما التشخيص الطبي بعد الفحوصات والتحاليل يبيّن بأنه لا يوجد أي مرض عضوي، وأحيانا كثيرة كنت ولا زلت أشعر بأنه لا فائدة من الحياة، لأنني لا أشعر بسعادة حتى وأنا أؤدي الأعمال الجيدة في حياتي. فأرجوك شاكرا مساعدتي، فأنا بحاجة ماسة لذلك لأنني قاومت كثيرا وأخشى أن أنهار أوأستسلم فتتوقف حياتي. م/ الوسط الرد: سيدي الكريم أقدّر مستوى انزعاجك، رغم ذلك أقول لك لا داعي لهذا التصوّر السلبي نحو مظهرك، فأنت رجل قد أنجزت الكثير وقد أنعم الله عليك نعمة العلم والمؤهلات، وفوق ذلك نعمة الدّين لأنك قد حفظت نفسك من كل المعاصي، وهذا أمر عظيم جدا. أمر شائع في مجتمعنا سيدي ما يحدث لك، وما كان يصدر من زملاء الدراسة لم يكن بقصد الإهانة أو التحقير لم يكن ذلك مطلقا، بل كان شيئا من المزاح، الذي تتميّز به تلك الفترة من حياة الفرد، ولا تنسى أن مثل هذه النعوت لم تكن تصدر أبدا عن الجادّين من الزملاء، وقد أتاك هذا الشعور لأنك لا تبادل الناس المزاح، فهم كانوا يمزحون وأنت تأخذ الأمور بجدية، وهذا بالطبع أدى إلى تصادم وعدم قبول من جانبك، وحين يشعر الآخرون بأنك لا تقبل هذا المسمى ربما يفرطون في مزاحهم. سيدي الكريم، الأمور لا تقاس بالألوان أو الأشكال كما تعلم ذلك، إنما تقاس الأمور بالأعمال وبالأخلاق وأنت لك نصيب من ذلك، إنك في وظيفة مرموقة وقد حباك الله تعالى بالعلم والمعرفة، ولأنك في هذا العمر يجب أن تتخطّى ذلك وتنظر إلى ما هو أعمق. أنت الآن في منصب مرموق ولك مكانتك، ولا أعتقد أن هنالك من يلتفت إلى هذا الأمر أو خلافه، فيا سيدي أرجو ألا تعيش تحت هذه الوساوس، أنظر إلى نفسك وإلى الآخرين إنهم خلق الله، سوف تجد أشكالا وألوانا من البشر، هذه حكمة يعلمها الله تعالى، لقد لاحظت في رسالتك استعمال صيغة الفعل الماضي، إذن أنت الآن في وضع أفضل، ولا شك أن قرار الزواج كان عملا إيجابيا عظيما. سيدي قرار الزواج كان صحيحا فالزواج ذلك الميثاق الغليظ الذي يحقق السكينة والمودة والرحمة، ومن فضله ورحمته أنه رزقك الذرية أسأل الله أن يحفظهم ويجعلهم قرة عين لك. ردت نور