تشهد ولاية تلمسان هده الأيام نكهة ثقافية مميزة بخصوص الاحتفال ب "يناير رأس السنة الأمازيغية حيث تشرف على تنظيم الاحتفالات محافظة المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية لتظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة لإسلامية 2011". وقد سطرت المحافظة عدة تظاهرات ثقافية وفنية من معارض وسهرات فنية ورقصات فولكلورية تتماشى مع عادات وتقاليد هذه المناسبة السنوية. ويتم من خلال هذه الأنشطة المتنوعة إبراز الموروث الثقافية المرتبط بطقوس وعادات "يناير" بمنطقة تلمسان مع التركيز على جانبيه التقليدي والتاريخي حيث يحتفل السكان بهذا اليوم المتزامن مع بداية الموسم الفلاحي منذ القدم للتفاؤل والاستبشار بموسم خصب. كما لوحظ خلال هذه الأيام تحمس المواطنين وإقبالهم على مختلف الدكاكين والمحلات التي غزت رفوفها بضاعة من نوع خاص ليست كالتي اعتادت أن تعرضها للزبائن والمتكونة أساسا من المكسرات مثل اللوز والجور والبندق و الفستق والفول السوداني فضلا عن الحلويات والفاكهة خصوصا منها الرمان والتين المجفف والتمر اليابس. وتصبح هذه المواد التي كانت في باقي الأيام كمالية ضرورية بهذه المناسبة حيث لا يمكن الاستغناء عنها و"طبقية" أو "طبق" القرقشة يتطلب وجوبا حضور هذه الحلويات والفواكه بكميات كافية لتزيين مائدة "يناير". وإضافة الى ذلك تتفنن الأمهات بالمناسبة في إعداد وجبات تقليدية أصلية مثل "البركوكس" و "السفنج" بالإضافة إلى تحضير خبيزات صغيرة حسب عدد الأطفال وتوضع وسط كل واحدة حبة بيض . وبعد العشاء يلتف أفراد العائلة حول الطبقية الكبرى التي زينت بمختلف المواد لتبدأ السهرة .ويحفظ نصيب كل طفل في سلة صغيرة فردية ومهيأة بها كل مكونات "القرقشة" بالإضافة الى الخبيزة الصغيرة. وبهذه المناسبة تعطى نصائح للأطفال ليبقوا هادئين خلال أيام "يناير" وإلا فان "عجوز يناير" ستزورهم ليلا وتجردهم من محتوى السليلات الصغيرة . كما تحتفل ناحية بني سنوس بالجبال الجنوبية الغربية لولاية تلمسان بهذا اليوم الذي يخلد حسب المصادر التاريخية انتصار الملك البربري شاشنق على الفرعون رمسيس 3 في معركة دارت رحاها سنة 950 قبل الميلاد بهذه الناحية وخلصت السكان من قهر هذا الغازي. قد ارتبطت عدة تقاليد وطقوس بطريقة إحياء هذه الذكرى بمنطقة بني سنوس حيث يقوم الشباب بارتداء أزياء وأقنعة على شكل "كارنفال" ويخرجون حول الشخص المحوري الذي يرتدي زى أسد ويدعى "أرياد" إلى الشوارع على وقع الأهازيج والصرخات ليعبروا عن فرحتهم وتطلعهم بقدوم سنة جديدة وموسم فلاحي خصب. ومعلوم أن هذه العادات التي ورثها السكان أبا عن جد لازالت متواصلة إلى يومنا هذا مما يعطي صورة عن تلك الاحتفالات التي كانت تقام في القديم بهذه المناسبة الأمازيغية.