السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: سيدتي نور أنا شاب تجاوزت الثلاثين من العمر، أعاني من مشاكل كثيرة ومتنوعة نفسية واجتماعية، فأنا وحيد لأنني لا أستطيع تكوين العلاقات مع الغير بسبب الخجل وشخصيتي غير المرغوب فيها. فوالدي هو السبب، لأن لا وجود له ولم أر له أي دور في حياتي لأجعله قدوتي، لذلك علاقتي به ليست جيدة، فأنا لا أعقه لكن لا أستطيع الإحسان إليه، لأنه والوالدة يتهمان بالسلبية، مما جعلني أتهرّب من المسؤولية، ومن أكبرها الزواج فلا أريد الارتباط الآن فكيف سأتزوج، وهل أنا قادر على هذا، وكيف أفعل وأنا فاشل في حياتي كلها؟. لدي إحساس بالنقص وفقدان الثقة بالنفس تماما والسلبية الشديدة وأيضا الإحساس بعدم الخبرة وأن الأصغر مني هم دائما أكثر خبرة وتفاعلا مع الحياة، لقد التزمت لفترة قصيرة، لكن للأسف لم أستمرّ وتركت الصحبة الطيّبة وانتكست نفسي بعد ذلك. سيدتي نور، ما شجّعني على الكتابة ثقتي الكبيرة في شخصك، فأنا أريد العيش بتوازن، حتى أني أفكر العودة إلى ممارسة الرياضة، لكن كيف أبدأ من جديد وكيف أعوّض ما فاتني، كيف أبني نفسي من جديد في هذا السن. إنسان في سني يجب عليه أن يعمل ويعمل لكي يتزوج ويكوّن أسرة كأغلب من في سنه، لكن يجد نفسه وصل إلى هذا السن لم يبن نفسه على جميع الأصعدة، بل ضاع منه عمره في التفاهات، فماذا يفعل بالله عليك؟ الرد: يجب عليك الانتباه للطريقة التي تعيش بها، إنها ليست سيئة، قد لا تنسجم مع صورتك عن الحياة المثالية ولكن فيها إيجابيات ركّز عليها وأحسن تقديرها ولا تلم والدك. قد يكون التخلّص من الصراع تجاه والديك خطوة أخرى لا تقل أهمية عن تخلّصك من الأفكار والأحكام التي سكنت عقلك، فلا يوجد والدان لم يحسنا للأبناء، مهما اعتقد الأبناء أنهم سيّئون، فببساطة لو لم يتولّى هذان الوالدان أمر رعايتك المادية من طعام وشراب وملابس وإعطائك الدواء عند مرضك والحرص على ذهابك إلى المدرسة لما كنت قادرا على كتابة هذه السطور. مرة أخرى لا تبالغ وتعلّم الإيجابية بالبحث عن النقاط المضيئة واقرأ سورة يوسف منتهى الإيجابية لأنه لم يشك تخلّص إخوته منه ولا معاناته في سنوات سجنه. سيأتي استقرارك وزواجك في الوقت الذي تشعر فيه أنك محتاج للاستقرار، وهذه حاجة رغم أنها أساسية لدى جميع البشر، لكن أهميتها وتوقيتها مختلف بينهم. لا يمكنك أن تخدع نفسك فمن قال أن بدء الحياة وتطوير الاهتمامات ووضع الأهداف مقصور على العشرينات من العمر فقط، تذكّر وتأكّد بأن كل يوم يعيشه الإنسان يصلح لأن يكون بداية جديدة، فحياتك مستمرّة بإذن الله وفيها إنجازات ولكنك تحتاج لأن تعدل عليها وتحسن من نوعيتها وهكذا ترى أن مهمتك أبسط وأمتع. لا تنظر إلى من حولك وما يفعلون، فما البشر دائما على صواب، والمهم ما تحتاجه أنت وما الذي يمكنك تحقيقه، وتأكّد أن النفس البشرية يصعب ضبطها في قوالب كالصنم، فاتركها تهيم في دنيا الله، فقط سارع إلى شحن رصيدك بالإيمان والعقل. ردت نور