"خداوج العمياء" هي امرأة عجز العلماء والفلاسفة عن حل رموزها وإيصال حقيقتها، فسموها بالأسطورة التي رويت في عصر مضى ولا تزال حكايتها تحير أجيالا حاضرة ففي مجملها تبقى قصة خداوج بين الواقع والخيال لما فيها من أحداث غريبة جعلتنا ننبش في ماضيها وكيفية عيشها، وأسباب تسميتها ب "خداوج العمياء"، ونحاول في مجمل الكلام إيصال حقيقتها بطريقة أو بأخرى. عاشت الأميرة خداوج في قصر فخم أنيق بالقصبة السفلى، وبالضبط بحي يدعى "سوق الجمعة" مع والدتها ووالدها الحاكم حسن خزناجي إلى جانب أختها الكبرى فاطمة. كانت حياة البنت الصغرى، خداوج، مختلفة عن بنات سنها في عصرها، وحتى عن أختها الكبرى، فقد لقيت من الدلال ما يكفيها ومن المرح ما يرضيها، خصوصا من طرف الحاكم الذي منحها اهتماما مبالغا فيه. هذا ما جعلها تميل لوالدها، وباعتباره قائد للأسطول البحري الجزائري، كان حسن الخزناجي كثير السفر، وفي إحدى سفرياته أحضر لابنته مرآة ثمينة مصنوعة من زجاج يلمع، يشبه الألماس مع زخرفة منقوشة تحيط بحواشيها، ومع مرور السنين ازدادت خداوج حسنا، ومن شدة ولعها بذاتها وكثرة تأملها في المرآة يقال أنها أصيبت بالعمى، بعد أن فشل الأطباء والحكماء في علاجها. وخوفا على مصيرها، قرر والدها أن يهديها القصر الذي يقطنون فيه ضمانا لمستقبلها بعد موته. تعودت خداوج على حياتها الجديدة وعاشت في القصر مع أبناء أختها عمر ونفيسة اللذان اعتنيا بها، الأمر الذي زادها حبا وتعلقا بالحياة، ليسمى بعد وفاتها ب "دار خداوج العمياء". والقصر، تصميم عمراني خاص بالعثمانيين، ففي مدخله نجد ما يسمى بالزريبة وهي مكان تجمع فيه الدواب، لتليها الدريبة، فيها نجد حنفية للاغتسال قبل الدخول إلى السقيفة التي تحوي ممرا طويلا ذي سقف مقبب وسميك ينتهي على جوانبه بأقواس جدارية مجوفة ومحمولة على أعمدة رخامية، وعدد الأقواس من جهة اليسار أربعة، هي مفصولة بثلاثة أعمدة، يأخذ كل عمود شكلا حلزونيا، بينما نجد قوسين بالجهة اليمنى.