واسيني الأعرج أنا لا أقيس الشعب المصري وثقافته بطيش "الزعران" بمن فيهم أبناء مبارك يعود واسيني الأعرج قريبا إلى الساحة الإبداعية برواية جديدة ينتظر أن تصدر في بيروت عن دار الآداب ودار الجمل تحت عنوان "البيت الأندلسي"، ويكشف في حوار مع "الشروق" استحضاره فيها تاريخ قصر خداوج العمياء. ويعود واسيني إلى المعمار الأندلسي القديم في نص يقول بأنه "من أشمل نصوصي حول تاريخ الجزائر". = تعود للرواية من أبواب "البيت الأندلسي".. كيف دخلته؟ == النص الجديد يشتغل حول موضوع الموروث والذاكرة وإشكالية التراث المعماري الذي خسرته الجزائر كما خسرت الخط العربي. وتحكي الرواية قصة ڤاليليو وحبيبته سلطانة الونسو اللذين تعاهدا على بناء بيت أندلسي بعد إعجابهما بفيلا في حي "البيازين" بغرناطة لكن بعد الطرد الثاني الذي تعرض له المسلمون عام1573يتنقل ڤاليليو إلى العاصمة من وهران، ويبني البيت بعد التحاق سلطانة به ويتحول إلى مقام للموسيقى ويعرف البيت سلسلة من التغيرات والأحداث، إذ يسترجعه القرصان الدالي مامي، بعد وفاة ڤاليليو وزوجته، حيث تغتصب ابنته مارينا ويقتل زوجها نحات الرخام، وهنا تبدأ قصة خداوج العمياء وأبوها الخزناجي الذي أعاد العائلة إلى البيت ولم يكن غير سيدي أحمد بن خليل، أو قاليليو الإسباني، الذي يترك مقولة لأبنائه مفادها: "لا تتركوا الدار حتى لو عشتم فيها خدما". و خلال فترة الاستعمار الفرنسي حول البيت إلى بلدية، ثم إلى إقامة لنابليون الثالث و زوجته. بعد الاستقلال وانقلاب 65 يأتي رجل ذو نفوذ يريد البيت بالدينار الرمزي ويحوله إلى حانة تعقد فيها صفقات التهريب، لكن عمي مراد، وهو أحد أحفاد ڤاليليو، يقول لهم خذوا البيت، لكن اجعلوه مكانا للموسيقى مثلا، لكنهم يصرون على تهديمه وبناء برج في مكانه.. وكما تلاحظون فإن الرواية نص يعالج مشكلة الهوية الثقافية للجزائر والاشتغال على الذاكرة، لأن الجزائر ورغم سنوات الاستقلال الطويلة لا زالت لم تتصالح مع ماضيها. = نصك الأخير "أنثى السراب" يوحي بأنك تريد تصفية حساباتك مع الماضي عبر شخصية مريم؟ == أردت أن أقول عبر هذا النص إن الشخصية الورقية والأدبية قد يكون لها حضور أقوى من الشخصية الحقيقية. أما شخصية مريم التي عادة ما أسأل عنها فأنا شخصيا لا أعرف ماذا تعني لي بالضبط، هي محض خيال طفولة. أول ما التقطت هذا الاسم كان من قريتي، كانت صبية وكنت أحبها كما هو شأن كل صبيان القرية، فكنا نتجمع حول السقاية لنشاهد منظر مريم وهي تغسل القمح في الحوض، مازلت إلى اليوم أذكر المشهد وكأنه رقصة، وقد أكتب رواية اسميها "رقصة القمح"، هي لا تعرف أنها صارت شخصية ورقية أو هناك من كتب عنها حتى أنها تزوجت بشخص لا يستحقها وتعذبت كثيرا ورفضت أن ألتقيها عندما أخبروني في قريتي بأنها ما تزال على قيد الحياة. = على ذكر سيدة المقام، سيحول هذا النص إلى مشروع مسرحي، إلى أين وصل؟ == المشروع يشتغل عليه مراد سنوسي الذي قام بدمج الروايتين "أنثى السراب"و"سيدة المقام" وحولها إلى مسرحية بعنوان "سيدة الورق" وحسبه فإن صونيا مرشحة لإخراج النص، لا أملك تفاصيل المشروع لأنني منذ اللحظة التي أعطيت فيها الموافقة لسنوسي انتهى دوري كروائي. = عادت مؤخرا الأمور بينك وبين وطار إلى مجراها الطبيعي، هل يعني هذا بأنكما تجاوزتما الخلافات؟ == الأيدولوجيا لم تعد تعنيني ولم أعد أهتم بالصراعات، فقد تنازلت عنها لصالح الجوانب الإنسانية، فما بين البشر أنقى وأبقى، و ما نحن في النهاية إلا ذرات غبار، يبقى وطار كاتبا كبيرا ورجلا مؤسسا، قد لا أتفق معه في كثير من الأمور كناقد ودارس، لكن ذلك لا يلغي مكانته. = وماذا عن الحملة التي تعرضت لها بسبب مقالك عن يوسف زيدان بعد مقابلة مصر-الجزائر؟ == كنت صدفة في بيروت لإلقاء محاضرة، وكان هناك مجموعة من المثقفين العرب بصدد توقيع بيان لنزع البوكر العربية من يوسف زيدان، ودعيت إلى الكلمة، وإلا ما كنت لأتدخل وقلت بأنني خارج هذا الصراع، صحيح لا يمكنني القبول بمس الشهداء، لكنني لا أقيس الشعب المصري و قافته بطيش"الزعران" بمن فيهم أبناء مبارك، الصحافة لعبت دورها وكان لها ما يكفي من رد الفعل، كما أن البوكر منحت ليوسف زيدان عل أساس كتاب، والبوكر ليست لعبة والجائزة الأنجلو ساكسونية لا تخضع لهذا التهريج، وكنت متأكدا بأنهم لن ينزعوا منه الجائزة. بعدها اتصل بي يوسف زيدان في بيتي واعتذر كثيرا وقالي لي بالحرف الواحد: "البلد الذي فيه واحد مثلك لا يجب أن يظلم" وانتهت المكالمة عند هذا الحد، لأقرا بعدها مقاله مثل كل القراء، فما دخلي أنا فيما كتبه هو؟ لأفاجأ بعدها بمن كتب يتهمني بقلة الوطنية. النقاش كان منحطا لذا فضلت الصمت وعدم الرد، لأنني لا أحب الكلام الذي لا معنى له.