منذ تصفيات كأس العالم ونحن نبيت ونصحو على وقع كرة القدم وأخبار المنتخب الوطني،نتتبعه ونعرف عنه كل كبيرة وصغيرة وكل ما يهمنا منه وما لا يهمنا ،حتى غدا في الأخير حديث الكبير والصغير ،المتعلم منا والأمي ،وكأن ليس في الكون أو في الوطن ما يجب الاهتمام به والتطلع إلى معرفته ،وما أكثر ما يجب معرفته من قبلنا نحن أهل العالم المتخلف اقتصاديا وثقافيا وحتى اجتماعيا، ولكن كرة القدم أنستنا أنفسنا ومصيرنا وواجباتنا نحو وطننا ونحو أنفسنا..؟ صحيح أن اللعبة الشعبية الواسعة الانتشار»كرة القدم» وعلى امتداد المعمورة قد اقتحمت أسوار القلوب وشغلت العقول واستولت على النفوس، ولكن ليس بذات الدرجة التي نحن عليها كمجتمع فرط في كل ما يجلب المنفعة ،فلا «شغل ولا مشغلة «عمل ولا دراسة ولا يطيب الحديث ويحلو الكلام إلا ما قام به ما سجله سوداني وغيره ،وكأن هؤلاء وإن اسعدوا الجماهير وأفرحوها في غالب الوقت، من عناترة أزمانهم أومن العباقرة الأفذاذ الذين شغلوا الدنيا وملئوها علما وثقافة وفنا وتنمية مستدامة..! قد يكون الشباب المراهق الثانوي أو من هو على عتبات الجامعة أو دون ذلك يفعل هذا الذي نعيشه هذه الأيام بمناسبة تصفيات كأس أمم أفريقيا،ويكون على حق، لكن أن يصدر ذلك ممن هم في منزلة المعلم والمربي والموجه والقدوة ،فهذا الذي لا يمكن هضمه بيسر وسهولة..؟ إن عدم الغلو مطلوب والتوازن في حب الأشياء ضروري، وإلا ضاع من كل شيء، وهذا لأن في دنيانا وضرورة الحياة نفسها تتطلب التنوع والرفق والوسطية فيما نحب ونكره..! على الشباب ومن يتولى قيادتهم ألا ينشغلوا طوال الوقت بسجل وتعادل وانهزم ،ولكن عليهم فوق ذلك الاهتمام بدروسهم ومستقبلهم ومستقبل وطنهم ، وإن كان ليس هناك بد من تتبع خطوات المنتخب الوطني ،فلا يكون أبدا على حساب كل هذه القيم والواجبات المقدسة..؟!