لم تكن مواجهات منتخبي مصر والجزائر لحساب تصفيات كأس العالم 2010 سببا في فتنة كبيرة بين شعبي البلدين فقط، بل كانت أيضا سببا في إشعال نار فتنة عائلية داخل بيت الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، حيث كشف الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، في كتابه الأخير المنشور على حلقات في الصحافة المصرية أن إدارة أزمة فتنة المونديال بين الجزائر ومصر بيّنت وجود طموح قوي لدى علاء مبارك للجلوس على كرسي رئيس الجمهورية مستقبلا، وهو ما أدى إلى نشوب خلاف عميق بينه وبين شقيقه جمال الذي كانت صحافة البلاط المصرية تصوره فارسا رئاسيا لا بديل عنه لمصر، قبل أن تعصف ثورة 25 جانفي بكل شيء. نجلا مبارك كان يتسابقان على إبداء كرهها للجزائر تقربا من المصريين ويقول هيكل في ختام كتابه الشهير "مبارك وزمانه، من المنصة إلى الميدان" أنه في مباراة مصر والجزائر خرج الابن الأكبر يقصد علاء مبارك الذي كان الجزائريون يسمونه المواطن علاء على الناس بما تصوره تعبيرا عن الوطنية المستثارة دون داعٍ حتى وصل إلى حد الطلب علنا من السفير الجزائري أن يرحل عن مصر، ويتحداه على شاشة التليفزيون موجِّها له الخطاب: ماذا تنتظر لترحل؟!، ويضيف ألفاظا تسيء للعلاقات بين البلدين بكل تأكيد.وذكر هيكل أن الابن الأكبر زاد على ذلك حين راح يكثِّف حملاته وظهوره على الساحة العامة، بما فيها لقاءات ودية غير معلنة مع بعض الكُتَّاب المعروفين بمعارضتهم للأخ الأصغر وتوريث الحكم له!! وكان ذلك مناخا مقلقا في بيت الرئاسة إضافة إلى توترات أخرى! المواطن تحول فجأة لمنافسة شقيقه جمال على الكرسي مستغلا فتنة المونديال ويُفهم من رواية هيكل أن علاء مبارك تحول فجأة إلى منافس لشقيقه جمال على إرث والدهما الرئاسي، وأن هذه المفاجأة لم تتضح خيوطها إلا حين بدأت فتنة المونديال بين الجزائر ومصر، وشرع المواطن علاء كما كان يلقب في تلك الفترة في تقمص دور رجل الدولة الوطني، الذي يتهجم على الجزائريين ويطالب سفير الجزائر بالرحيل، وهو ما يكون قد أثار حفيظة جمال مبارك الذي لم يكن يتصور أنه سيكون يوما عرضة لمنافسة عائلية شرسة، وهو الذي كان بعض كبار القوم في مصر يعاملونه كرئيس فعلي بلا شك!، حتى وصلت العلاقات بينها إلى مشاهد مؤسفة. مخططات أبناء مبارك سقطت بقذفة عنتر يحيى والأكيد أن جميع مخططات جمال وعلاء، ودعاة وأنصار التوريث في مصر قد سقطت في الماء بفضل قذفة عنتر يحي في أم درمان، حيث الفتنة المونديالية التي انتهت بتأهل الخضر لكأس العالم 2010 مجرد بداية للسقوط الذي تكرس بصفة نهائية حين اندلعت ثورة الخامس والعشرين جانفي 2011 التي ألقت بمبارك وابنيه في غياهب السجون، بعيدا عن قصر الرئاسة.