كشفت ناشطات من شبكة "وسيلة" لحماية المرأة، عن تزايد مخيف في معدل الإعتداءات الجنسية ضد الأطفال في الجزائر، وخلال ندوة دراسية عقدت بداية الأسبوع الجاري بمقر المكتب الولائي للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بعنابة حول واقع الإعتداء الجنسي ضد الأطفال، دعا المشاركون السلطات العمومية إلى التدخل العاجل لوضع حد لتنامي هذه الظاهرة التي تنتهك البراءة، كما خرجت الندوة بجملة من التوصيات أهمها ضرورة تقوية المحيط ووضع ميكانيزمات تضع الطفل خارج الخطر. الندوة كانت بمشاركة عدد من الأخصائيين النفسانيين وباحثين سوسيولوجين وحقوقيين من ولايات الجزائر العاصمة، قسنطينة وعنابة الذين قدموا مداخلات حاولوا من خلالها الوقوف على واقع هذه الظاهرة في مجتمعنا، مشيرين أن حالة واحدة من بين تسعة أطفال في الجزائر يتعرضون للاعتداء الجنسي، أما الفئات الأكثر عرضة فحددت ما بين أربعة و11 سنة. وفي ظل غياب إحصائيات دقيقة، أكّد المتدخلون أنّ الظاهرة لا تزال تحاط بما سموه بجدار الصمت خوفا من العار والفضيحة، وفي السياق نفسه ذكرالمتدخلون أن الأرقام التي تصرح بها مصالح الدرك والأمن الوطنيين تبقى نسبية ولا تعبر عن واقع الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال في مجتمعنا. هذا وأشار المتدخلون إلى وجود فراغ قانوني واضح من شأنه ردع هذه الإعتداءات، فيما أكد الأخصائيون النفسانيون المشاركون أن هذه الجريمة تترك بصماتها على الأطفال من كلا الجنسين خاصة إذا لم يخبرالضحية والديه، إلا أن هناك دلائل كثيرة يمكن الاستدلال منها أن الطفل يعاني من ضغط نفسي ناجم عن تعرضه لاعتداء جنسي. ومن تلك المؤشرات التي تحدث عنها المتدخلون صعوبة النوم، الأرق، التبول اللاإرادي في الليل وتقهقر المردود الدراسي، الشرود وعدم التركيز بالإضافة إلى فقد الشهية وحالة من الانعزال والإنطواء والعصبية الزائدة، إذ يمكن أن تكون هذه علامات التعرض لاعتداء جنسي، خاصة وأنّ الطفل في سن معين يكون عاجزا عن التعبير عما يحدث له. في سياق متصل ركز بعض المتدخلون على مهمة الطب الشرعي التي تبقى محصورة في تسليم شهادة تثبت تعرض الطفل للاعتداء الجنسي لا غير دون التبليغ عن الحادثة، فيما أرجع البعض ذلك لسر المهنة التي تتطلب التحفظ في القضية بطلب من العائلة خاصة إذا كان المعتدي أحد أفرادها، حيث أكدت الإحصائيات أن 75 بالمائة إلى 80 بالمائة من المعتدين هم من محيط العائلة لتهضم بعدها حقوق الطفل ويحرم من العيش حياة طبيعية لجرم لم تكن له يد فيه. وأرجع الحضور سبب الاعتداءات إلى غياب الوازع الديني لدى الأفراد إضافة إلى ما تخلفه عملية الإبحار في عالم الأنترنت والقنوات الفضائية، ووخلص خبراء إلى وجوب ردع مثل هذه التصرفات وكذا سن قوانين تجبر القائمين على الكشف الطبي على التصريح بالاعتداءات التي تصل إليهم مع مراعاة السر المهني، في الوقت الذي حذر فيه البعض من غياب مراكز لإستقبال الأطفال ودعوا لإيجاد هيئات للتقويم، كون الطفل وبعد تعرضه للإعتداء من الصعب أن يعود لحياته الطبيعية ما يستدعي تكوين وتأطير أشخاص مهمتهم التعامل مع الطفل الذي مورس عليه العنف، في حين اقترح أحد المتدخلين تخصيص محاكم مختصة في مثل هذه الجرائم وجلسات علاجية للأطفال مع ضرورة قيام الوالدين بفتح باب الحوارمع أبنائهم، وكسب ثقتهم من أجل معرفة ما يمكن أن يتعرض له الطفل. إحصائيات تتحدث عن 1400 حالة عنف واعتداء جنسي في السياق ذاته، نشطت خلية الإصغاء والوقاية بديوان مؤسسات الشباب لولاية سطيف يوما إعلاميا حول التحرش الجنسي بالأطفال بمركز إعادة التربية وإدماج الأحداث بعاصمة الهضاب، وذلك بهدف تقديم بعض النصائح والتوصيات للأطفال لتفادي التحرشات، إضافة إلى شرح العلامات التي تظهر على الطفل ضحية التحرش الجنسي لتمكين الأولياء من معرفتها. اليوم الإعلامي بسطيف نشطه أيضا أخصائيون في علم النفس وعلم الاجتماع، وطبيبة عامة، حيث تم التطرق للموضوع من الناحية النفسية، الإجتماعية والمرضية، وفي هذا الشأن أكدت الأخصائية النفسانية فريدة بلعربي، أن الظاهرة تزداد في المجتمعات العربية خاصة في الجزائر من خلال الأرقام والإحصائيات التي قدمتها مؤخرا شبكة ندى للدفاع عن حقوق الطفل، حيث أنه وخلال السنة الفارطة فارق 28 طفلا الحياة بسبب العنف الممارس ضدهم، كما سجلت 1400 حالة بين اعتداء جنسي وضرب مبرح بزيادة قدرها 14 بالمئة مقارنة مع سنة 2010.