كشف مصدر عليم ل «السلام» أمس، أنّ اللواء «عبد الغني هامل» المدير العام للأمن الوطني، أمر مصالحه بولاية عنابة بفتح تحقيق معمق في صفقة استقدام المطربة اللبنانية «إليسا» للغناء بملعب العقيد شابو غدا الاثنين بمدينة عنابة، في الوقت الذي تتسع فيه دائرة الغاضبين، بينما يشهد الشارع المحلي العنابي لعبة القط والفأر بين الأعوان المسخرين لتعليق الإعلانات وملصقات الدعاية للحفل الغنائي، وكذا شباب جبهة الرفض التي يقودها ناشطون ومثقفون على موقع «الفايسبوك» للتواصل الاجتماعي. أفاد مصدر ل «السلام»، أنّ فرقة أمنية مختصة شرعت أمس، في استدعاء بعض المعنيين بالحفل الفني للمغنية «إليسا»، مباشرة بعد تعليمة حملت طابع السرية والاستعجال، وقعها المدير العام للأمن الوطني يوم الخميس المنقضي، وأمر فيها بموافاته بالتفاصيل الكاملة وكشف الملابسات الحقيقية حول صفقة بلدية عنابة التي فجرت ردود فعل رافضة لمجيء صاحبة «أجمل إحساس» بغرض الغناء في ملعب «العقيد شابو» بعنابة في إطار فعاليات خمسينية الاستقلال. وحوّل معارضون لهذا التوجه فضاء «الفايسبوك» إلى ساحة للتنديد بما وصفوه هدر المال العام في صفقات تحوم حولها الشبهة، لكن رئيس المجلس الشعبي لبلدية عنابة الطبيب «نبيل بن سعيد» اجتهد في التأكيد على أن الصفقة محل الجدل «تمت في شفافية تامة، بعدما رست على متعهد حفلات معروف بتعاونه مع فنانين أجانب». وكانت «عقيلة زلاقي» رئيسة لجنة الحفلات والسياحة والثقافة بالمجلس البلدي لعنابة، قد شددت في تصريحات سابقة أدلت بها ل»السلام»، أن «متعهد حفلات رست عليه العملية بمبلغ قدره 950 مليون سنتيم، هو من تولى الاتصال بالفنانة اللبنانية التي تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة في مدينة عنابة، حسب استبيانات حصلنا عليها، وأكدت رغبة شريحة واسعة من الجمهور في إحياء حفل فني ساهر للمطربة التي افتكت عام 2011 لقب أحسن فنان عربي». ويصر مسؤولو بلدية عنابة على التمسك بتنظيم الحفل الفني لمغنية «خذ بالك علي» رغم اتساع رقعة الرافضين الذين انطلقوا من خلفية أن الأموال والإمكانيات المادية والبشرية الهائلة التي جندت خصيصا لإحياء سهرة فنية، كان يفترض أن توجه إلى التكفل بانشغالات المواطنين ومشاكل الشباب البطال، التي ظلت وقودا لحركات احتجاجية تكاد تتكرر بصفة يومية بسبب الأداء الضعيف لهيئة المنتخبين المحليين الذين توصف عهدتهم بالأسوأ على الإطلاق في تاريخ بلدية عنابة. ولم تسلم الهيئة المنظمة من انتقادات لاذعة وجهتها وزيرة الثقافة «خليدة تومي» التي وصفت الخطوة بالعبث بالمال العام، مثلما خرج الديوان الوطني للثقافة والإعلام عن صمته، حيث انتقد المكلف بالإعلام في هيئة «لخضر بن تركي» الصفقة التي أبرمتها بلدية عنابة لاستقدام الفنانة اللبنانية. ومن جهتها شجبت الأسرة الثورية بولاية عنابة ما وصفته «تفرغ السلطات العمومية المحلية لإقامة نشاطات فنية مخصصة للرقص باسم احتفالية خمسينية الاستقلال، بدل إنجاز أعمال جدية تحيي أمجاد المنطقة». ملصقات الدعاية تتعرض إلى التمزيق وتسخير 500 شرطي لتأمين الحفل وحسب مصدر مأذون، فإن تحقيقات مصالح الأمن الوطني شملت أمس، الاطلاع على آليات ومراحل عملية منح الصفقة والتحري حول هوية متعهد الحفلات ونشاطاته، وكانت المديرية العامة للأمن الوطني قد سخرت حسب مصادر مطلعة قرابة 500 شرطي لتأمين ملعب العقيد شابو الذي يتوسط مدينة عنابة ويتسع لنحو 15 ألف متفرج، ويأتي هذا في الوقت الذي أطلق فيه نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» تهديدات بنسف الحفل الفني، لاسيما منهم شريحة السلفيين الذين كالوا اتهامات خطيرة للجنة التنظيم والفنانة التي وصفوها بأقبح النعوت. وفي السياق ذاته، تعرضت الملصقات والإعلانات الخاصة بحفل العقيد شابو بساحات وشوارع مدينة عنابة إلى التمزيق وتلطيخ صورة المطربة «إيليسا»، احتجاجا على استقدامها «عنوة رغم أنف المتساكنين»، يقول أحد مثقفي المدينة.