يبدو أن الحملات "الفايسبوكية" العديدة التي قادها، العام الماضي، الشباب الجزائري الغاضب من دعوة الفنانة اللبنانية، اليسا، إلى مهرجان "جميلة" العربي، قد جعل بلدية عنابة تدخل في اتصالات وصفت بالسرية مع مكتب الفنانة في لبنان، وذلك خوفا من إطلاق أي "حملة" قد تشوش على الحفل المقرر أن تقيمه صاحبة "أجمل إحساس" و"ع بالي حبيبي"، في الثاني من شهر جويلية القادم، تزامنا مع خمسينية عيد الشباب والاستقلال. وفي هذا الصدد، أسرت مصادر موثوقة داخل لجنة الحفلات لبلدية عنابة، ل"الشروق"، عن ضبط البلدية لبرنامج حفلين ضخمين يدخلان في إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين لأعياد الشباب والاستقلال، ستفتتحه الفنانة اللبنانية، اليسا، ليلة الثاني جويلية بملعب "العقيد شابو"، الذي يتسع لنحو 20 ألف مقعد، حيث سيلتهم أجر الفنانة وحده قرابة المليار سنتيم جزائري، فيما سيتم التعاقد مع نجم الراي، الشاب بلال، للغناء بالملعب ذاته سهرة 5 جويلية، مقابل 20 ألف أورو، أي ما يزيد عن ال260 مليون سنتيم جزائري، على أن تتوزع باقي الحفلات على بعض المغنيين المحليين للولاية، وعدد من نجوم الأغنية الجزائرية. وتأتي إقامة هذه الحفلات الفنية والتظاهرات الثقافية الكبرى على مستوى ولاية عنابة، بتعليمات من الوالي، محمد الغازي، الذي كان قد عقد اجتماعا منذ أيام داخل مقر الولاية، دعا إليه رؤساءَ المجالس البلدية لعنابة، وممثلين عن المجتمع المدني ومختلف المديريات والقطاعات المسؤولة عن الثقافة والسياحة على مستوى الولاية، للاطلاع على البرامج الفنية والثقافية وكافة المشاريع التي ستقدم في إطار خمسينية الاستقلال. وقد جاءت تعليمات الوالي واضحة بمنح المناسبة بعدا عربيا وعالميا، يضاهي هذه الذكرى الوطنية المهمة. ووفقا لمصدر"الشروق" الذي حضر الاجتماع، فإن رئيس بلدية عنابة، بن سعيد، كان السباق لطرح فكرة إحضار الفنانة اليسا والشاب بلال، وأنه على هذا الأساس، بدأت لجنة الحفلات للبلدية التفاوض مع القائم بأعمال المغنية اللبنانية، أمين أبي ياغي، الذي اشترط الحصول على نسبة 50 بالمئة من الأجر قبل الحضور إلى الجزائر، على أن يأخذ البقية بعد أداء وصلتها الغنائية. وبعملية حساب بسيطة، يتضح أن الفنانة اللبنانية ستأخد وحدها حصة الأسد من ميزانية لجنة الحفلات لبلدية عنابة، والمقدرة أصلا بمليار ونصف المليار سنتيم. وإلى ذلك، عبر عدد من الفنانين المحليين لولاية عنابة عن امتعاضهم من تفضيل الفنانين الأجانب في كل مرة على فناني المدينة، علما أن دعوة إليسا، تأتي بعد عام واحد فقط من إطلاق شباب جزائري غاضب حملة شعبية على ال"فايسبوك"، ضد زيارة من وصفوهن ب"فنانات الفسق" إلى الجزائر، معتبرين الشباب البطال أولى بالأموال التي تصرف على مثل هذه الحفلات. والسؤال المطروح هل يتكرر السيناريو ذاته هذا العام فنشهد خروج المسؤولين عن هذه الحفلات الباهظة عن صمتهم، ليقللوا من غضب شباب "الفايس بوك"، خاصة أن الجميع يتخفى هذا العام وراء غطاء الذكرى الخمسين ليبذر ببذخ دون حسيب أو رقيب؟