يعتبر مؤتمر الصومام بمثابة مهد نشأت فيه الكرة الجزائرية، وذلك بعد قرار أعضائها المشاركين في إنشاء تنظيمات تابعة لجبهة التحرير الوطني، فبعد صدور قرارات مؤتمر الصومام والتي من بينها إنشاء تنظيمات تابعة لجبهة التحرير الوطني، وبعد ميلاد الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين والاتحاد العام للعمال الجزائريين، رأت جبهة التحرير الوطني ضرورة إيجاد تنظيم رياضي يحمل اسمها ويكون سفيرا لها في المحافل الدولية، وذلك نظرا لما تحمله الرياضة من شعبية على المستوى العالمي وخاصة كرة القدم، فقررت تأسيس فريق لكرة القدم من اللاعبين الجزائريين المنتمين إلى البطولة الفرنسية، ووجهت نداء إلى هؤلاء اللاعبين للإلتحاق بالثورة. اللاعبون الجزائريون الناشطون في البطولة الفرنسية يلبون النداء ويلتحقون بالثورة يعود تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم إلى ربيع سنة 1958، وبالضبط في شهر أفريل، حين أعلن فجأة عن مغادرة اللاعبين الجزائريين الذين يلعبون في البطولة الفرنسية سرا إلى تونس عن طريق الدول المجاورة، وكانت ضربة قاضية للشرطة الفرنسية التي لم تتمكن من اكتشاف الأمر، وانتصار في نفس الوقت لجبهة التحرير في فرنسا، خاصة وأن هؤلاء اللاعبين كانوا من أبرز الرياضيين في مجال كرة القدم، وكان بعضهم مؤهل للعب ضمن الفريق الفرنسي المتأهل إلى كأس العالم بالسويد 1958. تشكيل فريق جبهة التحربر الوطني بعد مغادرة اللاعبين الجزائريينلفرنسا والتحاقهم بتونس، تم تشكيل فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم عقب النداء الذيوجهته الجبهة إلى كل اللاعبين الجزائريين في فرنسا، والذي رافقه صدى إعلامي كبير على الصعيد العالمي، خاصة وأن العالم كله يراقب التحضيرات المكثفة للمشاركة في كأس العالم، كما أثر الحدث بشكل كبير على الشرطة الفرنسية التي لم تتمكن من التفطن للعملية، بعد تشكيله بتونس تحت قيادة بومزراق قام فريق جبهة التحرير الوطني بتمثيل القضية الجزائرية في المحافل الدولية، فسافر عبر أقطار عديدة من تونس إلى بكين، بلغراد، هانوي، طرابلس، الرباط، براغ ودمشق وغيرها من العواصم التي نزل بها حاملا علم الجزائر، وقد لعب فريق جبهة التحرير الوطني 62 مقابلة فاز في 47 مقابلة وتعادل في 11 منها وانهزم في 04 مقابلات فقط، وواصلت تشكيلة فريق جبهة التحرير دورها الرياضي النضالي إلى غاية 1962 أين شكلت النواة الأولى للفريق الوطني الجزائري. وكانت تشكيلة فريق جبهة التحرير في صورة: مخلوفي، برطال، شابري، حداد، بن تيفور، مازوزة، بومزراق، بن فضة، زيتوني، بوشوك، زوبة، معوش، بوبكر، كروم، براهيمي، بوشاش 1، دودو، بوشاش 2، بوريشة، بخلوفي، ستاتي، كرمالي، دفنون، سوخان 1، عريبي، واليكان، سوخان 2 ورواي. عصر التتويجات والإنجازات الجيل الذهبي يجسد الحلم... بفضل مجموعة من اللاعبين المتميزين أمثال رابح ماجر، لخضر بلومي، صالح عصاد، مصطفى دحلب ونور الدين قريشي والبقية، وبعد ميدالية ذهبية في الألعاب الإفريقية 1978 وأخرى في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، استطاعت الجزائر أن تصل إلى نهائيات كأس العالم عامي 1982 بإسبانيا و1986 بالمكسيك، أين شهد العالم بأسره عندما قهر الجزائريون الألمان في كأس العالم 1982 وسمي ذلك الحدث ب "ملحمة خيخون"، حيث فاز الخضر على أحد المرشحين للتتويج بالكأس 2-1 في أول ظهور للجزائر في هذه المنافسة، بعد ذلك تعثروا أمام النمسا 0-2 ثم تفوقوا على الشيلي 3-2 لكن 4 نقاط ( الفوز تلك الفترة كان = 2 ن ) لم تكف لتأهل الخضر إلى الدور الثاني بسبب التلاعب في نتيجة مباراة ألمانيا - النمسا (جاء الاعتراف منذ أشهر فقط أي بعد 25 سنة على لسان بريغل وكرانكل)، ومنذ تلك الدورة غيرت "الفيفا" قوانين البرمجة، حيث صارت اللقاءات الأخيرة الخاصة بالمجموعة تلعب كلها في نفس التوقيت لتجنب الغش. المشاكل تشتت الشمل في الميكسيك 4 سنوات بعد "ملحمة خيخون"، انتقل الخضر إلى المكسيك بقيادة "الشيخ" رابح سعدان للمشاركة في دورة كأس العالم 1986، وكانت المشاكل قد شتت شمل الفريق، وهذا ما أدى إلى المردود المتواضع رغم التعادل مع إيرلندا الشمالية 1-1 والمباراة التاريخية التي خسرها الخضر أمام البرازيل بهدف جاء إثر خطأ في الدفاع، مع وضوح سيطرت الجزائر لدرجة أنه من يغض النظر عن لون اللباس لا يفرق بين الجزائر والبرازيل، ثم انهزم الخضر مع المنتخب الإسباني نتيجة التعب والإرهاق، أما على المستوى القاري فيوجد في رصيد الخضر نجمة واحدة، وكان ذلك سنة 1990 في الجزائر (البلد المنظم)، حيث وصلت إلى النهائي من دون عناء كبير، وفازت على نيجيريا بهدف جميل أمضاه "شريف وجاني". العشرية السوداء رمت الكرة القدم الجزائرية إلى الهاوية بعد 1990 دخلت الجزائر في دوامة العشرية السوداء من خلال تدهور الأوضاع الأمنية التي يعرفها الجميع، حيث تضررت كلالمجالات، ومست بشكل ملحوظ كرة القدم في بلادنا، فتوالت المهازل والكوارث حتى صار الفريق الوطني يقدم أداءً بعيدا كل البعد عن مستواه المعهود، ومن منا لا يتذكر حادثة 1994 عندما أقصي الخضر من كأس إفريقيا بسبب إقحام لاعب معاقب، وسنة 1998 عندما كانت الجزائر أحد الفرق المرشحة لنيل التاج الإفريقي بقيادة مهداوي، لكنها سرعان ما صارت أحد الفرق التي تخرج من الباب الضيق، ومن منا لا يوجعه قلبه عندما يتذكر الإهانة أمام مصر 5-2 والهزائم مع الدول الإفريقية التي كانت لا ترى المنتخب الجزائري إلا في التلفزيون، ففي هذه الفترة الصعبة التي مر بها منتخبنا كانت أحسن النتائج هي التأهل إلى الدور الربع النهائي سنتي 1996 و2000 لكأس إفريقيا، فيما أضحى التأهل إلى كأس العالم بمثابة الحلم. زملاء منصوري، زياني وعنتر يعيدون الأمل بعد تأهل الخضر إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2004 بتونس، ظن الجميع أنها ستكون مهزلة جديدة للمنتخب، لكن العكس هو ما حدث لأن الجزائر فرضت التعادل على العملاق الكامروني، وقهرت مصر رغم النقص العددي، أين استطاع أن يسجل اللاعب آشيو هدفا تاريخيا، وفي دور الربع نهائي لعبنا مع المغرب وكنا متأهلين حتى الدقيقة 91، لكن الرياح لم تجر كما تشتهيه السفن، أخطاء فادحة في الدفاع أدت للخسارة فانتهت المباراة وخلفت أحداثا كارثية في الملعب وشوارع مدينة صفاقسالتونسية، راح ضحيتها العشرات من الجزائريين الأبرياء، وبالرغم من الخسارة المدوية التي ضيعنا بها التأهل، إلا أن الفريق كسب فريقا ولاعبين شبان في صورة زياني، منصوري وعنتر يحيى، وعرف عن هؤلاء حبهم الكبير لألوان الجزائر، واستطاعوا أن يكسبوا قلوب الجزائريين في ظرف وجيز، في الوقت التي تبقى النقطة السوداء هي الغياب عن كأس أمم إفريقيا 2006 والهزيمة النكراء أمام الغابون 0-3 في عقر الدار، ليتولي المدرب الفرنسي "جون ميشال كافالي" العارضة الفنية للخضر أين استطاع أن يحقق نتائج إيجابية، وكان بمثابة المنعش للمنتخب الوطني المتصدر في مجموعته بدون انهزام، ومقابلة بطولية أمام العملاق الأرجنتيني، ولكن الهزيمة في 5 جويلية ب 2/0 أمام الفريق الغيني أخلطت جميع الأوراق، ثم كانت المقابلة الودية ضد المنتخب البرازيلي من بين أحسن المقابلات بالرغم من انهزامنا بشرف ب 2-0، والكل اعتقد أن ما جرى في ملعب 5 جويلية هو عبارة عن سحابة ومرت، لكن كل آمال المنتخب الوطني تبخرت عندما انهزمنا في غامبيا 2-1 بعدما كنا متفوقين بهدف اللاعب رفيق صايفي. أم درمان محطة لن تنسى، وجيل بودبوز لم يخيب وبعد 24 سنة من الغياب على الساحة العالمية، استطاع أشبال المدرب "رابح سعدان" أن يرفعوا علم الجزائر في جنوب إفريقيا التي احتضنت كأس العالم سنة 2010، بعد المباراة الفاصلة التي لعبها أمام مصر في أم درمان التي اكتست بألوان الأخضر والأبيض والأحمر يومها، واستطاع المدافع عنتر يحيى أن يؤهل الجزائر إلى كأس العالم بضربة صاروخية لم يتمكن الحارس المصري "عصام الحضري" من صدها، ليطلق الشعب الجزائري العنان لأفراحه وتتبحبح آلاف حناجر الجزائريين الذين خرجوا للشوارع ليبينوا للعالم أنهم عادوا بعد غياب دام 24 سنة، وتواصلت أفراح الجزائريين عندما وصل "الخضر" إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا التي جرت في أنغولا سنة 2010، فبعد التعثر أمام مالاوي عندما انهزم بثلاثية كاملة، استطاع زملاء القائد عنتر يحيى أن يعودوا للواجهة ويتأهلوا إلى الدور الثاني، عندما فاز على المنتخب المالي بهدف من رأسية حليش وتعادل سلبي المنتخب المنظم، ثم جاءت المباراة التاريخية أمام فيلة كوت ديفوار الذين كانوا من بين أحسن المنتخبات الإفريقية، ولكن كتيبة الشيخ سعدان استطاعت أن تزيحهم بثلاثة أهداف من إمضاء مطمور، بوقرة وبوعزة، مقابل هدفين لرفقاء دروقبا، ثم انهزم المنتخب الجزائري أمام نظيره المصري في مباراة أقل ما يقال عنها أنها مسيرة من طرف الحكم كوجيا. كما لم يخيب جيل المهاجم المتألق رياض بودبوز، قادير، لحسن، والبقية الذين اختاروا البلد الأم وفضلوا تقمص ألوان الجزائر على الانضمام إلى منتخب الديكة، في منافسة كأس العالم التي جرت بجنوب إفريقيا سنة 2010 من خلال المباراة التاريخية أمام المنتخب الإنجليزي بقيادة "كابيلو" والتي انتهت بالتعادل السلبي. مونديال البرازيل حلم يراود الجزائريين، وحاليلوزيتش كلمة السر بالرغم من خسارة المنتخب الوطني أمام مالي بهدفين دون مقابل في تصفيات كأس العالم 2014 المقررة في البرازيل، إلا أن الجزائريين جد متفائلين بمردود المدرب الوطني "وحيد حاليلوزيتش" الذي استطاع أن يحقق سلسلة من الانتصارات والنتائج الايجابية في جل المباريات الرسمية والودية التي قادها منذ مجيئه على رأس العارضة الفنية، كما يأمل الجزائريون من الناخب البوسني أن يؤهلهم إلى مونديال كأس العالم المزمع إقمتها في البرازيل سنة 2014، ويكتب اسمه في تاريخ الكرة الجزائرية التي صنعها الرجال في رحم الثورة والمعاناة