تجد مصالح مديرية السكن والتجهيزات العمومية بسطيف نفسها أمام وضع لا تحسد عليه، جراء تنامي ظاهرة الأحياء القصديرية التي أحاطت بعاصمة الولاية من كافة جوانبها. والتهمت مساحات معتبرة من الفضاءات العقارية التي كان من المفترض أن تحتضن مشاريع السكن التساهمي، في إطار المخطط الخماسي الجاري والمقدرة بنحو 18 ألف وحدة. واستنادا لمصدر مقرب من ذات المصالح، فإن هذه الظاهرة التي أضحت تشكل هاجسا للسلطات المحلية امتدت في الآونة الأخيرة إلى مناطق فرماتو وشوف لكداد والباز. التي غزتها المئات من البيوت القصديرية على حساب أزيد من 20 هكتارا مخصصة أصلا لمشاريع السكن التساهمي والترقوي لفائدة سكان عاصمة الولاية. وعليه فقد سارعت مؤخرا المصالح المعنية والمتمثلة أساسا في مديرية السكن وديوان الترقية والتسيير العقاري إلى إقامة جدار عازل، بين هذه البيوت القصديرية وباقي الجيوب العقارية لكي لا تمتد إليها يد المواطنين الراغبين في إقامة المزيد من هذه البيوت التي توصف ببيوت العار، كما هو الأمر بمنطقة الباز التي أختيرت كمنطقة نموذجية لتجسيد مشاريع السكن التساهمي، غير أن زحف مثل هذه البيوت التي تفتقر لأدنى شروط العمران أفسدت حسابات المصالح المذكورة ووضعتها في موقف محرج. الملاحظة نفسها تسري على منطقة «فرماتو» على المحور الرابط بين ولاية سطيف وبجاية، أين استحوذ العشرات من المواطنين القادمين من القرى والمداشر المجاورة على مساحات هامة من الأوعية العقارية، ليظهر بذلك نسيج عمراني يضم نحو 300 بيت قصديري تنعدم به أدنى مظاهر الحياة العصرية. يحدث كل هذا في الوقت الذي تشكو فيه مدينة سطيف من شح غير مسبوق في الفضاءات العقارية الشاغرة الموجهة لاحتضان المشاريع الإنمائية المبرمجة في مختلف القطاعات، وهو الإشكال الذي بات يعصف بكل الجهود المبذولة في هذا المجال إذا لم يتم استدراك الأمر في أقرب الآجال الممكنة. والجدير بالذكر أن ظاهرة الأحياء القصديرية التي كانت عاصمة الهضاب العليا وإلى وقت قريب في منأى عنها، أضحت في الآونة الأخيرة واعتبارا لجملة من العوامل واقعا معاشا وعبءا ثقيلا ضاعف من هموم المدينةو التي تضم زهاء 2200 بيت قصديري تفتقر لأدنى الشروط الصحية وقواعد العمران. في سياق ذي صلة، كشف مصدر محلي يتابع الملف عن كثب، بأن سلسلة اللقاءات الماراطونية التي جمعت مؤخرا مجمل المصالح والهيئات المعنية لم تتمكن من الخروج بالحلول المناسبة التي من شأنها تفكيك شفرة هذا الإشكال الذي يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات والرهانات، خاصة في ظل شح برامج السكن الاجتماعي التي كانت تراهن عليها الجهات الوصية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلى حين معالجة الأزمة من خلال وضع مخططات عملية تساهم في القضاء على هذه الظاهرة التي وفضلا عن تشويهها للنسيج العمراني لولاية سطيف، تجعل المجتمع يتخبط في مختلف الأمراض والآفات الاجتماعية التي تتربص به من كل الجهات والنواحي.