سادت في مجتمعنا منذ القدم ومع اقتراب شهر رمضان عادة اجتماعية تعرف ب "الوزيعة" التي كانت تتم في العديد من القرى والأرياف، ولكن هذا التقليد على ما يبدو بدأ يشقّ طريقه نحو الزوال بسبب موت أو هجرة من كانوا يواظبون على هذه العادة الحميدة. مع اقتراب شهر رمضان من كل سنة كانت العديد من القرى والمداشر في كثير من ولايات الوطن تشهد حركيّة خاصة في إطار ما يعرف بالوزيعة، حيث يقوم أعيان القبيلة بجمع الأموال من عند السكان ليعاد توزيعها على الفقراء منهم أياما قبل بداية رمضان، فيما كانت قبائل أخرى تستغل ذلك المال الذي يتم جمعه من أجل شراء عدد من الكباش أو الثيران ليتم نحرها وتوزيع لحمها على الفقراء والمعوزين. ومن أجل التعرف على مصير هذه العادة في مجتمعنا، اتصلنا ببعض السكان في بعض القرى، وكان أولهم عمي "علي" من "أزفون" بولاية تيزي وزو والذي انفجر ضاحكا بمجرد أن سألناه عن الوزيعة، ليؤكد من خلال حديثه أن هذه العادة شقت طريقها إلى الزوال في العديد من قرى ولاية تيزي وزو، بعدما كانت مداشرها مسرحا لهذه الصورة البارزة من صور التكافل الاجتماعي، يقول في الصدد ذاته: "صحيح أنّ العديد من قرى ولاية تيزي وزو كانت تقيم عادة الوزيعة ولم يكن يقتصر الأمر على رمضان فقط، بل في أغلب المناسبات الدينية أما الآن فنحن لا نشهد هذه الظاهرة إلا قليلا". تركنا "علي" لنتصل ب "رابح" بمنطقة "الحمام" من ذات الولاية علّنا نجد إجابة أخرى، لكنه أكد تقريبا نفس الكلام السابق بل واستطرد يفسّر اندثار عادة الوزيعة تدريجيا من المجتمع الجزائري، حيث أرجع محدثنا ذلك إلى موت أعيان القبائل وشيوخها دون أن ينقلوا هذه العادة كما ينبغي إلى بقية الأجيال، ومنهم من هجروا الأرياف إلى المدن ولم تبق إلا بعض العائلات المحدودة الدخل. أما عن التحضيرات هناك فيقول المتحدث أنها لا تختلف عن السنوات السابقة، حيث يسعى كل واحد لتوفير المواد الواسعة الاستهلاك مثل الزبيب، فيما يحرص البعض على تحضير الكسكس والفريك بطريقة تقليدية، فيما أخذت بعض المسنات على عاتقهن توفير بعض الأواني الفخارية لتزيّن المائدة الرمضانية. "مصطفى" من عين الدفلى أكد بدوره أنه لا أثر للوزيعة في القرية التي يقطن فيها، والسبب أن أغلب سكانها من البسطاء ولا يوجد من يأخذ بهذه المبادرة، يقول في السياق: "إن كل واحد صار يبحث كيف يلبي احتياجاته الخاصة قبل حلول الشهر الفضيل خاصة مع الارتفاع الفاحش في الأسعار". أما "عبد القادر" من غرداية، فأكد أن العديد من القرى من الولايات الجنوبية تقيم قبل رمضان ما يعرف بعادة الوزيعة، حيث يكلف الأطفال والشباب بطرق أبواب كل البيوت وجمع ما أمكن جمعه كل حسب إمكانياته، ليعاد توزيع تلك الصدقات على اختلافها لكل من يحتاجها، ويعتبر ذلك بداية للأفعال الخيّرة التي لطالما دأب عليها المواطنون نظرا للمكانة الكبيرة التي يحظى بها الشهر الفضيل في مجتمعنا.