يرى متخصصون إنّ السبيل الأنسب لتعميم استعمالات الطاقة النظيفة في الجزائر، يكمن في نشر ثقافة السكنات الذكية التي تتغذى من مصادر طبيعية، ويبرز هؤلاء في إفادات خاصة ب «السلام»، أنّ السكنات الذكية التي تشهد تناميا في الجزائر، تتيح تحييد ربع الطاقة الملوّثة هناك، وتتفادى ما هو حاصل حاليا من انقطاعات وأعطال. تتأهب الجزائر لإنجاز 600 بناية بكفاءة طاقوية عالية، حيث ستشتغل هذه السكنات بالطاقة الإيجابية مسخّنات، لوحات شمسية) وستكون بمثابة سكنات مستقلة جرى افتتاحها بنموذج سكني لبناية تجريبية بضاحية السويدانية غربي العاصمة. ويقترح مهنيون نموذج السكنات الذكية التي يتم تغليفها بصفائح كهرو ضوئية مولّدة عن طريق الطاقتين الحرارية والشمسية، بما يزوّد قاطنيها بالكهرباء بمستوى عال من الأمان وبأقل التكاليف على نحو ذكي ومقتصد، علما أنّ إنتاج 200 ميغا من الكهرباء دوريا، يستجيب لمتطلبات مليون شخص بجميع أنشطتهم واستعمالاتهم المنزلية والصناعية. ويعدّد «سيد علي مخفي» الرئيس المدير العام لمجمع صناعي مختص في تصنيع الطاقات المتجددة، مزايا تعميم السكنات الذكية ليس في الجزائر فحسب بل في كامل أرجاء المعمورة، مشيرا إلى أنّ تزويد هذه السكنات بالطاقة الشمسية، سيمكّن من تسخين المياه وتدفئة المنازل بالطاقة النظيفة وتقليص الاعتماد المفرط على الغاز الملوّث، خصوصا مع كون الطاقة النظيفة موردا غير قابل للنفاذ، ويختزل محدثنا المسألة بقوله :»حانت ساعة مسك الثور من قرنيه». بدورها، تدافع «فتيحة سحنون» الباحثة بالمركز الجزائري لتطوير الطاقات المتجددة، عن جدوى السكنات الذكية التي تسهم بمنظورها في خفض استعمال 25 بالمائة من الطاقة الملوّثة، فضلا عن حماية هذه السكنات للنسيج البيئي وإتاحتها فرصة للطبيعة كي تتنفس في بلد ابتلعه ولا يزال هاجس الاسمنت الذي طال المساحات الخضراء. وتلّح سحنون على ما يترتب عن إلباس السكنات الذكية ثوبا طاقويا نظيفا من تحجيم التسربات الغازية، ناهيك عن اقتصاد الطاقة بما يدفع مسار التنمية المستدامة، وفي سياق تجريبي، جرى افتتاح عشرات البنايات المزوّدة بالصفائح الشمسية بضاحية السويدانية غربي الجزائر العاصمة. كما يشير المتخصص «حكيم شويتح» إلى قرب الانتهاء من إنجاز 400 سخان مائي فردي في مرحلة أولى، سيعقبها إنشاء 10 آلاف مسخن مائي جماعي بمساهمة حكومية تبلغ 35 بالمائة وذلك في آفاق العام 2014، على أن يتم إنشاء مليون سخان مائي بحلول سنة 2030، ستساعد على تكثيف استخدام الطاقة النظيفة، على منوال تجهيز 600 بناية نموذجية بكفاءة طاقوية عالية، حيث ستشتغل هذه السكنات بالطاقة الايجابية (مسخّنات، لوحات شمسية) وستكون بمثابة سكنات خضراء بأبعاد بيئية، اجتماعية، اقتصادية. ويمكن للسكنات الذكية يشرح سيد علي مخفي - أن توظّف الصفائح الكهرو-ضوئية في توليد الطاقة الكهربائية، واسترجاعها بشكل منهجي في تسخين المياه، بدل تركها تتبخر في الهواء، مثلما يمكن للنظام الكهرو-ضوئي أن ينتج 70 بالمائة من المياه الصحية الساخنة للمنازل وسائر البنايات، وبالتالي الحيلولة دون الاستمرار في إهدار مليارات الأمتار المكعبة من المياه خلال سنوات قليلة بكل ما يمثله ذلك من خطر شح مائي في البلاد. من جانبها، تذهب الخبيرة «عائشة عظامو» إلى أنّ معطيات المرحلة في الجزائر كما جهات متعددة في سائر ربوع الكوكب الأرضي، تقود إلى حتمية توسيع نطاق السكنات الذكية، بحكم ما تتيحه هذه السكنات المصممة من خدمات وفق أحدث معايير وتكنولوجيات، من فرص الابتعاد عن الإضرار الصناعي بالطبيعة والتوازنات البيئية، ما يجعل من تكريس نمط السكنات الذكية خيارا استعجاليا في ظل الحلول الحاسمة والنوعية التي تقترحها السكنات إياها على سائر قاطنيها. ولعلّ ما شهدته الجزائر في تاريخها الحديث على الأقل من تباينات وشروخ عراها تفاقم التلوث، لما حوّل عاصمة البلاد من بيضاء إلى كالحة، يقود حتما ليس إلى تحوير السياسات العمرانية المنتهجة، بل وإخضاع هذه السياسات إلى روح اقتصاد الطاقة، وترسيخها كممارسة دائمة. ويرشح خبراء الجزائر كي تأخذ دورا طلائعيا كممون كبير للكهرباء الخضراء نحو الأسواق الأوروبية، نظرا لامتلاكها أكبر نسبة تشميس سنوية في العالم بأزيد من 3 آلاف ساعة، وقابليتها لتحقيق تراكمات طاقوية تصل إلى ألفي كيلو واط ساعة للمتر المربع الواحد، إضافة إلى كنزها من المياه الجوفية التي يربو وعاؤها الإجمالي عن الثلاثين مليار متر مكعب، وهو مخزون استراتيجي ثمين. قوة استثمارية ضاربة يرى مستثمرون وباحثون وخبراء، أنّ تسريع حلقات السكنات الذكية يشكّل نقطة تحوّل ستنعش تنفيذ برنامج الجزائر في ميدان الطاقات الإيجابية، وسيجعل قوة الجزائر ضاربة على أكثر من صعيد. وترى الباحثة «عائشة عظامو» أنّ برنامج إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر بديلة والذي جرى افتتاحه سنة 2010، يسير بشكل جيّد رغم الانتقادات، وأبرزت الخبيرة البارزة في الألواح الكهروضوئية، أنّ الحراك جار لإنتاج 2000 ميغاواط من طاقة الرياح، 2800 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية، إضافة إلى 7200 ميغاواط من الطاقة الحرارية، وهو وعاء سيوفر للجزائر 12 ألف ميغاواط بحلول العام 2020، بما سيضمن 40 بالمائة من الاكتفاء الذاتي للجزائر وحاجياتها الطاقوية عن طريق توليد الكهرباء الشمسية من مصادر غير حفرية. وفي سياق تعليقها عما يكتنف الاستثمار في ميدان الطاقات المتجددة، ركّزت فتيحة سحنون على حاجة البرنامج الوطني الحالي الماسة إلى المناولة، وهو ما حمل الرئيس المدير العام لمجمّع سونلغاز «نور الدين بوطرفة» على الإقرار قبل فترة بعدم قدرة سونلغاز لوحدها على تجسيد مشروع مصنع الرويبة، تماما مثل ورش أخرى كمشروع بوركيكة للأبراج الشمسية، وضرورة الاستعانة بجهود كافة فاعلي الطاقات الايجابية في الجزائر. إنجاز 400 سخان مائي فردي في مرحلة أولى إلى ذلك، كشفت سحنون عن الانتهاء من إنجاز 400 سخان مائي فردي في مرحلة أولى بإعانة 45 المائة تتحملها الدولة، على أن يعقبها إنشاء 10 آلاف مسخن مائي جماعي بمساهمة حكومية تبلغ 35 بالمائة وذلك في آفاق العام 2014، على أن يتم إنشاء مليون سخان مائي بحلول سنة 2030. وتربو كلفة البرنامج الوطني للطاقات المتجددة عن ال120 مليار دولار، ستتحمل الخزينة العمومية نصفها (60 مليار دولار)، وتبحث السلطات حاليا عن شركاء من أجل تمويل بقية البرنامج الممتد على مدار ال 19 سنة القادمة. واعترفت سحنون بعراقيل ومشاكل تعترض مسار البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، وهي ناجمة بحسبها عن عدم التحضير الجيد من لدن المعنيين، والافتقاد لثقافة التخطيط المسبق، بما يفسر كل الاختلالات والإرجاءات التي تطبع مصنع الرويبة للألواح الشمسية على سبيل المثال لا الحصر -. ويٌرتقب بحسب عظامو أن يسهم الانتهاء من هيكلة المجمع الجزائري لصناعيي الألواح الكهروضوئية في دفع قاطرة البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة في الفترة ما بين سنتي 2011 و2020، تمهيدا للشوط التالي 2020 2030، خصوصا مع استيعاب الجزائر لما يزيد عن 200 مؤسسة خاصة في ميدان الطاقات المتجددة. ورافعت سحنون لأجل تثمين برنامج الطاقات المتجددة، طالما أنّه ينطوي على أبعاد ثلاثة بيئية، اجتماعية، اقتصادية، ويساعد على خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة تختص بالمناولة، ملفتة إلى أنّ الجزائر لا تعاني من جانب القوانين، لكن هناك نقص في مجال النصوص التطبيقية ما افرز فراغا تشريعيا. وجرى تقسيم مشاريع التسعة أعوام المقبلة بين 20 ولاية بجنوب وشمال البلاد وكذا في الهضاب العليا، حيث تم تجميعها في أربع فروع خاصة بالطاقة الشمسية والحرارية والهوائية والهجينة ما بين غاز الوقود وتوربينات الغاز والطاقة الشمسية، علما أنّه سيتم تجسيد 27 مشروعا لإنتاج الطاقة الشمسية والصفائح الضوئية بطاقة 638 ميغاواط. وسيتم إنجاز أهم المحطات بين شمسية حرارية وهوائية في ولاية الجلفة بطاقة 48 ميغاواط، إلى جانب مناطق أولاف بولاية أدرار، تين آلكوم بولاية إليزي، وكذا بشار، وسيتم تشغيل هذه المحطات بالطاقة الهجينة بين الشمسية والدييزل والغاز موجهة لمناطق الجنوب التي لم يتم ربطها بشبكة التوزيع الوطنية. وتتطلع السلطات للقيام بتجارب حول مختلف التكنولوجيات المتوفرة لمشاريع نموذجية بين 2011 و2013، على أن يتم توسيع البرنامج لاحقا من خلال تفعيل المتعاملين الخواص والعموميين في تطوير الطاقات المتجددة، وجعل الجزائر تأخذ مكانتها الإستراتيجية كممون كبير للكهرباء الخضراء نحو الأسواق الأوروبية من خلال تصدير عشرة آلاف ميغاواط بالشراكة، ورفعها إلى مستوى 22 ألف ميغاواط بحلول سنة 2030. وكانت الجزائر بدأت في شهر جويلية 2011، تشغيل أول محطة كهربائية حرارية غازية شمسية بمنطقة حاسي الرمل، وبلغت كلفة المحطة إياها 350 مليون يورو، وتصل طاقتها الإنتاجية 150 ميغاواط، بينها 30 ميغاواط من الطاقة الشمسية. يُشار إلى أنّ المجمع الجزائري لصناعيي الطاقات المتجددة تأسس في التاسع سبتمبر 2011، ويُحظى المجمع المذكور بمباركة واسعة وجانب كبير من التأييد، برز عبر تجاوب مختلف ناشطي المؤسسات الناشطة في ميدان الطاقات البديلة، والحراك الذي يقوده مهنيون لوضع هذا المجمع على محك الاستثمار الجاد والعقلاني المستدام.