عائلات تعرضت لاعتداءات «مجموعات مسلحة» وأخرى اضطرت لدفع «غرامات» المرور غياب تام للمسؤولين ونواب البرلمان محل استهجان، وشركة التوزيع تلغي ندوة صحفية
فجر مواطنون بعدة أحياء في بلدية قسنطينة ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، انتفاضة عارمة شلت حركة السير بالوسط الحضري وأغلقت كامل المنافذ المؤدية إلى المدينة، احتجاجا على توالي انقطاعات التيار الكهربائي لساعات طويلة، فيما عجزت السلطات الأمنية على التحكم في الوضع وتعرض أصحاب المركبات إلى اعتداءات من طرف «بلطجية» استغلوا مشاهد الاحتجاجات وتسللوا مندسين وسط المتظاهرين . ونقلت مصادر محلية متطابقة ل»السلام»، أن عدة عائلات توجهت للتسوق ليلا بمحلات المدينة، تعرضت إلى عمليات سرقة من طرف مجموعات شبانية اعترضت طريق المركبات وتعمدت توجيهها إلى مسالك أخرى قبل أن تنقض على الضحايا في غياب تام للوحدات المكلفة بالسهر على أمن المواطن. وتابعت المصادر أن عشرات العائلات اضطرت إلى منح ما بحوزتها إلى «البلطجية» دون أي مقاومة خشية من تعرضها إلى الأذى، على خلفية أن قطاع الطرق كانوا مدججين بالأسلحة البيضاء والسيوف. وفي انحراف خطير، أقدمت مجموعات شبانية تفرغت لغلق الطرقات مباشرة بعد الإفطار، على فرض أتاوات على المارة مقابل السماح لهم بالعبور. وأكد مصدر موثوق أن أفراد عائلته تعرضوا فعلا لابتزاز «جماعات مسلحة» أجبرتهم على دفع مبالغ مالية تتراوح بين 100 دينار إلى 200 دينار جزائري للفرد، وقد مكنت جولة ميدانية قادت «السلام» إلى عدد من الأحياء التي شهدت انقطاعات متكررة وطويلة المدى للتيار الكهربائي من الوقوف على مشاهد هوليودية أبطالها شبان مفتولي العضلات وآخرون حفاة عراة يحملون سيوفا وخناجر لإرهاب المارة واستفزازهم، حيث عاشت العائلات لحظات رعب حقيقية في غياب تام لعناصر الأمن مثلما حدث بأحياء بوذراع صالح، ماسينيسا، كوحيل لخضر، واد الحد، الدقسي، الفوبور، الأمير عبد القادر،شارع رومانيا، زواغي سليمان، البير، الكلم الرابع، بن شيكو، بومرزوق والسيلوك.. وامتدت الحركات الاحتجاجية لتشمل بقية البلديات التابعة لقسنطينة على غرار زيغود يوسف وديدوش مراد والمدينةالجديدة علي منجلي التابعة لبلدية الخروب، اشتعلت مباشرة بعد موعد الإفطار الذي تم تحت الشموع، وفي ظروف أقل ما يقال عنها إنها مأساوية بكل المعايير. وفي نقاط متفرقة من الاحتجاجات رفع المتظاهرون هتافات مناهضة للخدمات «الرديئة» لشركة توزيع الكهرباء ومنددة بتماطل المسؤولين المحليين وغيابهم التام عن المشهد المحلي، ونال نواب البرلمان نصيبهم من الاتهامات والانتقادات التي تشجب عدم الوفاء بالوعود التي قطعوها على أنفسهم أيام الحملة الانتخابية التي قذفت بهم إلى قبة المجلس الشعبي الوطني شهر ماي المنقضي. وتواترت أنباء من وسائط متعددة ، مفادها تسجيل محاولات حرق منشآت تابعة لشركة «سونلغاز» التي توعدها مئات التجار والحرفيين وحتى المواطنين البسطاء بملاحقتها أمام جهاز القضاء بتهمة تسببها في خسائر مادية فادحة، مثلما هو الشأن بالنسبة لعدد من تجار اللحوم والمواد الغذائية الذين تعطلت ثلاجاتهم نهائيا وتعرضت المواد المودعة في أجهزة التبريد إلى التلف. واللافت في الموضوع، أن مصالح «سونلغاز» ظلت بعيدة عما يحدث في الميدان وغير مكترثة بالتداعيات الخطيرة التي أعقبت توالي الانقطاعات الكهربائية، ولم تستفق مديرية التوزيع بعد ثلاثة أيام من الظلام الدامس الذي غرقت فيه المدينة برمتها، سوى ببيان حمل معطيات شحيحة وتضمن عبارة اعتذار قصيرة جدا لم تعبر بصدق عما حدث حيث قللت خلية الاتصال و العلاقات العامة بالمؤسسة من خطورة الوضع القائم وبررت الأمر بعطب مسّ المحول الرئيسي لتوزيع الكهرباء بحي بومرزوق، واعدة بتصليح الأعطاب المترتبة في أسرع وقت ممكن. وفسّر صحافيون إلغاء الشركة لندوة صحفية كانت مبرمجة عصر أمس الأول، بأنها محاولات يائسة من إدارة المؤسسة للتهرب من تقديم إجابات مقنعة حول مسببات الظلام الدامس الذي غرقت فيه المدينة والبلديات المجاورة لها. في السياق ذاته، ندد المتظاهرون في مختلف مواقع الاحتجاجات التي ألهبت مدينة قسنطينة بتصريحات الرئيس المدير العام لشركة «سونلغاز» نورالدين بوطرفة التي أكد فيها استمرار انقطاعات الكهرباء ودراسة رفع أسعار استهلاك الطاقة في القريب العاجل، واستنكر الغاضبون تهرب المسؤول الأول على الشركة من المسؤولية وتحميلها للمواطنين لما دعاهم إلى الاقتصاد في استغلال الطاقة وأوعز الانقطاعات إلى الضغط الكبير الذي فرضته العائلات التي صارت حسب بوطرفة - تستهلك ما نسبته 60 بالمائة من المعدل الوطني. وفيما يتواصل غليان الشارع المحلي بشكل ينذر بانفجار الجبهة الاجتماعية أكثر مما هي عليه الآن، يسجل المسؤولون المحليون غيابهم التام عن المشهد يتقدمهم الوالي نورالدين بدوي الذي تعودت مصلحة الاتصال والإعلام بديوان الولاية على تحرير بيانات وإرسالها عبر فاكسات الصحف، لكنها غابت هذه المرة ورفضت حتى التعاطي الإيجابي مع اتصالات ممثلي وسائل الإعلام.