صح عيدكم وكل عام وأنتم بخير، تقبل الله منا ومنكم، كانت هذه إحدى النماذج من الرسائل القصيرة وكذا الالكترونية التي وصلت في نفس الحين إلى عدد من الأهل الأصدقاء والأقارب بمناسبة العيد كنمط اتصال اجتماعي جديد يبدو أنه صار يحدث تغييرات تدريجية على العلاقات الإجتماعية ويهدد بالخصوص صلة الرحم. عوضت الرسائل القصيرة عبر الهاتف النقال، الزيارات العائلية التي كانت ذات أولوية خاصة في المناسبات، فما إن يحل العيد حتى تصل أعداد من رسائل التهنئة إلى مختلف الهواتف من الأهل والأقارب البعيدين، وحتى من لا تفصل بيننا وبينهم إلا مسافات صغيرة. «السلام” استطلعت آراء بعض المواطنين بخصوص مدى استعمالهم لرسائل “أس .أم . أس” في تهاني العيد ونظرتهم لهذا النمط الاتصالي، فكانت تلك الرسائل من وجهة نظر الكثيرين أفضل وسيلة اختصرت المسافات وقلصت تكاليف الإنتقال لأداء الزيارات التي تفرضها مناسبة العيد. واعتبر بعض من تحدثنا إليهم في هذا الموضوع أنّ الهاتف النقال أتاح لهم فرصة تبادل التهاني دون تكبّد عناء التنقل، كما اعتبرها البعض أفضل أداة للقضاء على بعض الخلافات. اللافت، أنّ إرسال التهاني عبر الرسائل القصيرة ظاهرة جديدة فرضها عالم الرقمنة الجديد، “ولا يمكن أن نبقى بعيدين عن هذا”، هكذا عبّر “سفيان” عن وجهة نظره في الموضوع وهو الذي بالكاد كان يتوقف عن إرسال التهاني عبر الهاتف. رسائل العيد وإن كانت تنال رضا البعض، هناك من رآها مجرد كلمات جافة تكتب بالفرنسية أو بالعربية المكتوبة بحروف لاتينية والتي تبقى غير مفهومة لدى البعض، كما عبّرت عن ذلك “فتيحة؛ التي تتنكر لهذه الطريقة في تبادل تهاني العيد، فيما أكّد البعض أنهم لا يستعملون الرسائل بل يفضّلون الاتصال مباشرة وإن كانت هذه الطريقة الأخيرة مكلفة كثيرا للبعض. زيارات العيد لا زالت ذات أهمية كبيرة لدى الكثيرين ولا يمكن الاستغناء عنها مهما حدث، فصلة الرحم هدف أساسي من وراء هذه المناسبة التي جاء بها ديننا الحنيف. هذا ويلاحظ تنوع وتعدّد عبارات التهاني التي ترد على شكل أبيات شعرية، بل وأصبحت مجالا يتنافس فيه البعض ما جعل كل واحد يختار رسائل ذات كلمات جميلة تلائم المناسبة وبكبسة زر يكون قد أرسلها إلى عدد من الناس، بل إنّ هؤلاء يحرصون على أن تأتي رسائلهم بالجديد من حيث العبارات وبالتالي يكون لها الفرصة لتنتشر أكثر فأكثر، ويلاحظ من خلال بعض الرسائل أنها تضم كل معاني الحب والود، الشوق والخير، فيما صيغت بعض التهاني على شكل دعاء. الرسائل الإلكترونية وسيلة جديدة لتبادل تهاني العيد يبدو أنّ الهاتف النقال ومختلف تكنولوجيات الاتصال الحديثة طغت على نمط الحياة العادية وتعدى ذلك إلى مختلف المناسبات، حيث عمد بعض الشباب إلى اتخاذ الرسائل الإلكترونية وسيلة سريعة لتبادل التهاني لأكبر عدد من المقربين والمعارف بل حتى للأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. في هذا الصدد، يقول بلال: “أنا شخصيا تعجبني طريقة المعايدة الإلكترونية، فلا يمكن أبدا زيارة كل الأهل والأقارب والالتقاء مع جميع الأصدقاء، لذا فالرسالة الالكترونية ستنقذنا من مواقف محرجة مع من تفصلنا عنهم مسافة طويلة”. وتعد الرسائل من أنماط التواصل الإجتماعي الجديد التي يزيد استعمالها عند فئة الشباب، ليبقى التساؤل المطروح هل هذه الطريقة الجديدة في تبادل تهاني العيد تهدد فعلا العلاقات الاجتماعية بالتفكّك؟. في السياق، تقول حميدة عشي، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الجزائر، أنّ الظاهرة ليست بالجديدة ولكنها في تزايد وانتشار من سنة إلى أخرى، ما ينمّ عن تحولات اجتماعية جذرية في ظل انتشار مختلف تكنولوجيات الإعلام والاتصال التي ستؤثر لا محالة على العلاقات الإنسانية على حد قول المتحدثة، فيما يرى البعض أنّ الأمر يبقى نسبيا، فصحيح أنّ طريقة تبادل العيد عن طريق الرسائل الالكترونية انتشرت بشكل ملفت للانتباه إلا أنها لا تؤثر على الأصل، فلا يمكن الاستغناء عن الزيارات لأنها النكهة الحقيقية للعيد، ولكن يبقى وقع الزيارات أشدّ تأثيرا على النفوس.