اعلم أن الصحة والعافية أفضل ما أنعم الله به على الإنسان، وأجزل عطاياه وأوفر منحه، ولا يتمكن العبد من حسن تصرفه، والقيام بأمر مولاه وتمام العبادة، إلا بوجودها وليس يعدلها شئ، وينبغي للعاقل أن يعرف مقدارها ويشكرها ولا يكفرها. روى عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "الصحة والفراغ نعمتان من نعم الله عز وجل مغبون فيهما كثير من الناس" انفرد بإخراجه البخاري. وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عبادا يضن بهم عن القتل، والزلازل والأسقام، فيطيل أعمارهم في حسن العمل، ويحسن أرزاقهم ويحييهم في عافية، وتقبض أرواحهم في عافية على الفرش ويعطيهم منازل الشهداء". وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لأن أعافي فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ورسول الله يحب معك العافية". وقال سعيد في قوله تعالى: {لتسئلن يومئذ عن النعيم}التكاثر، قال: عن الصحة. وروى عن عبد الله بن محصن الأنصاري: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا". أخرجه الترمذي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم، أن يقال له: ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد؟ " أخرجه الترمذي. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا عباس، يا عم رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة". رواه البزار. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سلوا الله اليقين والمعافاة، فما أوتي أحد بعد اليقين خيرا من العافية". أخرجه النسائي. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الناس لم يعطوا شيئا أفضل من العفو والعافية، فسلوهما الله تعالى". وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية" رواه الترمذي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما أسأل الله بعد الصلوات الخمس؟ فقال: "سل الله العافية". فأعاد عليه، فقال له في الثالثة: "سل الله العافية، في الدنيا والآخرة". وعن محمد بن عبد الرحمن القاري قال: وجدت في حكمة آل داود عليه السلام: العافية ملك خفي. وغم ساعة هرم سنة. وقال بعض الحكماء: العافية تاج على رؤوس الأصحاء، لا ينظرها إلا المرضى. وروى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرض فعيد، فقيل له: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ فقال: بشر. فقال له عائده: وأنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: نعم، قال الله تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} الأنبياء، فالخير الصحة والشر المرض. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال العافية. ومن جملة ما كان يدعو به: "اللهم إني أسألك صحة في إيمان، وإيمان في حسن خلق، ونجاحا يتبعه فلاح، ورحمة منك، وعافية ومغفرة منك ورضوانا" ومن ذلك: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي. اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي". رواه النسائي.