يخوض كثير من الأطفال خلال هذا الموسم تجربة مهمة في حياتهم بعد أن تطأ أرجلهم المدرسة لأول مرة، الحدث يعّد مشكلة حقيقة بالنسبة للأولياء وقطيعة للطفل عن محيطه الأسري، وهو ما يتطلب رعاية نفسية مسبقة وتضافر الجهود بين المعلمين والأولياء من أجل تجاوز مخاوف الطفل . عادة ما تظهر مخاوف الطفل خلال أول دخول مدرسي، من خلال البكاء ورفض الذهاب إلى المدرسة كما تنتابه مشاعر القلق وعدم الإطمئنان لأنه يترك محيطه الأسري الذي لم يفارقه طوال ست سنوات. إن هذه الحالات نرصدها أمام أبواب المدارس خلال كل دخول مدرسي ما يتطلب تكفلا نفسيا ،تفهما إنسانيا وصبرا طويلا. في السياق تقول فاطمة آيت محند أخصائية نفسانية مفسّرة تلك الحالة التي تنتاب بعض الأطفال عند دخولهم المدرسة لأول مرة، حيث يكون الطفل قد تعوّد على أشخاص معينين ونما في محيط يملأه حنان الأم ورعاية الأب وبمجرد أن يخرج لمحيط آخر فمن الطبيعي جدّا أن يشعر بالخوف، بمرور الأيام يشعر الطفل بتلك القوانين المدرسية التي يجب عليه الإلتزام بها على غرار تحديد موعد الدخول والخروج ومنعه عن كثيرمن العادات والسلوكات السابقة، هنا يشعرالطفل - حسب المتحدثة ذاتها - بضيق ويرفض العودة للمدرسة ليزداد الأمر حدّة في حال مارس الأولياء ضغطا على الطفل وحاولوا إجباره، وهوالتصرّف الخاطئ الذي حظي بانتقادات الأخصائية النفسانية التي نصحت بضرورة أن يحاط الطفل بالمحبّة والودّ والحرص على شؤونه. بالنسبة للتلميذ الجديد تكون المعلمة والأصدقاء وكل من يجدهم في المدرسة غرباء عنه، ويتوقع أن يتلقى الأذى، وهي النقطة التي قالت آيت محند، أن يدركها الجميع ويتعاملوا مع الطفل على أساسها. رفض المدرسة حالة تزيد عند طفل البيت هذا وأشارت الأخصائية أن هذه الحالات تزيد عند الطفل الذي لم يسبق له الإتصال مع المحيط الخارجي، فيما تقّل بالنسبة للأطفال الذين انخرطوا مسبقا في الروضات وكانوا أكثر احتكاك بالآخرين، تضيف في السياق ذاته: “نجد كثيرا من الأطفال الذين يتأقلمون بسرعة مع المدرسة لأنهم سبق لهم الالتحاق بصف دراسي معيّن سواء في المسجد أو الروضة، أين يكتسبون العديد من المبادئ الأولية وتكون لهم قدرة معينة على الفهم والإستيعاب”. وعن أهمية الروضة في تحضير الطفل للمدرسة تردف قائلة: “الروضة مهمّة جدا في حياة الطفل فزيادة على ما يتلقاه من مبادئ القراءة والكتابة يتعرف على عدد من الأصدقاء والمعلمين ويربط بهم علاقة، وبالتالي يتعوّد الطفل على المكوث خارج البيت بعيدا عن الأهل كخطوة ابتدائية برهنت على نجاعتها في مساعدة الطفل على التكيّف مع المحيط المدرسي”. من خلال ما اوضحته الاخصائية النفسانية تبرز لنا أهمية مرحلة ما قبل الدراسة في تهيئة الطفل معرفيا وسلوكيا. على الأم أن تعوّد طفلها على فراقها من أكثر الأسباب التي تصعب على الطفل التكيّف في المحيط المدرسي، هو شدة ارتباطه بوالديه خاصة الأم التي تمثل له قيمة الحب، الحنان والطمأنينة، ومن أجل تفادي سلبيات ذلك تنصح المتحدثة الأمهات بضرورة مراعاة هذا الجانب وتعويد الطفل على أن يبقى بعيدا لبعض الوقت عن أمه، مع محاولة إفهامه ما هي المدرسة، لما يذهب إليها، من هم الناس الذين يجدهم فيها، ما هي مهامهم، وكيف يتعامل معهم؟، كما قدمت الأخصائية جملة من النصائح لتفادي خوف الطفل من المدرسة ومن أبرزها ضرورة أن يرسم الأولياء صورة ايجابية عن المعلّم في ذهن الطفل، ومن الأفضل أن يكون للطفل صديق في عمره ليتجه معا نحو المدرسة، كما نصحت بمدح الطفل الذي يلتحق بالمدرسة لأول مرّة وتشجيعه بهدف أن يكتسب ثقة أكبر في نفسه، وكلّما تعاملنا مع الطفل بشدة وعنف خلال الأيام الأولى من الدراسة كلما زاد كرهه للمدرسة ومن فيها. كما ينصح الأولياء إتباع أسلوب المكافأة، حيث يكافأ الطفل على الأيام الأولى التي يقضيها في المدرسة ويحسن خلالها التصرف أثناء تواجده في الصف. إن هذه المهمة لا تتم بين يوم وليلة بل تتطلب وقتا طويلا قبل التحاق الطفل بالمدرسة. مهمة صعبة في انتظار معلمي الابتدائي زيادة على ما ينتظرهم من المقرر الدراسي، يلعب معلّمو الإبتدائي دورا مهمّا في تحبيب المدرسة للطفل، حيث تقول آيت محند، أنه يجب على كل معلّم أن يعمل على أن توطيد علاقته بتلاميذه من خلال التعامل معهم بلين، ويجب عليه أن يفهم أن المدرسة وما فيها تشكل بيئة غريبة بالنسبة للطفل ويحتاج إلى وقت من أجل التعوّد والتأقلم وهذه الفترة تختلف من طفل إلى آخر على حد شرح المتحدثة. إن مشكلة عدم الإنضباط داخل القسم من أهم المشاكل التي تنظر معلمي الابتدائي، وحسب الأخصائية فإنها تتطلب أسلوب تعامل وتربية خاص، ولكن تبقى الأيام الأولى حساسة جدا لا يبغي فيها أن نكون صارمين مع الطفل، مع تجنّب أي تصرف يجعل الطفل يكره المعلم ويكره الدراسة معه.