الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    المغرب: لوبي الفساد يتجه نحو تسييج المجتمع بالخوف ويسعى لفرض الامر الواقع    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    الشباب يهزم المولودية    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم الحظر.. اتساع مملكة الصفيح في الجزائر
المدن محاصرة ب700 ألف بيت قصديري يقطنه مليون شخص

تشهد “مملكة" الصفيح في الجزائر، اتساعا رغم الحظر الرسمي، وشروع السلطات في تطبيق مخطط وطني واسع لتطهير المدن الكبرى من أحياء العبور وما تعجّ به من أكواخ قصديرية منذ سنة 2008.
وتشير إحصائيات حديثة تنفرد “السلام” بنشرها، إلى أنّ عموم المدن باتت محاصرة بأكثر من 700 ألف بيت قصديري، بينها أكثر من 65 ألفا على مستوى العاصمة وضواحيها، وانتقل العدد الكلي لقاطني هذه الأحياء من 776,7 ألف ساكن سنة 2000 إلى حوالي 827,6 ألف ساكن خلال الفترة الأخيرة. وتشكّل الظاهرة التي برزت أول مرة منتصف سبعينيات القرن الماضي، شبحا كبيرا زادت حدته في السنوات الأخيرة، وأضحت مصدر وجع رأس عجزت الدولة بكل هياكلها عن مداواته، مع أنّ الجهاز التنفيذي نفذ عشرات عمليات الترحيل التي شملت سكان هذه الأحياء التي باتت طفيليات لاصقة اكتسحت كل مساحة فارغة. وأدت الآثار السلبية لانتشار بيوت الصفيح في مناطق مختلفة إلى تحرك عاجل للسلطات لإيجاد حل كفيل بالقضاء عليها وإزالتها في العديد من المناطق خاصة تلك الواقعة في العديد من البلديات الحساسة، على غرار تلك الواقعة في أماكن استيراتجية محاذية لرئاسة الجمهورية وهيئات سيادية.
تكاثر الصفيح أفرز الفوضى
لم تعد الجزائر البيضاء تُرى بالعين المجردة بعدما عمت أسقف الصفيح والزنك معظم المناطق، بفعل ما أفرزته من انتشار فوضوي للنفايات والخردة في كل بقعة منها، مثلت النتيجة السلبية لتواجد مثل هذه السكنات الفوضوية والمشيدة بطريقة أقل ما يقال عنها عشوائية.
وفي إفادات خاصة ب«السلام”، أحصت ولاية العاصمة ومصالحها المختصة أزيد من 65 ألف بيت قصديري على مستوى العاصمة وحدها، وحسب تأكيدات المصالح ذاتها، فإنّ النسبة مرشحة للصعود مع ظهور عدد من الأحياء الفوضوية الجديدة التي تكاثرت، علما أنّها لم تظهر إلا منذ أشهر قليلة.
واستنادا إلى مصادر “السلام”، تستوعب بلدية وادي السمار أكبر تجمع قصديري بات في السنوات الأخيرة يهدد حياة قاطنيه خاصة بقربه من الوادي، ويمثل الحي المذكور أهم علامة فيما يوصف ب«مملكة الصفيح”، ولا يقف الامر عند هذا الحد فقط، إذ أنّ انتشار بيوت الصفيح بالعاصمة في السنوات الأخيرة، مس البلديات الكبرى والمرموقة، حتى أن تواجدها بات بمحاذاة المقرات الرسمية. هذا الأمر دفع بالسلطات والهيئات العليا إلى العمل على إيجاد تدابير للأزمة وتكثيف العمل للقضاء على هذه النوعية من السكنات خاصة بعد الخطورة التي باتت تشكلها والمعركة التي انطلقت بين قاطنيها والسكان الأصليين فضلا عن السلطات.
وارتكز مخطط عمل الحكومة على تدابير صارمة اتخذتها هذه الأخيرة لمحاربة الظاهرة بداية من أربع بلديات، أولها الأحياء المتواجدة بالمقاطعة الإدارية للحراش، تليها براقي وباش جراح وبوروبة، إذ أنّ الدولة دعمت العاصمة ب35 ألف وحدة سكنية وهذا مع نهاية سنة 2008، لتنطلق عملية القضاء على بيوت الصفيح سنة 2010 والتي سميت “سنة إزالة الصفيح”.
ورغم أنّ محمد عدو الكبير، والي الجزائر العاصمة، طمأن سكان المدينة الأولى في البلاد أنّ سنة 2014 ستكون عام نهاية بيوت الصفيح، مستندا إلى العمليتين الكبيرتين اللتين أقرهما البرنامج الولائي بهذا الشأن، إلاّ أنّ معاينات ومؤشرات تدفع المراقبين للجزم بانتفاء صحة توقعات المسؤول الأول عن ولاية العاصمة.
سكان الصفيح: مجتمع أخر.. ظروف مزرية.. والزوالية مغلوب على أمرهم
إن زيارتنا لجل البيوت القصديرية بالجزائر العاصمة، أثبتت لنا حقيقة أن كلها تتشابه في بنيتها وطابعها والقاسم المشترك بينها هي صفائح الألومنيوم والزنك وغيرها من مواد البناء البسيطة التي استعان بها سكان الصفيح لتشييد بيوت تتألف عادة من غرفتين، وفي جولاتنا لأكثر من حي قصديري، لاحظنا أنّ معظم العائلات لا يقل أفرادها عن الخمسة، فضلا عن أنها تحمل الديكور نفسه. ويلمح الزائر للوهلة الأولى الهوائيات المقعرة التي تعتلي سطوحا من القصدير، وأسلاكا كهربائية متشابكة، فضلا عن أن معظمها تستفيد من الكهرباء بالطرق العشوائية، وهي الصورة الطابعة لجل البيوت القصديرية فمثلا الحي القصديري بوادي السمار لا يختلف عن درقانة أو براقي أو باش جراح، هي ميزة كلية وصورة لا يمكن أن تمحى من الذهن، لأنها عالقة وأصبحت نسخة طبق الأصل في عدة أحياء قصديرية.
اللافت، أنّ سكان إمبراطورية الصفيح يشكلون عائلة واحدة أرهقتها الظروف وقست على بعضها يد الإنسان لتحويها بيوتا وأحياء تفتقر لأدنى الشروط الضرورية للحياة، حيث أفاد العديد من القاطنين بها أنهم يتجرعون معاناة أكثر من 30 سنة للبعض منهم والذين حتمت عليهم الظروف الاجتماعية تدشين بيوت لحمايتهم فقط، لتتناساهم السلطات المحلية بالرغم من ملفات السكن التي أكد عظمهم أنهم أودعوها منذ أكثر من 20 سنة، ولكن ولغاية كتابة هذه الأسطر لم تتلق معاناتهم أذانا صاغية، وفي الوقت الذي أجمع هؤلاء في أحاديثهم أنّ أسباب انتشار بيوت الصفيح على مستوى العاصمة هو العامل الأمني، حيث أجبر تدهور الأوضاع خلال العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر، آلاف العائلات على الهروب من أماكن إقامتها الأصلية خوفا من ويلات الإرهاب وكحماية لهم ولأبنائهم. وكانت العاصمة هي المفر الوحيد لهؤلاء، ووسط أزمة السكن التي تشهدها الجزائر، تنامت أحياء الصفيح في بوزريعة، بني مسوس، باش جراح، باب الوادي، السمار، حتى منطقة ساحلية كبوسماعيل، ما نسج خيوط العنكبوت هنا وهناك، وحرّك الذي حصل ويحصل احتجاجات عارمة في مختلف الأحياء و البلديات. وبموازاة اتساع أحياء الصفيح، ظلت لغة الوعود الكاذبة أمل قاطنيها في حياة كريمة، سيما في أحياء كارثية على غرار وادي الحفرة ببلدية واد السمار، أنها شبيهة بالحياة البرية للحيوانات بعد أن تحولت الأحياء القصديرية لمكان خصب لتكاثر وانتشار مختلف الحيوانات والحشرات الضارة، لتصبح الجرذان والثعابين الرفيق الدائم للسكان رافعة بذلك حصيلة الحوادث التي يتعرض لها يوميا أطفال الصفيح، حيث أكدت لنا إحدى العائلات بحي لوميار بالابيار، أنها فقدت إحدى فلذات كبدها جراء لسعة ثعبان أصابت بنتها الصغرى في إحدى الأيام الصيفية، لتتفق كل الأسر المتواجدة بالأحياء القصديرية على تكرار سيناريو العيش وسط الجرذان ناهيك عن انتشار الحشرات اللاسعة.
روائح كريهة وأمراض متفشية
لتستمر معاناة السكان مع المشاكل التي خلقها لهم تواجدهم في الأحياء القصديرية، وهذا للانتشار الفادح للقمامة بها وتحولها لمكان تراكمها حيث أن كل الأحياء تعيش في تلوث رهيب عجزت حتى السلطات المحلية في القضاء عليه، وهو الأمر الذي نتج عنه الانتشار الرهيب لها والتي باتت تطبع الأمكنة ناهيك غياب قنوات الصرف الصحي بها، وهو ما زاد الطين بلة وساهم في إصابة 99 بالمئة من سكان القصدير بأمراض صدرية ومزمنة، وكذلك في ظهور عدد من الأوبئة بها، إذ يؤكد لنا احد أرباب البيوت بحي وادي السمار أن كل أولاده باتوا ونتيجة للظروف المحيطة بهم يعانون من الحساسية والربو هذا أولا للرطوبة العالية التي تميز بيوتهم في انعدام التهوية وكذلك لتواجد حيهم بالقرب من الوادي، وهو ما ألزمهم من جهة ثانية دفع أكثر من 4000 دينار جزائري كل شهر، وهي فاتورة دواء لأطفالهم التي باتت كل الفصول نقمة عليهم. ليضيف لنا السكان سرد مآسيهم أن جل الأحياء القصديرية باتت تشكل بؤرة للانحراف ومختلف الجرائم التي انتشرت بشكل رهيب، حيث أن العديد من الأولياء أكدوا أن الظروف المحيطة بأولادهم حولتهم لأناس يحبون الانتقام لواقع صعب على الفرد التكيف معه ومعايشته، وهو ما شكل المحيط المناسب لنمو الجريمة في الأحياء القصديرية.
ملجأ أخير للبعض ومتاجرة للبعض الاخر
تعرف العاصمة اكتظاظا وانتشارا واسعا ومستمرا لحد الساعة للبنايات للفوضوية، اذ تتربع هذه الاخيرة على قمة المشاكل التي تنغص الحياة في المنطقة، وبغية تقديم صورة واضحة عن واقع هذه المعاناة اقتربت “السلام” من سكان بعض الاحياء القصديرية في العاصمة، و اخترنا كعينة أولى، الاحياء العشوائية التابعة لبلدية المقرية، ويمكن تقسيمها لقسمين، الجزء الاول يمتد من مترو الجزائر الى ما يعرف بوادي اوشايح، تعرف أحياء هاته المنطقة بناءات يمكن القول عنها أنها معقولة الشكل، فالكثير من سكانها جهزوا بيوتهم بشكل لائق نوعا ما، كما أنها مزودة بعدادات الكهرباء، وشبكة الصرف الصحي وعدادات الماء، وحتى جمع القمامة متوفر بالحي، وحسب تعليقات بعض السكان لا ينقصنا سوى العنوان . لكن هذا الترف لهذا الحي العشوائي ليس تكرما، انما نظرا لأهمية المنطقة خاصة أنها ملاصقة للمترو من جهة وكذا بمحاذاة الطريق السيار من جهة ثانية. بعد مرورك عبر هذا الحي تصل الى الجهة السفلى من أحياء العبور، وهنا ستجد عالما آخر مجموعة واسعة من بنايات جد هشة منشأة على منحدر يشرف على وادي “أوشايح”، وكثيرا ما يشكل هذا الوادي خطرا على السكان خاصة في الأيام الممطرة، وارتفاع منسوب مياهه، كما أنهم يعتمدون في عبروهم هذا الوادي على جسر حديدي مبسوط بعرض لا يتعدى المتر، ممتد على ضفتي الوادي. ولا ينتهي الأمر عند خطر الوادي فحسب، فالمباني هشة تسرب المياه شتاء وتتسبب بحرارة خانقة صيفا، خاصة ان معظمها من الصفيح، فضلا عن عدم توفر مرافق الصرف، وكذا تكدس النفايات هنا وهناك وانتشار الحشرات وتكاثر الجرذان. فعلا تشعر هناك بأنه عالم أخر خاصة بعدما قامت بلدية المقرية ببناء جدار فاصل على طول هاته الأحياء. الحي الأخر الذي زارته “السلام” هو الحي الفوضوي بجسر قسنطينة، اذا أردنا تلخيص حالته فيمكن وصفه بالوضع الكارثي. مجموعة هائلة من البنايات القصديرية على مد النظر، تتنقل اليها بعد المرور على سكة الحديد العابرة للمنطقة، لتجد هناك ثقبا بجدار السكة منه تعبر لعالمهم الخاص بنايات من الصفيح، أبواب سيارات، حطب، ولك أن تتخيل شكل المسكن الناتج عن هكذا مواد بناء ..
الحي تعمه النفايات وسط هاته الفوضى تكب قنوات الصرف الصحي فضلاتها في جو كهذا أطفال يلعبون وهناك يكبرون، ولا تسأل عن الوضع الصحي، فغالبية السكان ركزوا على إنتشار الأمراض التنفسية على وجه الخصوص بسبب الرطوبة بالدرجة الأولى. لكن تبقى هاته الأوضاع في تفاقم في ظل عدم توفر حل جذري في الأفق، ففي حين يتهم السكان المصالح المعنية بعدم الالتفات اليهم، فمنهم من يقيم هناك منذ أزيد من ثلاثين سنة دون أن يستفيد من سكن. من جهة مناقضة هناك العديد من سكان هاته الأحياء من استفاد سابقا، لكن يلجأ لكراء منزله أو حتى بيعه بعد استيفاء دفع ثمنه ومن ثم العودة للبناء الفوضوي في انتظار سكن آخر، وبعضهم يملك سكنا خاصا به لكنه يأبى الا أن يستفيد من سكن أخر مثل السيد نذير بحي المقرية وهذا بشهادة جيرانه. وهنا ينطبق المثل الشعبي القائل: “واحد يفسدها على مائة”.
فأكيد هناك عائلات أجبرتها ظروفها على هكذا وضعية، خاصة الوضعية الأمنية أيام العشرية السوداء وما رافقها من نزوح نحو العاصمة، أما البعض الأخر فأجبره ضيق المسكن العائلي وعدم قدرته على اقتناء مسكن خاص على اللجوء للبناء الفوضوي. لكن في المقابل هناك من يستغل هاته الأحياء للتستر على أعماله، خاصة أنها غير خاضعة للرقابة الأمنية، لذا يلجأ اليها الكثير من المشعوذين على وجه الخصوص.
البزنسة والربح السريع.. حصيلة إضافية للقصدير
برزت في الفترة الأخيرة خاصة بعد رواج القرار الرئاسي القاضي بازالة البيوت الهشة، نشاط سري لجأ إليه العديد من قاطني البيوت القصديرية والمواطنون الذين يسعون للظفر بسكن واغتنام الفرصة. وهو ما يتداول في أوساط الشارع الجزائري والعاصمي خاصة، وهذا لكل الراغبين بسكن على مستوى عاصمة الولاية بالبزنسة في القصدير، حيث وصل في بعض أحياء الصفيح أسهم البيت الواحد المتكون من غرفة واحدة وساحة ومطبخ إلى 40 مليون سنتيم، وهذا حسب ما أكده لنا معظم القاطنين فيها، فيما وصلت البعض منها والتي هي في وضعية أحسن وأوسع من الأولى إلى 100 مليون سنتيم.
وظهرت مؤخرا حركة كثيفة للمتاجرة ببيوت الصفيح في ظل الإشاعات التي عمت العديد من الأحياء كوادي السمار وبوزريعة وبني مسوس وخاصة في البلديات التي أشيع ان فترة الترحيل فيها قد قربت ساعاتها الأخيرة، كالأحياء القصديرية بباب الوادي وبراقي التي أعدت من البلديات الأولى التي سوف تمسها عمليات الترحيل وهذا للأضرار الكبيرة التي لحقت بقاطنيها، والغريب في الأمر -وحسب ما أفاد به معظم المواطنين- انه في الفترات الأخيرة اتخذت من بيوتها وسيلة لتحقيق الربح السريع، حيث أنهم اضطروا إلى تقسيم بيوتهم وبيعها حسب الغرف لتباع الغرفة الواحد بمساحة صغيرة جدا ب4 ملايين لا تعد مساحتها 4 أمتار، وهي الظاهرة التي أفرزتها الحاجة عند البعض والطمع عند البعض الأخر.
منجزات عديدة لم تحوّل السواكن إلى متحركات
قامت الحكومة على مدار الأربع سنوات المنقضية، بمحاولات مكثفة لإيقاف انتشار ظاهرة الصفيح، وهدم البيوت القصديرية ومعالجة وضعية ساكنيها حالة بحالة، وكانت البداية من العاصمة. وبالرغم من سعي الحكومة وعملها المكثف للقضاء عليها إلا أنها بقيت عاجزة عن القضاء النهائي على ظاهرة بيوت الصفيح في العديد من بلدياتها خاصة في قلب العاصمة الأم. وقرّرت وزارة السكن والعمران، تخصيص 30 ألف وحدة سكنية على مستوى العاصمة فقط للمرحلين من الأحياء القصديرية، وهذا ضمن البرنامج الوطني الذي شرعت الحكومة في تطبيقه بواقع 70 ألف وحدة سكنية سنويا، لدعم برنامج الدولة في محاربة ظاهرة السكن الفوضوي. وخصصت الحكومة حاليا حصة تقدر ب250 ألف سكن خلال البرنامج الخماسي 2010-2014، للقضاء على البناءات القصديرية.
وكنتيجة حتمية للمشاكل المترتبة عن انتشار الأحياء القصديرية في العاصمة وزحفها الكلي في العديد من المناطق، عمدت الجزائر من خلال تقديم مشروع مكافحة الأحياء القصديرية في البلدان النامية إلى العمل أكثر من أجل تقليص هذه الظاهرة التي تفشت خلال السنوات الأخيرة، وذلك بهدف تحسين الظروف المعيشية لسكان هذه الأحياء، وتفادي تزايد عدد الأحياء العشوائية في البلدان النامية.
وأكّد ممثلو الجزائر خلال المشروع الذي تم تقديمه أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، في شهر جانفي الماضي، على ضرورة مضاعفة الجهود لأجل تحسين الظروف المعيشية لسكان الأحياء القصديرية، مطالبة في الوقت ذاته من المؤسسات المالية والمانحين الدوليين بمضاعفة الجهود من أجل دعم الاستراتجيات والمخططات الوطنية الرامية إلى تحسين الظروف المعيشية، كما دعا المشروع الحكومات إلى ترقية المدن وتعزيز دور السلطات الوطنية في سياستها وبرامجها التنموية، والتفكير في إدماج المدن والمؤسسات الحضرية ضمن برنامج الأمم المتحدة من أجل التنمية بعد 2015، حيث طالب من الحكومات القادرة على ذلك رفع مساهمتها لفائدة البرنامج الخاص بالسكن. لتوكل المهمة للجماعات المحلية بمساعدة وزارة السكن والعمران، ومصالح الدرك والأمن. وكانت الجماعات المحلية قامت بإحصاء دقيق لسكان هذا النوع من السكنات بعد تعليمات من الإدارة، وذلك قبل الشروع في عملية مسح المجمعات القصديرية.
للإشارة، فقد خصصت الوزارة 30 ألف وحدة سكنية على مستوى العاصمة لأجل المرحلين من البيوت القصديرية فقط، وذلك ضمن البرنامج الوطني التي شرعت الحكومة في تطبيقه ابتداء من سنة 2004، والقاضي بتخصيص 70 ألف وحدة سكنية سنويا بهدف دعم الدولة في محاربة ظاهرة السكنات الفوضوية والقضاء عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.