قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء. قَرَنَ الله سبحانه وتعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، بطاعته سبحانه وتعالى. وقال ابن القيم رحمه الله تعليقاً على هذه الآية في كتاب: "أعلام الموقعين عن رب العالمين": "أمر تعالى بطاعته استقلالاً، من غير عرض ما أمر به صلى الله عليه وسلم على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً، سواء كان ما أمر به فى الكتاب أو لم يكن فيه، فإنه أوتى الكتاب ومثله معه، ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالاً، بل حذف الفعل، وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول، إيذاناً بأنهم إنما يطاعون تبعاً لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن أمر منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته، ومن أمر بخلاف ما جاء به الرسول فلا سمع ولا طاعة" انتهى قلت: وعندما يقول تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فإن فعل الطاعة يكون واجباً لإحدى اثنتين: 1- الطاعة لذات الآمر بالطاعة (المطاع) وهو هنا: "الله والرسول". 2- وإما أن يكون فعل الطاعة واجباً لذات الأمر (أي الشيء المأمور به). فإن كانت الأولى فقد ثبتت حجية السنة واستقلالها عن القرآن لأننا مأمورون بطاعته صلى الله عليه وسلم، وإن أمرنا بشيء وظننا أنه غير موجود في كتاب الله. وأما إن كان فعل الطاعة متعلق بذات الشيء المأمور به، فإن هذا يلزمنا أن نقول أن في القرآن تكرار مخل ولا يجوز وهذا هو ما يقوله منكرو السنة بلسان حالهم لا بلسان مقالهم. (كيف؟). منكرو السنة يدعون أن طاعة الرسول المقصودة إنما تكون في تنفيذه لما جاء به القرآن، أما بخلاف هذا فلا. ذلك قولهم الذي يقولون. أما قولنا أن هذا يلزمهم أن يقولوا أن بالقرآن تكرار مخل ويتنافى مع الإعجاز بناءً على ادعائهم الباطل، فسببه أنه لو قلنا أن طاعة الله هي ذاتها طاعة الرسول، فمعنى هذا أنه عندما يقول الله (وأطيعوا الله) ويقصد به شيء ما ثم يقول: (وأطيعوا الرسول) ويقصد به نفس الشيء المأمور به في الأولى فلا شك أن هذا هو من باب التكرار المخل والذي لا يجوز في كتاب الله. وعليه فلا يجوز أن نقول أن طاعة الله المقصودة هي عين طاعة الرسول. وإنما المقصود بالآية الكريمة هي ذات الآمر وليس ذات الأمر. وهذا دليل قاطع على حجية السنة النبوية المطهرة.