خبراء اقتصاد يكذبون وزير التجارة ويؤكدون: رد عبد الرحمان عية الخبير في الشأن الاقتصادي، على تصريحات سعيد جلاب وزير التجارة القائلة إن “هناك إمكانية هذه السنة لعدم استيراد مادة القمح، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب”، أنها موجهة بالمقام الأول للاستهلاك الإعلامي، بحكم أنّ جميع المؤشرات الواقعية والاقتصادية لا توحي بذلك، خاصة لما تجلبه بواخر الواردات من مواد غذائية تشكل الحبوب النسبة الأكبر منها. وأضاف الخبير الاقتصادي، أن المعطيات التي نلاحظها بالعيان تؤكد الحاجة المستمرة للسوق الوطنية لاستيراد كميات معتبرة من الحبوب باختلاف أنواعه، وبالتالي فإنّ تصريحات جلاب على حد تعبيره تحمل أبعاد سياسية كونها موجهة خصوصا إلى الرأي العام الوطني، بينما يعيش القطاع الفلاحي الوطني حالة من التأخر والفوضى على كل المستويات الممكن تصورها. واستدلالا على ما ذهب إليه، أشار عبد الرحمان عية إلى الأرقام الأخيرة التي أعلنت عنها المديرية العامة للجمارك، بشأن الواردات الوطنية من المواد الغذائية خلال النصف الأول من السنة الجارية، والتي استقرت عند مستوياتها المرتفعة بالرغم من كل الإجراءات الرامية إلى تنظيم التجارة الخارجية والعمل على تقليص حجم عجز الميزان التجاري، الأمر الذي يؤكد حسبه عدم قدرة القطاع الفلاحي الوطني تحقيق الاكتفاء الذاتي وغلق باب الاستيراد بالنسبة لهذه المادة الاستهلاكية المهمة والأساسية. وصرح الخبير الاقتصادي، بأنّ تحقيق القطاع الزراعي هذا الهدف يفرض بلوغ نسبة تغطية لاحتياجات الوطنية بما لا يقل عن 70 في المائة، في حين لا يحقق القطاع في أحسن المواسم أكثر من 25 في المائة، فيما أشار إلى أنّ تصريح المسؤول الأول عن قطاع التجارة، يتزامن مع الإجراءات الأخيرة التي تعرضت لها المطاحن التي توقفت للأسباب ذات العلاقة بتهم لفساد وغيرها. وقال عية بالمقابل من ذلك إنّ تصريحات جلاب قد تجد تبريرات لها في كونها موجهة لفرنسا باعتبارها أكبر ممون للسوق الوطنية بالحبوب فضلا عن المواد الغذائية الأخرى، من أجل ممارسة نوع من الضغط، لاسيما مع تواصل قضية الشركة البترولية الفرنسية “توتال” وصفقة شراء أصول المجمع الأمريكي “أناداركو” بالتعاون مع “أوكسيدونتال”، في ظل عدم توفر الحكومة حاليا للخيارات لمواجهتها على الرغم من توفرها على حق الشفعة من الناحية القانونية. هذا وقد صرح وزير التجارة أول أمس أن هناك “إمكانية هذه السنة لعدم استيراد مادة القمح وذلك بفضل مختلف الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منها إجراءات التطهير الخاصة بالمطاحن”، موضحا خلال زيارة عمل وتفقد لعديد هياكل قطاعه بهذه الولاية الحدودية، أن “إمكانية عدم استيراد هذه السنة لهذه المادة الغذائية المدعمة يأتي نتيجة الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة ضد بعض أصحاب المطاحن المتحايلين على دعم الدولة للمواد واسعة الاستهلاك”. وأشار وزير التجارة إلى أنه من “شأن الإنتاج الوفير هذه السنة لشتى أنواع الحبوب وتثمين المنتوج المحلي من القمح الصلب واللين والشعير ، أن يجنب الجزائر هذه السنة استيراد القمح”. كما أقر وزير التجارة بوجود “تلاعبات” في قطاع استيراد الحبوب من فرنسا، مشيرًا إلى الدعم الحكومي لمزارعين تورطوا بقضايا فساد وتحايلوا على الدولة، خلال عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وتعد الجزائر من أكبر مستوردي القمح في العالم، ولاسيما القمح اللين الفرنسي، حيث بلغ حجم واردات الجزائر في 2018 من الحبوب عموما 3.1 مليار دولار بزيادة نسبتها أكثر من 11 بالمائة مقارنة بسنة 2017. وأخذت الحكومة مؤخرا مجموعة من الخطوات التي تهدف إلى تقليص واردات الحبوب وكذا مسحوق الحليب، في إطار سعيها للتغلب على انخفاض احتياطيات العملة الصعبة، حيث بلغ إجمالي الإنفاق على شحنات الحبوب والحليب أكثر من 50 في المائة من القيمة الإجمالية لواردات المواد الغذائية، والتي بلغت 8.57 مليار دولار في 2018.