يبحث ملتقى “الأدب والتاريخ” المُقام في العاصمة، على هامش معرض الجزائر الدولي للكتاب، وقائعية السرد، ويشهد الموعد تعاطيا موسّعا مع إشكاليتي توظيف الأدب للوقائع التاريخية في صور مختلفة منها الواقعية والأسطورية الخيالية، ودراسة مدى استفادة المؤرخين من النصوص الأدبية لتطوير أبحاثهم إلى جانب عرض تجربة المتدخلين مع التاريخ من خلال نصوصهم الابداعية. واستنادا إلى إفادات سليمان حاشي، رئيس الملتقى فإنّ الأخير المُفتتح صباح أمس، يشهد تواجد كوكبة من الأساتذة والباحثين على مستوى جامعة الجزائر، على غرار نجاة خدة، خولة طالب الإبراهيمي، مصطفى حداب، وفؤاد سوفي. ذكر المتحدث أن الملتقى الذي يجري في إطار النشاطات العلمية للطبعة ال17 من الصالون الدولي للكتاب، والاحتفالات الوطنية بخمسينية الاستقلال، مهدى إلى الكاتبة الجزائرية العالمية، آسيا جبار، التي استندت كثيرا على التاريخ في مؤلفاتها، وأبرزت موهبة وأصالة متميزين في أعمال جعلتها محط الأنظار والاهتمام عبر العالم ومكنتها من نيل أوسمة وجوائز مهمة، كما أنها ما تزال تواصل دربها بنفس السخاء والشغف. من جانبه، أشار فؤاد سوفي، إلى أن الاشكالية التي يتدارس الملتقى حيثياتها وأبعادها لم تتناولها الجامعة الجزائرية بعد، لافتا إلى الدور الذي لعبه، أبو القاسم سعد الله في هذا المجال ولم يترك بعده من يواصل المشوار، وقال المتحدث أن هذا الملتقى يعد التجربة العلمية الثقافية الاولى التي لا تعتمد فيها الجزائر على العرب أو الاجانب وتكتفي بالمختصين على مستواها، باستثناء المحور المخصص لدراسة الثورة الجزائرية في شعر العالم العربي الذي سيشارك خلاله السودان، مصر، تونس، المغرب، وفلسطين.. أما مصطفى حداب، فأكد أن التظاهرة تسعى إلى إبراز الحركية الغنية جدا والعلاقة بين الادب والتاريخ التي تبدو كلعبة المرآة، لتطوير السرد الوطني، إلى جانب التركيز على العلاقات بين التاريخ والأدب من خلال أعمال آسيا جبار التي وصفت وقائع اساسية عميقة في الثقافة الوطنية بجوانبها الخيالية والحساسة التي تثير المتلقي، بحكم أنها تتغذى من تخصصات مختلفة المشارب والقراءات. وأضاف حداب أنها ثقافة تتكون بحكم احتكاك الجانبين التاريخي والأدبي، حيث يعمل السرد الأدبي على بلورة جوانب من الحادثة التاريخية يستعصي على المؤرخ في كثير من الأحيان التطرق إليها جميعا، لتحفيز المخيلة وإيصال المتلقي إلى مرحلة الفضول التاريخي المؤدي إلى الشعور برغبة في الاطلاع أكثر وبالتالي اللجوء إلى بحور الأبحاث التاريخية. وركزت الباحثة، نجاة خدة على نقطة مفادها أن المعرفة المعمقة بالأحداث التاريخية وتبعاتها تغذي بشكل كبير العمل الابداعي الادبي، حيث يضع التاريخ القواعد والأسس العلمية التي يتبعها المؤلف في عمله الكتابي فيما بعد. للإشارة، أجمع المتدخلون على تثمين المبادرة التي تأتي في إطار الصالون الدولي للكتاب، وقالوا أنها مناسبة لخلق حوار بين الجانبين التاريخي والأدبي، وفتح المجال للمقاربات الأدبية للواقع الاجتماعي، حتى لا نفاجأ بمقاطعة بين الطرفين أو المجالين في المستقبل.