يشهد قطاع النقل البري في الجزائر ركاما من المشكلات والحواجز، حيث يتشكي ناشطوه من انتشار الدخلاء، وتكاثر المشاكل بجانب احتدام الصراعات ولد مشكل النقل استياء لدى العديد من المواطنين على مستوى القطر الجزائري، خاصة لدى المسافرين الذين يقطنون في مناطق بعيدة ويضطرون للتنقل بانتظام على مسافات طويلة. ولاستجلاء الموقف، تنقلت مندوبة "السلام" إلى محطة كبار معطوبي حرب التحرير الوطني بالخروبة بالعاصمة التي أنشأت في أفريل 1994، أين اقتربنا من فائزة بن سمان، رئيسة مصلحة الاستغلال بالمحطة المذكورة، التي قدمت لنا عديد الإفادات بشأن ما يجري هناك . 962 رحلة يومية وطنيا عن العدد الإجمالي للحافلات المخصصة لنقل المسافرين، تشير بن سمان إلى انتفاء إحصائية دقيقة تستوعب كل الحافلات باعتبارها تابعة لشركات خاصة، ويتم التعاطي مع المسألة - بحسبها- على أساس الرحلات التي تصل يوميا إلى 962 رحلة على المستوى الوطني، في وقت يصل عدد سيارات الأجرة إلى حدود ال146 عبر الوطن. وبشأن تنظيم ال962 رحلة يوميا، فهي تتوزع بين 109 رحلة لبجاية وجيجل، 131 رحلة خاصة بمنطقة الجنوب، أما الغرب فتم وضع 146 رحلة، بينما تحظى منطقة الشرق ب226 رحلة، في حين تستوعب تيزي وزو لوحدها 250 رحلة، بينما تكتفي ولاية بحجم البويرة ب66 رحلة فحسب يوميا، وتعكس الأرقام المذكورة حجم التباينات والشروخ الموجودة واللاتكافؤ في تغطية الناقلين لمختلف الاتجاهات عبر الوطن. وتنشطر الرحلات البرية عبر شكلين، منها الرحلات المضمونة والغير المضمونة، هذه الأخيرة تكون متوقفة أي لا تباشر عملية النقل والسبب هنا يرجع إلى عدة عوامل تعرقل حركة السير لدى الناقلين الخواص مثلا كحدوث عطب بالحافلة أو أي شيء أخر، ويتم برمجة الرحلات حسب رزنامة الوقت المحددة والتي يتم إعلام المسافرين بها مسبقا، لتسهيل مهمته في شراء التذاكر واختيار الرحلات التي تناسبه، علما أنّ مديرية النقل المركزية هي المسؤولة عن تنظيم وتحديد توقيت انطلاق الحافلات. ويبدي العديد من المسافرين تخوفهم الشديد حيال رداءة الحافلات وقدمها على الخطوط الطويلة والمتوسطة، وتعلق بن سمان بهذا الشأن، أنّ مصلحتها غير مسؤولة عن هذا الأمر، وتردف: "لا يهمنا نوعية الحافلة أو رداءتها فالسائق الخاص هو المسؤول عن ذلك، فبعد تقديمه لملف يحتوي على وثيقة تثبت سلامة الحافلة وصلاحيتها للنقل هذا كافي بالنسبة لنا، وغير ذلك هو من اختصاص مسؤولية الخواص. وإذ تفيد بن سمان أنّ الإدارة تأخذ نسبة 10 بالمئة بالنسبة للخطوط الطويلة وتقتطع 4 بالمائة فيما يخص نظيراتها المتوسطة، فإنّ رئيسة مصلحة الاستغلال بمحطة الخروبة، أنباء انتشرت عن رفع وشيك لتسعيرات النقل، حتى وإن كانت تترك الباب مفتوحا لأي زيادة، طالما أنّ الناقلين الخواص هم من يتحكمون في التسعيرات، وتقتصر صلاحيات مصالحها في تسيير شؤون المحطة والسهر على راحة المسافرين من خلال توفير جميع الخدمات اللازمة، بالإضافة إلى توفير منظمين يقومون بتوجيه المسافرين وإرشادهم. وتشهد محطة الخروبة العديد من المشاكل، وتوجّه أصابع الاتهام بشكل خاص إلى الخواص الذين غالبا ما يستعينون بأشخاص دخلاء على القطاع ويقدمون على ممارسة عديد السلوكيات المنحرفة، على غرار إجبار هؤلاء المسافرين بالصعود قسريا إلى الحافلات، وسط فوضى عارمة يعزوها مراقبون إلى المنافسة الشديدة بين الخواص، ما يفرز في كثير من الأحايين شجارات وتطاولات، وهي مظاهر غير حضارية أضحت منتشرة بكثرة. رهان على التدارك تعتزم الشركة الوطنية للنقل البري، التي تعد رائدا في مجال النقل استعادة مكانتها كرائد النقل البري للسلع مع توسيع شبكتها وتحديث أسطولها. وتنوي الشركة الوطنية للنقل البري الحفاظ على مكانتها كرائد في السوق الوطنية للنقل البري للسلع من خلال تعزيز أسطولها بشاحنات ذات حمولة كبيرة وتنظيم نشاطاتها وأداء دائم لموظفيها. وحسب المسؤولين، فقد شاركت الشركة التي تأسست سنة 1967 تطبيقا للأمر 67-130 المتضمن تنظيم النقل البري والمتخصصة في النقل البري للسلع في الورشات الكبرى للتنمية الاقتصادية للبلد. وكان لإعادة تنظيم الشركة الوطنية للنقل البري لمجمع صناعي متكون من عدة فروع أثرا ايجابيا في تحسين أدائها وإعادة انتشارها عبر معظم التراب الوطني. وهكذا انتقل رقم أعمال المجمع من 5 ملايير دينار سنة 2007 إلى أزيد من 8 ملايير دينار سنة 2011، أي بزيادة قدرت بنحو 40 بالمائة في غضون أربع سنوات. وحسب السيد فوزي عسلون، مسؤول المبيعات تسعى الشركة التي تتوفر على أسطول يضم 400 شاحنة جديدة وتعد 2.557 موظف و23 وحدة للشحن "للاستجابة لتطلعات زبائنها من خلال ضمان خدمات ذات نوعية". وعند إعادة هيكلتها إلى مجمع صناعي سنة 2002 أسست الشركة عدة فروع حيث يتكفل كل فرع بمهمة محددة من اجل ضمان تنوع نشاطاتها والاستجابة لمختلف حاجيات شركائها. وتتمثل إحدى الشركات الكبرى للشركة الوطنية للنقل البري، في فرع "لوجيترانكس" الذي يبقى بشاحناته ذات اللون "الأخضر الأبيض" في قلب نشاطات المجمع: نقل السلع عن طريق البر عبر الوطن وكذا نحو البلدان المجاورة مثل تونس وليبيا النيجر ومالي. وتجول شاحنات "لوجيترانس" بأكبر مناطق الجنوب الجزائري بالهقار والطاسيلي وحتى توات وغورارة والهضاب التي يزيد علوها عن 2000 متر وبالطرق الوعرة والريفية، للوصول بعد العديد من الأيام إلى مدن تمنراست وجانت وأدرار. كما تضم الشركة الوطنية للنقل البري فرع "أجيفال" المختص في تسيير الاستئجار، ويتكون من 33 وكالة محلية في حين تتكفل الشركة الجزائرية للمراقبة والخدمات بالحراسة والصيانة سواء لصالح الشركة الأم (الشركة الوطنية للنقل البري) أو لصالح مؤسسات أجنبية أخرى تعمل بالجزائر. كما تتكفل الشركة الجزائرية للمراقبة والخدمات بالتنظيف الصناعي ومكافحة الأوبئة والجراد ومكافحة الحشرات في الوسط الحضري. كما وضعت الشركة الوطنية للنقل البري فرعا يتكفل بنشاطات الصيانة والصيانة الوقائية، التي تشرف كذلك على صيانة الآلات وعتاد المؤسسات الأخرى. ووفق هذا الفرع الذي يتوزع على 19 وحدة ومركزا عملياتيا عبر التراب الوطني، في كسب ثقة العديد من كبريات المؤسسات والمجمعات الصناعية و البتروكيميائية العمومية، خاصة سوناطراك وصيدال ونفطال ونتكوم وكذا المديرية العامة للأمن الوطني. وساهمت الشركة الوطنية للنقل البري في إقامة المشاريع التنموية الكبرى التي باشرتها الجزائر خلال السنوات الأولى بعد الاستقلال، من خلال تزويد الورشات بمواد البناء والوقود والمواد الغذائية. وكان الفضل لسائقي هذه الشركة في غرس السد الأخضر وبناء المصانع والسدود والطرقات والمدارس و المستشفيات بمختلف مناطق الوطن، حيث كانوا يمولون آلاف الورشات التنموية الوطنية بمواد البناء المختلفة. ممثل اتحاد سائقي الأجرة للسلام: نطالب بإنهاء معضلة رخصة الطاكسي أكد عزوز بوقرو، الاتحاد الوطني لسائقي سيارات الأجرة، أنه يمكن تلخيص مشاكل الناقلين في عدة نقاط أهمها"رخصة الطاكسي" والتي تعد من الشروط الواجب توافرها لسائقي سيارات الأجرة الخواص عبر التراب الوطني، موضحا أن المشكل برز بقوة عبر ولايات وهران، مستغانم، سطيف، قسنطينة وكذا برج بوعريريج منذ عدة أعوام، والأمر ليس مقصورا بحسبه على العاصمة وباقي ولايات الوطن. وفي تصريحات خاصة ب"السلام"، يشدد بوقرو أنّ بداية معاناة سائقي الأجرة بدأت في اليوم الذي تم فيه تسهيل عملية تسريح السيارات ا لجديدة بولاية الجزائر، خاصة عن طريق الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب "لونساج"، أين شهدت إقبالا كبيرا على اقتناء السيارات من أجل إقامة "طاكسي" و كشف أن سيارات الأجرة وصلت إلى 12 ألف طاكسي، وهو كم هائل خلق أزمة كبيرة اليوم، طالما أنّ 7 آلاف سيارة أجرة فقط يمكنها أن تغطي الاحتياجات الكاملة لسائر المواطنين، متصورا أنّ الزيادات الحاصلة كانت لها آثار عكسية في ظل انعدام التوسعة للمحطات وباقي الشروط. وأكّد أنّ "رخصة الطاكسي" يجب أن تكون مجهزة فهي مفقودة لأنها تابعة للمجاهد وهو يستأجرها ب1 مليون سنتيم وعند وفاته تتغير لتصبح على اسم زوجته، كما أبدى تأسفه من المنحة والتقاعد وكذا من تغييرها على اسم حرم المجاهد، فيجب منح شهادة الليسانس لا امتلاكها، وتكمن الزيادة في تسعيرة ايجار هذه الوثيقة أن السائق الذي استأجر رقم التاكسي منذ 12 سنة أحيل على البطالة بسبب أن هناك من يضاعف مبلغ ايجارها بضعفين. وكشف محدثنا أن التسعيرات الحقيقية لسيارات الأجرة هي من 800 إلى 1200 دينار، فمنذ 10 سنوات لم يتم إقرار أي زيادات في التسعيرات، بالرغم من الزيادة في البنزين، لتخلق فوضى كبيرة في هذه السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنّ السلطات المسؤولة على علم بذلك لكنها لم تتدخل أي غياب عنصر الرقابة عقد الأمر وزاد من انتشار الفوضى، وقال بوقرو أن هناك العديد من العوامل المتداخلة التي أحالت سائقي الطاكسي القدماء على البطالة ونشر الفوضى، وتتمثل في تحضير شهادة ليسانس الخاصة بسيارات الأجرة، وكذا "لونساج" وشراء السيارات بالتقسيط. وأبرز اتحاد سائقي الأجرة اصطدام هؤلاء بشبح الضرائب، يقول محدثنا إنّ ممارسي المهنة يخوضون منذ سنة 1992 معركة لها أول وليس لها آخر، في ظلّ عدم تحديد الضرائب الواجب دفعها، كاشفا أنّ الضريبة الجزافية خلال الثمانينيات قدّرت ب4 آلاف دينار سنويا، في وقت يرهق جمهور السائقين كواهلهم بميزانيات ضخمة تنفق على اقتناء قطع الغيار.