بعد روايته الأخيرة الحاملة عنوان "متاهة آدم" يواصل الشاعر والكاتب الروائي بُرهان شاوي، وصف مصائر أبطاله في متاهتهم الأرضية، ليواجه كل ما يجري في وادي الظلمات من جرائم بحق الإنسان البريء المتهم دون جريمة، والمحاط بالأوغاد من طلاب السلطة الأرضية المغرية. ترصد الرواية التحولات العنيفة التي جرت في المجتمع العراقي بعد الاحتلال، وقيام السلطة الجديدة التي وجدت نفسها أمام الإرث الدموي والخراب الروحي للمرحلة التي سبقتها، لكنها لم تتخلص منها بل تماهت فيها وورثت عنها أقنعتها المظلمة، حتى أنها لم تتوان قط في استخدامها، كما تجاوزت كل الحدود في شهوتها المرعبة للمال وهوسها لإقصاء الآخر وإدانته بالتهم الجاهزة والمفبركة في رواية ترصد الفساد الأخلاقي والروحي للإنسان في مجتمع يعاني من انهيار قيمي مريع. بناء الرواية هو استمرار لأسلوب الكاتب في روايته السابقة "متاهة آدم"، حيث التداخلات في البناء الروائي، والبحث عن أساليب جديدة في السرد، إلى جانب الحرص الشديد في تتبع الحبكة الروائية. ونجد في هذه الرواية أن آدم البغدادي، الراوي الرئيسي في روايته السابقة "متاهة آدم" يُقتل، تاركاً مخطوطات عديدة، ومنها الرواية نفسها أي "متاهة حواء.. وادي الظلمات"، إلى جانب مخطوطة "نساء رينوار" ومخطوطة رواية "عميان الكاظم.. أو وليمة الأوغاد لعميان بغداد"، التي يحتفظ بها صديقه الكاتب آدم المحروم، فالجميع يواجهون مصائر مأساوية، سواء أبطال الروايات المخطوطة، أو من يتابعون مصائرهم على أرض الواقع في وادي الظلمات الحقيقي. ومن المعروف أن جميع أبطال الكاتب في كل رواياته بدءً من روايته "مشرحة بغداد" مروراً برواية "متاهة آدم" ووصولاً إلى "متاهة حواء"، يحملون الأسمين الرمزين للبشرية، فجميع الرجال هم "آدم" مع إضافة الكنية أو الصفة وجميع النساء "حواء"، مع اللقب أو الكنية، وبذلك يحاول أن يفلسف مسألة الفعل البشري، ويمنحه بعداً إنسانيا يخترق التاريخ والجغرافيا. ومن جهة أخرى، لم ينه الكاتب في هذه الرواية أحداث قصته، بل يفتحها على آفاق جديدة. فالكاتب "آدم البغدادي" الذي وُجد مقتولاً في شقته كان قد أنجز مجموعة روايات حصل عليها صديقه الكاتب "آدم المحروم"، وتمت قراءة واحدة من هذه المخطوطات الروائية، وهي التي تشكل متن رواية "متاهة حواء"، لكن "آدم المحروم" ترك قبل أن يُذبح في فراشه حقيبة لدى حبيبته "حواء الزاهد"، وهذه الحقيبة تضم روايتين للكاتب "آدم البغدادي" يحملان عنوان "نساء رينوار" ورواية "عميان الكاظم أو وليمة الأوغاد لعميان بغداد"، والتي ستقرأهما "حواء الزاهد" في أحداث رواية جديدة لم تكتب بعد فهي مشروع الكاتب برهان شاوي الجديد. للإشارة، صدرت رواية "متاهة حواء" عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت، في حوالي 510 صفحة من القطع الكبير. لتكون الرواية الرابعة بعد الجحيم المقدس، مشرحة بغداد، ومتاهة آدم.