بمناسبة الذكرى ال60 ككل سنة يتذكر سكان منطقة رقان جنوب ولاية أدرار نحو 150 كلم، مدى بشاعة الجريمة النووية التي أقبلت فرنسا الاستعمارية على القيام بها بمنطقة حمودية برقان وجعلت من أهلها فئران تجارب ومن طبيعتها الخصبة الشاسعة قطبا لتفجير نووي لم تبال فيه بالقيم الإنسانية، ولم تكترث بالآثار التي تنجم عن المساس بالبيئة وصحة أهل المنطقة بقدر أنها فكرت في نجاح التجربة بضرب عرض الحائط كل شيء، ومن أجل مواصلة الإعلام والباحثين تسليط الضوء على حجم المعاناة والآلام التي لاتزال قائمة إلى اليوم، وهي في تزايد جراء انتشار الإشعاعات النووية والإصابات السرطانية حيث تنقلت الجريدة إلي منطقة رقان للوقوف ونقل شهادات حول الآثار التي خلفتها التفجيرات النووية الفرنسة برقان، أين استيقظ سكان المنطقة في ذلك اليوم المشؤوم على أكبر تفجير نووي بتاريخ 13 فبراير سنة 1960. قدم عدد من سكان بلدية رقان بولاية أدرار شهادات حزينة حول تلك الآثار الناجمة عن التفجيرات النووية الفرنسية التي لا تزال آثارها متواصلة وتمتد إلى يومنا هذا على الرغم من مرور 60 سنة من تفجيرها، فسكان المنطقة لم ينسوا ما حدث وماهو معاش اليوم معهم، قائلين فى شهاداتهم بأن آثار هذه التفجيرات في تزايد بشكل واسع نتيجة زحف الإشعاعات النووية وخطرها على الصحة جراء ظهور عدة أمراض سرطانية إلى جانب تأثيراتها على البيئة. وجدد أهالي منطقة رقان مطالبهم إلى السلطات الفرنسية بضرورة التعويض المادي عن كل ما لحق بهم من أضرار نتيجة هذه التفجيرات إلى جانب انجاز مستشفيات لعلاج المتضررين في أمراض سرطانية متزايدة، كما يؤكد هؤلاء بأنه مهما كان حجم التعويضات فإنها تبقى غير كافية ولن تعوضهم عن كل الأضرار التي لحقت بهم والتي تتناقل بين الأجيال خاصة الصحية منها، أين لوحظ أطفال مولودين بتشوهات خلقية وبحسب بعض الأطباء من مستشفي رقان أن السبب يعود إلي انتشار الإشعاع النووي الذي أثر على الجينات. وعلى الرغم من مرور سنوات عديدة على هذه التفجيرات، إلا أن السكان من شباب وكهول يتحدثون عن هذه التفجيرات وجرائم فرنسا وكأنهم عايشوها نتيجة هذه الآثار المدمرة التي لا تزال شاهدة على جرائم الفرنسيين إلى يومنا هذا. ويذكر في هذا السياق شاب يكون في عقده الثالث المدعو إبراهيم بأن التفجيرات النووية الفرنسية حولت حياتهم في المنطقة إلى جحيم، وعلى الرغم من مرور فترة طويلة على هذه التفجيرات، لكن آثارها متواصلة على الأجيال الصاعدة، وكشف نفس المتحدث عن تزايد عدد الأمراض في العقدين الأخيرين، مفيدا أن أن سكان رقان بعد الاستقلال كانوا يتنقلون إلى أماكن التفجيرات لنقل الحديد وصفائح الزنك لاستعمالها في تغطية أسقف المنازل، ولم يكن السكان على دراية بخطر هذه المواد التي كانت تحمل الإشعاعات النووية، مضيفا أن قصر تاعرابت بالمنطقة يعد من أكثر المناطق تضررا بهذه التفجيرات، مشيرا إلى أن هذا القصر الذي يضم مئات العائلات فقط تم إحصاء به 50 إعاقة بالصم البكم إلى جانب عدة إصابات أخرى بالسرطان والتشوهات الخلقية وضعف البصر، ويضيف نفس المتحدث بأن بعض السكان الذين يجهلون تأثيرات هذه الإشعاعات الموجودة في مادة الحديد لا يزالون يستعملونها في أسقف المنازل إلى يومنا هذا. السرطان وضعف البصر والتشوهات الخلقية أكثر الأمراض بالمنطقة وعن الأمراض الأكثر انتشارا في صفوف السكان يتحدث طبيب عام يعمل بمستشفي رقان عن السرطان والتشوهات الخلقية وانتشار الإعاقات خاصة الصم البكم والإعاقات الحركية والذهنية سقوط الجنين، وكلها حسبه نتيجة آثار الإشعاعات النووية، كما أضاف أيضا عن أمراض جديدة نادرة غير معروفة من قبل يرجح أنها تكون من آثار الإشعاعات النووية التي بدأت تزداد في العقود الأخيرة. وفي السياق ذاته، تحدث عدد من مواطني رقان في شهاداتهم حول آثار التفجيرات النووية عن انتشار أمراض ضعف البصر، مؤكدين بأن الأمر لا يتعلق بكبار السن فقط بل حتى الأطفال أصيبوا بهذا المرض نتيجة تأثيرات الإشعاعات النووية، وهو ما يؤكد حسبهم امتداد آثار هذه الإشعاعات وتزايدها خلال السنوات الأخيرة. من جانب آخر وفي الوقت الذي اختار أغلب السكان الصمود والبقاء في رقان ومواجهة هذه الأخطار الناجمة عن التفجيرات النووية، اختار آخرون الرحيل والتوجه إلى المناطق الأخرى كأدرار وتمنراست هروبا من جحيم وآثار هذه التفجيرات والبحث عن مكان آمن لا تصله آثار الإشعاعات النووية لهذه التفجيرات. أراضي شاسعة فلاحية تحولت إلى أقطاب قاحلة تحدث سكان رقان عن التأثيرات الكبيرة للتفجيرات النووية على قطاعي الفلاحة والبيئة، ويؤكد العديد منهم في شهاداتهم بأن الأراضي الفلاحية بالمنطقة تحولت إلى أراضي قاحلة وجرداء، ووقفنا بالمنطقة على أراضي مجاورة لقصر الرقاني ووجدناها خالية من أي نبات أو شجر بعد أن كانت من الأرضي المنتجة ويذكر في هذا الإطار أحد سكان القصر المدعو محمد بأن رقان في سنوات الثمانيات كانت تصدر الطماطم إلى أوروبا في حين اليوم تراجع الإنتاج بشكل كبير نتيجة تزايد الإشعاعات النووية، كما تراجع بشكل كبير إنتاج القمح والحبوب المختلفة ولم يعد المحصول وافرا كما كان عليه من قبل، كما تأثرت أشجار النخيل هي الأخرى بالتفجيرات النووية، ودلنا أحد الشيوخ مهتم بالفلاحة أثناء تواجدنا بقصر الرقاني على الحالة التي أصبحت عليها أشجار النخيل التي ذبلت أغصانها وتساقطت نتيجة هذه التفجيرات كما أنها لم تعد مثمرة ونظرا للتأثر الكبير لقطاع الفلاحة بالتفجيرات النووية وتحول مساحات كبيرة إلى أقطاب قاحلة جرداء لا تصلح لأي نشاط، لم يجد سكان المنطقة من مجال للعمل سوى لدى الشركات وأغلبهم موظفون لدى المؤسسات العمومية وهم تحت صدمة وخوف من الإشعاعات النووية التي تتربص بصحتهم. مطالب التعويض قائمة والكشف عن الملف السري لتطهير المنطقة من الإشعاعات يجدد مرة أخرى سكان منطقة رقان مطالبهم للسلطات الفرنسية والمتمثلة بتعويضهم جراء التفجيرات النووية التي حولت فيها سكان المنطقة إلى فئران تجارب حق مكتسب، حسب الأعراف الدولية في جرائم الحروب المستنكرة وخصوصا الماسة بالإنسان وبيئته ولن يتنازلوا عنه مهما طال الزمن، ويجمع هؤلاء بأنه مهما كانت قيمة التعويضات المالية التي تقدمها السلطات الفرنسية فإنها تبقى غير كافية ولاتشفي غلال آلامهم وما يتكبدون من خسائر ولن تنسيهم في جرائمها التي تتناقلها الأجيال، كما طالب سكان المنطقة السلطات الفرنسية بناء مستشفيات ومراكز صحية بالمنطقة لعلاج المرضى والمتضررين من هذه التفجيرات، كما فعلته مع دول أخرى التي نفذت فيها تفجيرات وارتكبت فيها جرائم. ويذكر السكان بأنهم يضطرون لعلاج المتضررين من هذه التفجيرات بالتوجه نحو المستشفيات الكبرى بأدرار والولايات المجاورة، في ظل غياب مرافق صحية كافية بالمنطقة، ويجمعون بأن علاج الضحايا يبقى أيضا من مسؤولية السلطات الفرنسية التي يتوجب عليها التكفل بهم وجراء كل هذا أصبح أيضا مطلب الكشف عن الملف السري بغية تطهير المنطقة من انتشار الإشعاعات النووية التي ماتزال تأثر على صحة سكان المنطقة وبيئتهم، كما أطلقت عدة حملات تحسيسة بحسب رئيس جمعية 13 فبراير الهامل بن عمر برقان لمنع المواطنين من الاقتراب من مكان الانفجار بحمودية نحو 60 كلم عن بلدية رقان وعدم جلب أي مادة حديدية أو غيرها لأنها محملة بالأشعة النووية وكذا وجب تخليص السكان من المواد التي تم جلبها من قبل من ذلك المكان الأسود، كما طالب الباحثين والإعلاميين بمواصلة كشف حجم معاناة سكان المنطقة من تلك الآثار التي خلفها التفجير النووي. الأستاذ الباحث عبد الرحمن لمحرزي يؤلف كتابا عنوانه “رقان صراع الموت والحياة” تدعمت المكتبة الأكاديمية للبحوث الجزائرية بمؤلف جديد صدر مؤخرا للأستاذ الباحث عبد الرحمن لمحرزي بعنوان “رقان صراع الموت والحياة جرائم فرنسا النووية”، وتناول المؤلف تسليط الضوء على قضية التفجيرات النووية الفرنسية بمنطقة رقان جنوب أدرار سماها بالطريق إلى رقان مذكرا بالآلام القائمة والمتواصلة وانعكاساتها السياسية والبيئية هذا الكتاب يحتوي 202 صفحة يقدم مادة أكاديمية للباحثين والمهتمين حول مختلف الجوانب المتعلقة بالقنبلة النووية، وفي ست فصول يستعرض الأهداف السياسية والتأثيرات البيئية والصحية وقد زاوج الكاتب بين العمل النظري والميداني من خلال شهادات مع عمال بالمنشأة النووية والضحايا ويأتي الإصدار متزامنا والذكرى الستين للتفجيرات النووية في13فبراير 1960. الأستاذ عبد الرحمن لمحرزي يعتبر من الباحثين القلائل في المنطقة المهتم بتاريخ الجزائر وله عدة كتب تطرق فيها إلى عدة مراحل من تاريخ المنطقة في مقاومة الاستعمار الفرنسي هو مدير متحف المجاهد لولاية أدرار، أين تطلب البحث في تاريخ المنطقة 23عاما ويستعد حاليا لمناقشة رسالة دكتوراه في التاريخ بجامعة أدرار أين أكد بأن تطرقه إلى قضية التفجيرات الفرنسية بمنطقة رقان بغية إيصالها وبصرخة عميقة إلي العالمية جراء المعاناة القائمة والتي خلفتها القنبلة النووية على أهلنا وبيئتهم المعاشة إلى اليوم، مطالبا بتسليط الضوء أكثر لأن الإشعاعات النووية ماتزال تحصد الأرواح، وهذا واضح من حجم الأمراض السرطانية التي تسجل كل سنة برقان. 16أستاذا وباحثا جامعيا يؤلفون كتابا حول التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية كما أيضا أصدر مؤخرا مجموعة من الأستاذة والباحثين الجامعيين من مختلف جامعات الوطن بالتعاون مع جامعة أدرار، أول مؤلف ذو ترقيم دولي حيث تناول مقالات بالغة العربية والفرنسية من طرف أساتذة وباحثين من مختلف جامعات الوطن، تناولت قضية التفجيرات النووية بالصحراء الجزائرية منها التفجير النووي بمنطقة حمودية برقان جنوب ولاية أدرار وكذا منطقة اينكر بولاية تمنراست التي قام بها المستعمر الفرنسي، والتي تركت أثرا بليغا حول حياة الأفراد وصحتهم إلى غاية اليوم والضرر الذي لحق أيضا بالبيئة، كما تطرق الأستاذة إلى جملة من المواضيع بغية تسليط الضوء حول قضية التفجيرات النووية بالصحراء الجزائرية والتي لا زال إلى اليوم يعاني منها سكان المنطقة من انتشار الإشعاعات النووية بالإضافة إلى تناول هذا الكتاب الأطر القانونية والتاريخية والنفسية والفيزيائية، والذي يعرض لأول مرة أمام القراء والطلبة والباحثين في الذكرى السنوية يوم 13 فيفري 2020 بجامعة أدرار حتى يلم الجميع بهذه القضية التي تبقي شائكة ومرفوعة أمام الاستعمار الفرنسي بغية الاعتراف والتنديد والاستنكار وتعويض الضحايا مع المطالبة بكشف الملف السري والأرشيف حول هذه الجريمة بهدف تطهير المنطقة من الإشعاعات النووية ومعالجة المرضي.