المصمم عبد النّور شلّالو ل”السلام”: عبد النّور شلّالو المولود بمدينة سيدي عيسى الساكن جنوب ولاية البويرة تمامًا في دائرة برج اخريص بلدية تاقديت، يوم 23 مارس عام 2000، متحصّل على بكالوريا 2018 وبكالوريا 2019، طالب بجامعة آكلي محند اولحاج البويرة سنة أولى كلّية العلوم الاقتصادية والتّجارية وعلوم التّسيير، يحترف فنّ التّصميم (الجرافيك). حاوره: لخضر . بن يوسف اضافة إلى هذا، قام عبد النور شلالو تصميم أكثر من 250 غلاف لكتب تمت طباعتُها من طرف دور نشر مختلفة، من بينها “دار المُثقّف” “دار للعَالمين” “دار أنا مَوجُود”، كما أنه مدرّب في التّصميم ويمارس التّدريب في مركزين، عاشق للتّعليق الصّوتي وله الكفاءة في التّقديم الإذاعي أو التّلفزيوني، مفتون باللغة العربية وآخذ في تعلّمِها والتعمق فيها، كما أنّ له عمل أدبي باللغة العربية من نوع “الرّواية” سيصدر قريبًا إن شاء الله بدايتك أستاذ عبد النور في مجال التصميم وكيف اكتشفت هذا الجانب من الابداع في نفسك؟ ومضات الشّروق في التّصميم انفجرت بها الموهبة منذ الصّغر، العشق للإبداع والاختلاف جاءت بهما الموهبة في المرحلة الابتدائية من التّعليم، الهوس والغرق في تفجير الجمال الإبداعي الذي ومضَ منذ أن كنتُ صبيًا يغدو إلى مقهى الانترنت للاستمتاع وتطوير الموهبة التي كانت في أصبوحتها الزّهرية، أقوم بتعديل الصّور وتركيبها والتّفكيك، كان ذلك الصّبي يجهل أنّ ذلك الاستمتاع هو الاختلاف الذي ميّزه عن الكثيرين في عالمه، تختطفني التّصميمات في أي واجهة تُقابل مُقلي وكفّي والذّراع، لهبت موهبة التّصميم لدي بعد عام 2011 وشرعتُ في التّصميم الاحترافي والبحث فيه والغوص إلى أعماقه ومعرفة الأسُس التي يُأخذ منها، صرتُ أرنو وأتأمّل في تصاميم الكتب مع قراءة محتواها، ثمّ أحاول جاهدًا أن ألقَف ما يرسلون من قضايا وطرح بين دفتّيها والعلاقة المُرسلة بين الغلاف والمحتوى المُدرج، ساعدني على ذلك أشرافٌ من الأساتذة الأكارم والمصمّمين العالميّين، من بينهم الأستاذة الكُرماء عبد الغني قادين الذي جعل مني تلميذه المقرب، وكان تشجيعُه لي يعني انكسار للعراقيل المعنوية والتي إذا أحاطت بي والتقيتُه تغيب وتتلاشى، أيضًا يوجد أساتذة آخرون لهم علي يد وفضل عظيم، من بينهم الأساتذة “شريف ابراهيم” “محمد خيال” حسان جمال الدين” “حسان شاوي” مصطفى مكرم” وأساتذة وأصدقاء من عدّة دّول عربية، مثال ذلك في الاستاذ محمد هادو من دولة مصر وآخرين من اليمن وغيرهم من الذين دفعوا بي إلى الإبداع والتّميُّز، شرعت في التّصميم الاحترافي بعد قراءة عشرات الكتب، كما أنّني كنتُ أقرأ الغلاف مرّات عديدة من أجل استنباط الاختلاف بينه وبين المحتوى أو التّشابه بينهُما، وكما هو معروف عن الفنّانين أنّهم اتّخذوا الفن بأشكاله “الكتابة” “الرّسم” “الموسيقى” “المسرح” … إلخ للتّعبير عن ما يريدون قوله دون كلام، اتّخذتُ أنا التّصميم في اللغة الصّامتة التي يمكنها النّطق بكتابٍ كاملٍ وبما هو مُرسل بين دفّتيه، ولم أُفكّر يومًا في التّوقّف عن فنون التّصميم. هل تعتمد في تصميم غلاف الكتب على قراءة المحتوى؟ لا أعتمد على قراءة المحتوى عند كلّ تصميم، بل يمكن أن استلهم فكرة الغلاف المناسب أيضًا من فكرة الكاتب نفسه دون قراءة النّص، التّصميم هو نقل محتوى الكتاب ووضعه على الغلاف في شكل صورة هادفة تحمل المعنى المُراد إيصاله إلى القارئ. من يقرأ الكتب التي صممت أغلفتها يدرك فوراً أن الغلاف نابعٌ من روح النص، وأنه حوار عميق بينك وبينه، حدثني عن بداية عن علاقتك بالكتاب وبالقراءة بشكل عام، وكيف بدأت عملك في تصميم الأغلفة؟ أكيد..الغلاف هو الخروج من جوهر المادّة إلى روح النّص، لأنّه الرّشاء الذي يحمل الرّسالة بين المحتوى ولمحة القارئ، أمّا علاقتي بالكتاب هي علاقة عقلية وروحية بحتة تسعى إلى تنمية الفكر والخيال والخروج من التّبعية إلى الحرّية وتنمية الفكر والخيال، البداية في التصميم كانت بداية عاشق للفن، قمت بتصميم عدّة أغلفة لكثير من المؤلفين وبعد مرور شهور عديدة اتصل بي بعض مدراء دور نشر للشروع في العمل معهم بين منظومة الدّار، وكان لي الحظ في تصميم أكثر من 250 غلاف. بعض دور النشر تتوجه إلى أغلفة سطحية، مبتذلة، تعتمد على العنوان وحده لتصميم الغلاف، محوّلةً الكتاب الذي هو في الأساس مصدر المعرفة، ومثير التفكير، ومفتاح التساؤل، إلى منتج استهلاكي مفرّغ من أي قدرة على الفعل، رأيك في القضية، وماهي نصائحك؟ نعم صحيح يوجد دور نشر تتعامل بسطحية مع الغلاف دون الولوج إلى عالم الرّبط بين النص والغلاف لخلق المفتاح الحامل للمعنى المُرسل بين الصفحات، فيجعلون من الغلاف سلطة خارجة عن معاني النّص الدّاخلي، وهذا قتل للإبداع وحقوق القارئ، فمن حق القارئ دراسة النّص وأخذ أفكاره من الغلاف والصّورة التّعبيرية، انصح دور النّشر بالتفنّن وتفجير الابداع على الغلاف، لا الجمود والزّلل عن الحقيقة والتفريق بين التعبير الخارجي والتعبير الدّاخلي للكتاب. الغلاف يمكن أن يعكس نمطاً في الحياة، وفي نظرة المرء للحياة، أرغب بمعرفة ما هو مفهومك للفن؟ الفن هو اللغة التعبيرية بالأشكال المختلفة” الكتابة” “الرّسم” “الموسيقى” “المسرح” وكذلك التّصميم الإبداعي، الفن هو حرّية تفجير الإبداع والنّطق بما ينطق وبما لا ينطق، الفن هو الحياة الزّاهية بمفهومها الرّوحي، والتميّز المادّي بالمعنى العقلي، الفن هو أن يصبح المرء ذا أجنحة يطير في سماء الإبداع كارهًا للرّكود، الفن هو كسر الجمود والاعتيادية والخروج إلى العالم من أجل خلق الإبداع اللامتناهي. في رأيك لماذا البعد الجمالي “العتباتي” في إخراج الكتاب غائب تماما في فضاء النشر الجزائري، واقتراحاتك؟ يتقلّص البعد الجمالي في إخراج الكتاب حين يُزدرى هذا الأخير فيصير تجارة مجرّدة من الإبداع، يُرسل إلى الرّفوف كسلعة غذائية لا فكرية وثقافية، مملوءة بالوهم بدل الحقيقة، قد يكون الكتاب خالي من اللغة الأدبية الإبداعية بسبب التّشجيع الكاذب من الجمهور، أمّا بالنسبة للنّشر هو تلقّي كل النصوص وعدم تطويرها أو التكفّل بها، لذلك اقترح أن يُدعّم النّاشر بجهات نقدية تساعده في تكوين النّص ببعده الجمالي . هل يعتمد ويطبق عبد النور في تصاميمه مقولة صناعة غلاف هي بالأساس تحويل الجملة اللغوية لعنوانه إلى جملة بصرية، وكيف يعمل عبد النور تقنياً على غلاف الكتاب؟ وما هي بنظرك العلاقة بين النص المكتوب والصورة المرئية التي ستعبّر عنه؟ نعم التّصميم وكما قلنا مسبقًا أنّه إخراج المعاني من داخل الصّفحات وتجسيدها في صورة مرئية يتعرّف القارئ من خلالها على نّص المحتوى، أمّا بالنّسبة للعلاقة هي علاقة ترابط بين التّصميم الخارجي والمعنى الدّاخلي، حيث أنّ الغلاف والمعنى يُركّبان بكل بساطة في صورة إبداعية تحمل المعنى الشّمولي للكتاب ولأفكار الكاتب نفسه. صممت كتب كثيرة ولكتاب مشهورين، أهمها إلى كتاب الإعلامي منتظر الزيدي، كيف كانت هذه التجربة حدثنا كيف حتى كان لك الشرف هذا وماذا أحسست وأنت تصمم غلاف الكتاب، وهل ساورتك بعض المخاوف؟ حين يكون المصمّم يحترف فن التّصميم ويعشق هذا الإبداع ويتفنّن فيه تغرب عنه المخاوف وتتلاشى كلّ المفاهيم السوداوية المتعلقة بالتصميم مثل الخوف، الفشل، فقدان الثّقة، إنّ العاشق للحياة لا يهاب الأخطار بل يسلُكها كمغامرة ممتعة، كذلك مع التّصميم، كان لي الحظ في تصميم كتاب الإعلامي العراقي منتظر الزيدي(الذي ضرب جورج بوش بحذائه)، ولقد احدث هذا الكتاب ضجّة كبيرة ونجاحًا كبيرًا في الوسط الأدبي ومعارض الكتاب، كما فُتِنَ الكاتبُ والجمهور بالغلاف الذي صمّمته على هذا الكتاب المعنون ب “التّحية الأخيرة للرّئيس جورج بوش”. برأيك ما هي مقومات النجاح في مجالك، بالتأكيد من خلال تعاملك مع طلبات التصميم، تتعرض للكثير من المواقف منها الغريبة أو حتى المضحكة أسرد لنا البعض منها؟ النّجاح في جميع المجالات العملية سبيلُه حبّ العمل وإتقانِه، كذلك بالنّسبة للتّصميم، الحُب قد تسعه الموهبة، ولكن الإتقان يحتاج إلى التعلُّم والمداومة، وكذلك بالنّسبة لهذا المجال، والأرقى أن يكون التّعليم أكاديمي من لدن أهل خبرة وعلوم تصميم، وأن يعامل المصمّمُ نفسه بتواضع دون أن يراها في القمّة، فإنّ الإنسان الذي يرى نفسه في القمّة لا يمكنه أن يعلو أكثر، وقد يدرك متأخرًا أن تلك القمّة ليست إلّا ضرب من القاع، لدي قصّة ساخرة في عالم التّصميم، لقد جاءت تلك القصّة في شكل فكاهي، حيث أنّ إحداهن طلبت منّي أن أضع صورتها على غلاف كتابها، وطلبت منّي أن أقوم بتحسين وجنتيها وعينيها، فقلت لها أنّ عبد النّور شلّالو مصمّم وليسَ جرّاح تجميل. هل لديك نصائح مهمة لكل من يتوجه لمجال التصميم، وأخرى للعملاء؟ النّصح لمن يريدون التوجّه إلى هذا المجال هو أن يعلموا بأنًّ التّصميم هو حظ من يسعى إليه والتفنّن فيه، حظ الذين يبغون التطوير والإبداع، أمّا بالنّسبة للذين يعملون به، انصحهم بوضع محتوى الكتاب على التّصميم، وعدم تجريد الغلاف من المحتوى، وأن يكونوا بسطاء محترفين، إنّ الإنسان تقيّده مبادئه وحكمته وعلمه، وليست الأمواج، لذلك يلزم على المصمّم أن يكون صاحب مبدأ أخلاقي راقي، حتّى أنّ التّقليد في التّصميم وليس من صفة المبدعين، لأنّ الإبداع هو كسر القديم والإتيان بالجديد، وليس التّقليد، أرى أنّ التّقليد في التّصميم ضعف وعدم تمكّن، صمّمت أكثر من 250 غلاف وشاركت في عدّة معارض وطنية وأيضا في المعرض الدّولي للكتاب “سيلا” 2019، البصمة التي يصنعُها المُصمّم هي إبداعاته واختلافه عن الآخرين، وأن يخرج عن التّشابه ويسعى إلى التفرّد بإبداعه . ماهي طموحاتك ومشاريعك في المستقبل؟ من بين المشاريع التي أريد إنجازها في حياتي هي بلوغ العالمية في التّصميم، كما أسعى إلى أن أكون مدرّبًا معتمدًا من طرف شركة التّصميم الأمريكية. كلمة أخيرة وفي الأخير أرجو أن يُعطى للمصمّم دوره الشّامل كباقي الفنون وأن يحصل على بطاقة فنّان، كما أُرسل الحُب والود والجمال والورد إلى جميع جواهر أهل جريدتكم، وأشكركم وأهديكم السّلام ولجميع ناشري السّلام والمحبّة.