دراجات /طواف الجزائر 2025 /المرحلة الثامنة: فوز الدراج الجزائري محمد نجيب عسال    أمطار وثلوج على عدد من الولايات    المحافظة السامية للأمازيغية تسطر برنامجا ثريا للاحتفال باليوم الدولي للغة الأم وأسبوع اللغات الإفريقية    بوجمعة يعقد اجتماعا مع الرؤساء والنواب العامين للمجالس القضائية    الطيب زيتوني..تم إطلاق 565 سوقًا عبر كامل التراب الوطني    وزارة الصحة تنظم فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية في تيبازة    وساطة الجمهورية تنظم ندوة حول تعزيز حوكمة المرفق العام بعنابة    الصحفية "بوظراف أسماء"صوت آخر لقطاع الثقافة بالولاية    الشهداء يختفون في مدينة عين التوتة    عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من قبل رئيس الحكومة اللبنانية    غريب يؤكد على دور المديريات الولائية للقطاع في إعداد خارطة النسيج الصناعي    انخفاض حرائق الغابات ب91 بالمائة في 2024    خنشلة.. انطلاق قافلة تضامنية محملة ب54 طنا من المساعدات الإنسانية لفائدة سكان قطاع غزة بفلسطين    السفيرة حدادي تؤدي اليمين بعد فوزها بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي    جانت.. إقبال كبير للجمهور على الأيام الإعلامية حول الحرس الجمهوري    تسويق حليب البقر المدعم سمح بخفض فاتورة استيراد مسحوق الحليب ب 17 مليون دولار    فريقا مقرة وبسكرة يتعثران    الجزائر تواجه الفائز من لقاء غامبيا الغابون    متعامل النقال جازي يسجل ارتفاعا ب10 بالمائة في رقم الأعمال خلال 2024    بداري يرافع لتكوين ذي جودة للطالب    معرض دولي للبلاستيك بالجزائر    وزير العدل يجتمع برؤساء ومحافظي الدولة    أمن البليدة يرافق مستعملي الطرقات ويردع المتجاوزين لقانون المرور    توفير 300 ألف مقعد بيداغوجي جديد    هكذا ردّت المقاومة على مؤامرة ترامب    حملات إعلامية تضليلية تستهدف الجزائر    هذه رسالة بلمهدي للأئمة    قِطاف من بساتين الشعر العربي    كِتاب يُعرّي كُتّاباً خاضعين للاستعمار الجديد    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد جنود الاحتلال المغربي بقطاع الفرسية    شايب يشارك في لقاء تشاوري مع جمعية الأطباء الجزائريين في ألمانيا    المغرب: تحذيرات من التبعات الخطيرة لاستمرار تفشي الفساد    عرض فيلم "أرض الانتقام" للمخرج أنيس جعاد بسينماتيك الجزائر    محمد مصطفى يؤكد رفض مخططات التهجير من غزة والضفة الغربية المحتلتين    سفيرة الجزائر لدى أثيوبيا،السيدة مليكة سلمى الحدادي: فوزي بمنصب نائب رئيس المفوضية إنجازا جديدا للجزائر    الرابطة الأولى: نجم مقرة واتحاد بسكرة يتعثران داخل قواعدهما و"العميد " في الريادة    إعفاء الخضر من خوض المرحلة الأولى : الجزائر تشارك في تصفيات "شان 2025"    موجب صفقة التبادل.. 369 أسيراً فلسطينياً ينتزعون حريتهم    تضاعف عمليات التحويل عبر الهاتف النقّال خلال سنة    الديوان الوطني للمطاعم المدرسية يرى النور قريبا    "سوناطراك" تدعّم جمعيات وأندية رياضية ببني عباس    6 معارض اقتصادية دولية خارج البرنامج الرسمي    انطلاق التسجيلات للتعليم القرآني بجامع الجزائر    تنسيق بين "أوندا" والمنظمة العالمية للملكية الفكرية    22 نشاطا مقترحا للمستثمرين وحاملي المشاريع    حمّاد يعلن ترشحه لعهدة جديدة    دراجات: طواف الجزائر 2025 / الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة السابعة و يحتفظ بالقميص الأصفر    محرز ينال تقييما متوسطا    كيف كان يقضي الرسول الكريم يوم الجمعة؟    سايحي يواصل مشاوراته..    صناعة صيدلانية : قويدري يبحث مع نظيره العماني سبل تعزيز التعاون الثنائي    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    وزير الصحة يستمع لانشغالاتهم..النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة تطالب بنظام تعويضي خاص    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتب من اغلفتها
نشر في النصر يوم 29 - 07 - 2013

انطلاقا من آليات حضور الصورة في المخيال الثقافي العام كنوع من الثقافة البصرية والتعاطي معها من موقع أثرها الجمالي على الذائقة الفنية والحس الفني والوعي الجمالي لثقافة النشر والتسويق، هل يتعامل الناشر الجزائري مع فنانين محترفين وكاليغرافيين لتصميم أغلفة الكُتب؟، وما حدود هذا الوعي الجمالي لدى الناشر الجزائري بما يعني من توفر حس إدراكي جمالي يتساوق مع مضمون الخطاب الإبداعي أو الفكري الذي يشكل جوهر الكِتاب ولو في حدود معينة ضمن مسار التأثير في البعد الإدراكي للقارئ الذي تنهض عليه أهمية الفعل التسويقي الإشهاري لأي كِتاب مهما كان مضمونه، ولماذا يقابل هذا البعد أحيانا بنوع من التجاهل لدى بعض دور النشر وفي غالب الأحيان يتم اللجوء فقط إلى بعض الصور الفنية الجاهزة للوحات لفنانين عالميين قد لا تعكس محمول النص أو الكِتاب ليتم إسقاطها لتحمل الغلاف بشكل عشوائي اختزالا للطريق وتجنب عثراته الكثيرة. هذه أسئلة وغيرها حول مستوى أغلفة الكُتب الأدبية في الجزائر من الناحية الفنية والجمالية، وحول الناشر الجزائري الذي لا يعتني بالغلاف وصورة الغلاف كما يجب، وأيضا عن عدم إشراكه عادة، الكاتب والمؤلف في اختيار الغلاف. وهي أسئلة تجاوب معها بعض الكُتاب والفنانين الكاليغرافيين، في حين تهرب منها الناشرين والتزموا الصمت. وكأن الأمر لا يعنيهم.
إستطلاع/ نوّارة لحرش
حكيم خالد/ كاليغرافي ومصمم أغلفة
المصمم الجيد هو الذي يمتلك التفكير البصري للمفردات والصور والعناوين
الغلاف هو الصورة التسويقية الوحيدة والحاسمة التي يملكها الكتاب، والقارئ الذي يبحث بين رفوف الكُتب لا يختلف كثيرا عمن يقف أمام التلفاز ويشاهد سلسلة من الإعلانات التجارية، كلها تحاول شد اهتمامه. إلا أن غلاف الكِتاب لا يملك 30 ثانية مثل الإعلان التجاري، بل 5 ثواني أو أقل لشرح محتوى الكِتاب وإقناع القارئ، وهذا ما يجعل تصميم الغلاف أكثر تعقيدا مما يعتقده الناشر والمصمم. هناك نوع من الأغلفة يُسمى «قاتل الكِتاب» وهذا النوع من التصاميم هو الذي يعتمد على لوحات فنية معروفة أو غير معروفة خاصة السريالية أو المبهمة، ظنا من الناشر أو المصمم أن القارئ يملك كل الوقت ليشاهد الغلاف ويتأمل الألوان والأشكال ويحاول فهم اللوحة، وكأنه واقف في معرض للوحات الفنية!!. وفي كل ثانية تمر يشترك فيها الناشر والمصمم في جريمة قتل الكِتاب ومؤلفه للسنوات المقبلة، خاصة إذا كان أول كِتاب لمؤلف واعد. وهناك أيضا ناشرون ومصممون يعتقدون أن غلاف الكِتاب لا يختلف عن التعليب، ويرون أن الغلاف يجب أن يكون له تأثير تصويري، له علاقة بصورة أخرى تم تسويقها من قبل، ويتعاملون مع غلاف الكِتاب مثل علب العصير أو منظفات الغسيل. ويتناسون أن الكِتاب لا يباع مثلما تباع السلع، ونسبة المبيعات عند بائعي وسائل التنظيف أكبر بكثير من بائعي الكُتب، أو ربما يعتقد مصمم الغلاف أن الكتاب يعرض واقفا في الرفوف مثلما تعرض علب العصير في المحلات!!!. لكن الحقيقة أن الكِتاب يتحدى المعطيات العلمية في التسويق، لأن الكِتاب مرتبط بالعاطفة والذاكرة معا. الكِتاب يتلو قصص والخبرات الإنسانية، ويستحيل تلخيص كل ذلك الكم الإنساني في لون بني وخط عريض مثل علب الأحذية. تصميم غلاف الكِتاب يحتاج إلى فن ومعرفة وحدس. والمصمم الجيد هو الذي يمتلك التفكير البصري للمفردات والصور والعناوين، وكيفية تفاعلها. وهو قارئ جيد ومتفاعل مع التاريخ، والأدب والموسيقى، والأفلام، والفن، والسياسة، لأنه يستخدم كل تلك الإشارات البصرية والمعرفية من أجل تبيان وتوضيح جوهر الكِتاب في قطعة واحدة ومحدودة المساحة، ويجيب عن الأسئلة المهمة في وقت قياسي لا يتعدى 5 ثواني. والناشر كما المصمم الجيد، عليهما التركيز على 3 شروط أولية لنجاح الغلاف الجيد هي: (1) التميز، (2) الوضوح، (3) الاتصال العاطفي.
- التميز لا يعني الجمال فقط، بل حتى يكون الغلاف فعالا، أحيانا كسر القواعد والخروج عن الخطوط العامة هربا من التنبؤ هو السبيل الوحيد لإحداث التميز.
- وضوح الغلاف سيساعد القارئ على العثور على ما يبحث عنه في بضعة ثواني، وإذا كانت الصورة لا تتطابق مع العنوان، أو لا توضح للقارئ محتوى الكِتاب فقد انتهت العلاقة بينهما. وهنا تجدر الإشارة إلى شيء يكاد ينعدم في أغلفة الكُتب عندنا، نحن لا نستعمل جملة أو فقرة مختصرة في الغلاف. تلك العبارة المأخوذة أو المقتبسة من الكِتاب التي تشد القارئ لمعرفة المزيد عنه. لماذا؟؟.
- الاتصال العاطفي هو ما يجعل القارئ يختار الكتاب نهائيا. أحيانا يكون الغلاف بسيطا في تصميمه، لكنه يحمل صورة تخاطب شيئا دفينا في ذاته، أو خط له شكل يتحدى تفكيره المسبق للخطوط، تلك كلها عوامل تبني برجا عاطفيا بين القارئ وبين الكتاب.
الحديث عن تصميم الغلاف لا ينتهي، وحتى أختصر، أقول أنه على الناشر والمصمم معرفة وإدراك عمق اللحظة التي ألتقط فيها أول كتاب، وكم مدة بقي في يدي؟ وكم من الوقت استغرقت لأقرأ الجملة الأولى؟ ما هو انطباعي؟ ما هي الأفكار والصور التي تشكلت في ذهنى؟.. تلك هي الأسئلة التي يجب طرحها، وإلا فإن الناشر والمصمم كلاهما قارئ سيئ. لقد غادرت الجزائر منذ 15 سنة تقريبا، وما قلته سابقا في الجزء الأول من إجابتي يعكس حال الغلاف الأدبي في الجزائر من خلال ما رأيته في محلات الكُتب خلال زيارتي الأخيرة للبلد منذ سنة. وقد حدث منذ أيام أن اتصلت بي صديقة روائية، وطلبت مني تصميم غلاف إحدى رواياتها الشهيرة، بعد أن اشترطت من الناشر أن يكون الغلاف بإشراف مصمم تختاره. حاولت أن أكون وفيًا لمحتوى الرواية التي قرأتها عدة مرات، و وضعت تصميما للشخصية في الرواية مع استعمال العنوان بخط كجزء من تصميم الصورة دون الرضوخ إلى القالب المعروف. أحبت صديقتي الغلاف من أول وهلة، وشعرت أنه فعلا يعكس ما كان يدور في ذهن الشخصية الروائية، إلا أن الناشر رفض الفكرة لأن التصميم فيه نوع من الشبقية أو إيحاء جنسي!. ردة فعله هي تحديدا ما كنت أريده من القارئ، ولو كان الناشر يدرك سيكولوجية الغلاف، لأدرك أن ما دار في ذهنه أول وهلة هو بالضبط ما يجب أن يقدمه للقارئ، لكنه أصر على أن يضع لوحة فنية للكِتاب أظنها سريالية. لا أدري إن كان خوفا من ردود الفعل، أم رقابة ذاتية يمارسها على نفسه. في الحقيقة لم أفهم ردة الفعل، وتساءلت في نفسي، إن كان الناشر قد أعجبته قصة فتاة تتصارع مع نفسها في حب شخصين في الوقت نفسه، إذاً لماذا يريد أن يقدم الكِتاب بغلاف لوحة تصور الطبيعة وزرقة الماء مثلا؟. لماذا يتستر على محتوى الرواية لكنه يريد بيعها في الوقت نفسه؟؟!!.. وحتى وإن كان اختياره للوحة الفنية محض ذوقه الشخصي، هل يدرك أن مثل هذا الاختيار هو قتل عمدي للرواية؟!.
قلولي بن ساعد/ قاص وناقد
البعد الجمالي «العتباتي» في إخراج الكتاب غائب تماما في فضاء النشر الجزائري
لا أتصور أن هناك تعاونا وتبادلا لوجهات النظر بين الناشر الجزائري على وجه الخصوص والمؤلف على الشكل الذي ينبغي أن يخرج به الكِتاب الإبداعي تحديدا، ما يهم الناشر في غالب الأحيان هو أن يصدر الكتاب بأقل تكلفة ممكنة وهو يعتقد أن مهمته تنتهي بمجرد صدور الكتاب وهذا خطأ آخر، على الناشر أن يتابع مسيرة عمر الكِتاب وآفاق تلقيه، التلقي الإعلامي والنقدي واستخلاص العِبر من ذلك وهو يتوهم أنه ليس معني أصلا بالشكل الجمالي لغلاف الكتاب «كعتبة نصية» بتعبير جيرار جينيت لمنتوج إبداعي وانعكاس ذلك على الرؤيا الإبداعية التي يطرحها المنجز الإبداعي في لحظة ما. هناك تسيب ومزاجية في هذا الفضاء الحساس، فضاء النشر المتروك لقدره كأي حقل من الحقول الثقافية التي تسودها الفوضى والتسرع والقيم النفعية التي تحرك القائمين عليها، وطبعا هناك استثناءات تعد على أصابع اليد لدور نشر يقف وراءها مبدعون وهي في معظم الأحيان تحرص على الاعتناء بشكل الكتاب الجمالي دون أن تذهب في ذلك بعيدا، ولا أعرف أبدا أن هناك دور نشر تستعين بخبرات المبدعين أنفسهم والمتخصصين في فن «الكاليغرافيا»، فغلاف كتاب في تقديري ليس مجرد عتبة لا دلالة لها، إنه نص آخر ينبغي أن يقرأ النص الإبداعي على ضوءه، وانطلاقا من الأفق الجمالي الذي يواجه القارئ الحصيف لأول وهلة وهو ينتمي إلى عنوان آخر كبير هو «محيط النص» مثلما يسميه جيرار جينيت، وبالتالي فهو يمنح القارئ والناقد مزيدا من الإدراك الموسع لقراءة النص الإبداعي في أبعاده الإجرائية «العتباتية» وهو الأمر الذي يبدو غائبا تماما في سياق فضاء النشر الجزائري. وشخصيا أتمنى أن ينتبه الناشرون الجزائريون لهذا البعد بعيدا عن القيم النفعية الظرفية التي تحركهم، إنه بعد جمالي من الأهمية بمكان وقد يساهم في مضاعفة الرصيد الرمزي والمادي لآليات التسويق والتوزيع للكِتاب كمنتوج إبداعي وتداوله الإعلامي والنقدي التداول المنتج للقيم الرمزية، قيم القراءة والحضارة للحد على الأقل من مساحات الجهل بالصناعة الثقافية والتي يشكل المنتوج المنشور الموجه لقارئ مفترض أحد علاماتها الصحية.
معاشو قرور/ شاعر وكاليغرافي
خطاب العين في الكِتاب الأدبي بين الخفوت والرفد
في بدء هذه المساءلة التي تراهن على مدى تأثير الوقائع الجمالية في إنتاج خطاب الصورة، وفي اختبار قدرة المتلقي على استثمار المدرك الجمالي لديه. يتوجب الأخذ بأسباب خفوت خطاب العين من دينامية الحقل الثقافي بشكل عام. إذ الواضح لدينا أنه كان ثمة تأسيس مرحلي لثقافة صناعة الكِتاب غداة الاستقلال. لا يمكن تجافيها، أو حتى التقليل من وجود آلية من آليات التعاطي مع ثقافة الميديا -سواء أكانت مسموعة أم مكتوبة أم مرئية- في حدود طرائق التلقي التي كانت متوافرة آنذاك. لاسيما إذا اعتمدنا في مقاربة هذه النماذج والعينات على الحس الإبداعي الذي كانت تلحف في الدوران في فلكه. وهو حس فني لطالما أشرفت المؤسسة الرسمية الإعلامية والثقافية على توجيهه ومد أواصر الإمتياح من خطاباتها إليه. في ضوء هذه المسلمات من الأبنية التحتية لإيديولوجية ثقافة الصورة ورهاناتها انخرطت جملة من شرائح القطاع الفني البصري في الجزائر إلى رفد الموروث المرئي (-منحوتات -مزارات -قصور -أسبلة) وغيرها من الأقنية الدالة على كينونة الوجود الحضاري للإنسان الجزائري. وأبسط مثال على هذه الرؤية المتسقة مع خطاب الذاكرة البصرية أن (كتابي في القراءة) لسنوات المرحلة الابتدائية أُختير له كلوحة للغلاف منحوتة الأمير عبد القادر ممتطيا جواده مع أن هذا الأنموذج من الأشكال البرونزية لا يستقيم وذائقة الطفل المحدودة عن كنه الخطاب التربوي المقصود من مثل هذه الأداءات. كانت هذه ثمرات التأسيس للوعي الجمالي في مدركاتنا المرئية التي لا يمكن التغافل عن منجزها الفاعل في تسويق ثقافة الاستمساك بالثوابت الوطنية للأمة الجزائرية، حيث مازالت الذاكرة تحتفظ بأعمال الغرافيزم للفنان محمد آسياخم في الكتاب المدرسي باللغة الفرنسية. يجرنا هذا إلى الحديث عن الكتاب الأدبي الذي يعتبر عصب الخطاب البصري نظرا للتواشجات القائمة بين القصيدة التشكيلية والتحبيرات الورقية. أو بين توصيفات الخطاب السردي ومجازات الرسوم المصاحبة له. أو بين السينوغرافيا وأداءات الممثل على الركح. كل هذه التجاورات تحمل بشكل ما نبالة محمولات النص القابعة دوما في غيابات تفكيرنا. وإزاء عملية سبر لهذا المسار سوف نُحمل القارئ تبعات خفوت الملمح النقدي أو المدرك الجمالي. أو حتى التسويق الإشهاري لثقافة الكِتاب المقروء.. إن ما يعرف بالإسقاط العشوائي لثقافة الناشر هو مؤشر سلبي على انتهاك الحقوق المجاورة. وتخط ناشز يستفز بالأساس ذائقة المؤلف قبل أفق انتظار المتلقي. ومما زاد من غلبة هذا التوجه هو تدفق الناشرين على المنجز من التصاميم الجاهزة في(-الكاليغرافيا-الزخرفة-اللوغو) والمنبثة في برمجيات (الفوتوشوب). والمُعالجة بالأنفوغرافيا. وفي هذا الصدد اعتبر تجربة محمد خدة في إصدارات (ش.و.ن.ت) والطاهر ومان في (مجلة أمال) ودونيز مارتيناز في عمله (فوهات محمومة)، ومحمد حنكور في ملحق (النادي الأدبي) من التجارب الرائدة في رفد الكِتاب الأدبي والإعلاء من مشروعية خطابه البصري وهو ما تسعى التجارب الجزائرية المعاصرة اليوم إلى استنفار مؤهلاتها الفنية والأدبية قصد خلق تقليد مرجعي لثقافة الصورة وخطاب العين ينبني على فكرة أننا كلما أدركنا الجمال نكون في عصمة من كل سوء فنحن حينها في وفاق مع أنفسنا ومع العالم.
حبيب مونسي/ ناقد وكاتب
الناشر لا يشرك الأديب في اختيار شكل الغلاف
ربما يكون من نافلة القول التذكير بدور الأغلفة في الكُتب القديمة التي كانت تتخذ من الجلد ومن الورق المقوى، وما كان يناط بها من مهمة الحفظ والصيانة للورق سريع التلف، وما تحمله من عناوين تدل على المحتوى. كما أنه من الجدير بالذكر الإشارة مرة أخرى إلى أن بعض الكُتب أخذت عند أصحابها مكانة عالية من التقديس والتشريف فنالت حظا من التزويق والزينة بلغت حدا أن كُتبت أحرفها بماء الذهب. بيد أن صناعة الكتب حينما دخلت مرحلة التصنيع المعملي في مطلع القرن العشرين ومنتصفه، وفي خضم سياسة تعميم القراءة وجعل الكِتاب في متناول طبقات القُراء، راحت المصانع تعمل على إخراج نسخ فاخرة للاقتناء الخاص وأخرى شعبية للقراءة والاستهلاك. فإذا كانت الأولى قد نالت كثيرا من الاعتناء والزينة وحُظيت بالمادة المتميزة، فإن الثانية اكتفت باليسير منها وخرجت خالية من كل زينة أو بهرج. غير أن دور النشر عمدت في وقت لاحق إلى التفرقة بين الكِتاب العلمي والكِتاب الأدبي، فقدمت للأول شكلا محترما من الإخراج وواجهة العرض، واقتصرت الصورة فيه على العلم الذي يحتويه الكِتاب مع صورة العالم الذي ألفه. أما الكُتب الأدبية فقد نالت هي الأخرى اهتماما مماثلا وتوزعت بين الكِتاب الفلسفي والتاريخي والأدبي دراسة ورواية وديوانا. إن الذي يحسب للمكتبة الغربية ولوعها بالتصنيف، فقد جعلت للروايات مثلا أشكالا وأحجاما وألوانا وتصانيف يُقبل عليها القُراء. فكانت الرواية التاريخية، والرواية البوليسية، والرواية الغرامية، والرواية العجائبية وروايات الخيال العلمي... وغيرها من التصانيف تحمل في أغلفتها أشكالا وألوانا دالة عليها، بل جعلت للشباب في مختلف أعمارهم ألوانا تُنعت بها الروايات والمجموعات، فكانت المجموعة الخضراء والمجموعة الزرقاء والوردية... ودعمت هذه المجموعات بصور دالة على المحتوى ينفذها رسامون متعاقدون مع الدور. وربما تميزت الرواية البوليسية في حقبة متأخرة بوضع صور حقيقية على أغلفتها ينفذها مصورون في استديوهاتهم، أو تؤخذ من الأفلام وغيرها. واعتبر كل ذلك مطلبا تجاريا فقط لم يكن من ورائه شيء يتصل بالمحتوى مباشرة. كما عمدت بعض دور النشر العربية مصرية ولبنانية إلى استخدام رسامين موهوبين لتكوين الأغلفة المختلفة بعد الاطلاع على المحتوى أو على الأقل نبذة منه، وذلك ظاهر في روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس، وغيرهم... والظاهر أن الأديب لم يُستشر في شكل الغلاف وما يُرسم عليه، فقد يُعرض عليه أخيرا للموافقة فقط ولم يدر بخلده أن الغلاف سيصبح مادة للدراسة والتأمل التأويلي الذي يعتبر الغلاف جزءا من النص. ربما كان للدراسات النسقية شيء من الفضل في توجيه اهتمام الدارسين إلى العنوان باعتباره عتبة وما يصاحبه من رسم أو شكل، وفي كونه جزء من النص يمكن مساءلته دلاليا عن طريق قراءة الصورة شرط أن يكون المؤلف طرفا في نشأتها وتكوينها، غير أننا من خلال ما قرأنا ندرك أن التأويلات التي تلحق الصورة هي من قَبيل التخريج الذاتي لموضوع الصورة، لا يمتلك قدرا من اليقين يسمح له بتوجيه القراءة ولا بتحديد الدلالة المرتبطة بها. ومن ثم كانت كل المقاربات التي اطلعنا عليها في الدراسات من قَبيل الانطباعات الشخصية، ولست أقلل من شأن الانطباع بل قد يكون في الانطباع قدر من الحدس الجيد الذي يفتح نوافذ التواصل مع مضامين النصوص. وإني أحبذ أن يكون لدور النشر مصممون يعملون مع المؤلف على تكوين الغلاف الفني. أما الدراسات فلا يشترط فيها هذا الشرط وخير لها أن تكون في شكلها البسيط دالة على وقار المعرفة التي تحملها.
الأكيد، هناك محاولات جادة في السنوات الأخيرة للارتقاء بالمستوى الفني للغلاف في الجزائر. فإننا نشاهد في الآونة الأخيرة عملا فنيا راقيا تقوم به بعض الدور لتخرج الكِتاب في حلة قشيبة يرمز فيها الغلاف إلى كثير من محتوى الكِتاب أو على الأقل يُوحي به. ومن ثم فإن التوجه العام في دور النشر اليوم وخاصة بعد توظيف المختصين في الديزاين تتقدم صناعة الكِتاب الأدبي خطوة إلى الأمام تتنافس فيها دور النشر تنافسا ملحوظا.
الطيب لسلوس/ شاعر ومصمم أغلفة
صناعة غلاف هي بالأساس تحويل الجملة اللغوية لعنوانه إلى جملة بصرية
الأكيد أن صناعة الكتاب هي سلسلة متكاملة، ولو تأملنا جيدا فدار نشر لا تختلف في مضمونها التسييري عن جريدة أو مجلة من حيث الشكل والهيكلة فكلاهما يحتوي على كُتّاب من نوع خاص، يحررون مادة النشر، ومصححون ومصممون، ربما يولي مدير الجريدة الأهمية للإخراج، لكونه في تماس يومي مع تسويق شتى المضامين الاستهلاكية بما فيها ما يحرره الكُتاب أنفسهم. لكن لا يهتم صاحب دار النشر بصورة المنتوج ربما لأنه ينطلق من كونه يسوق مضمونا لا شكلا. من هنا بالذات أريد أن أتكلم عن شهادة ميلاد الكِتاب ذاتها والحالة المدنية الراهنة وتاريخيتها والتي أشرفت على تعريفه كدال في مملكة المقتنيات، فالكِتاب مازال يمارس وجوده ككائن (روحاني) أي لا يزال يمارس وجوده من حيث أن جوهره في مضمونه لا في شكله، ومن ثم يدعونا إلى أن لا نلقي بالا إلى شكله الجمالي من حيث هو صورة لمضمون، بل النظر إلى جوهرته الخفية الكامنة في مضمونه كمدونة.
أنا هنا أحاول أن أحاصر مخيالنا العام واللاواعي عن صورة الكِتاب التاريخية، الكِتاب كدعامة support إشهارية حاملة لمضامين ما. ما أردت أن أقول باختصار أنه لا داعي لاتهام الناشر كونه لا يهتم بالمظهر الجمالي للدعامة الحاملة لمضمون الكِتاب فهذه الممارسة لا واعية وتنطلق من مسلمات قبلية وتصورات (قروسطية) أين كان الكِتاب يستمد قوة حضوره من اسم الكاتب ومضمونه (كمدونة) مهما كانت الدعامة التي تحمل هذا المضمون وهذا لا ينطبق علينا نحن المجتمعات غير المنخرطة في صناعة تاريخ الكِتاب الراهن والرواهن محايثة، بل إن هذا كان حال الكِتاب في كل الأمم في فترة ما قبل (الأنوار) تحديدا.
والآن فمن الطبيعي أين لا يزال يعتقد الكاتب أن من حقه أن يختار لوحة غلاف لكتابه، وأن هذا الأمر يعود له وحده. هذا لأن الكاتب نفسه لا يعرف أو لا يعترف بأن هناك فنان آخر ظهر للوجود متخصص في إظهار مضمونه الكتابي (مدونته) في صورة تسويقية وجمالية تناسبها، هذا المصمم الذي ولد مع المطبعة الحديثة ومن رحم برامج التصميم المرافقة للصناعة الما قبل مطبعية، هذا الفنان الذي يصر أن الكِتاب دعامة لا بد من جعلها ذات شكل يخضع في غالبه لشروط تسويقية ودعائية مثله مثل كل المنتجات الاستهلاكية. إن صناعة غلاف كِتاب هي بالأساس تحويل الجملة اللغوية لعنوانه إلى جملة بصرية، تعمل الجملة البصرية في غالب الأحيان في تعميق الجملة اللغوية وهي تأتي قوية وضعيفة حسب حساسية المصمم وتعاطيه الفنون البصرية بدءا باللوحة التشكيلة وانتهاءً ببعض العلوم المساعدة على تعميم بعض الأفكار الفنية كعلم الألوان والأشكال وثقافتهما و، و، و،، مع أنه ليس في كل وقت يصلح القول أن الجملة اللغوية التي تعتبر عنوان العمل الفني قابلة للتحويل إلى جملة بصرية وهنا ربما على المصمم أن يلجأ إلى مضمون مدونة الكاتب ومحاولة تلخيصها في صورة بصرية تلخص العمل ومن ترجمة ذلك المضمون الفكري إلى مضمون بصري. وكم من كاتب كان ضحية فكرة إخراجية رديئة وكم من قارئ كان ضحية فكرة إخراجية قوية.
خالد بن صالح/ شاعر
«الكتب التي نحبها نتذكر أغلفتها»
غلافُ الكِتاب، هذا المُعطى البصري الأول أو القراءة البصرية التي تشتركُ فيها الكلمات والألوان والمعاني والإيحاءات في جذب القارئ. يقول الكاتب أورهان باموك «لا نستطيع أن نتذكر الكُتب التي نحبها بشدة دون أن نتذكر أغلفتها أبضاً» ربما تقل الظلال العاكسة لهذه العبارة المشرقة بإسقاطها على واقع تصميم الكُتب في الجزائر، خاصة بالنسبة لدور النشر العربية. قليلون هم الناشرون الذين يولون الموضوع أهمية رغم أن العملية التسويقية تؤكد أن لغلاف الكِتاب، بما يتضمن من عنوان واسم للكاتب ودار النشر يحملُ على عاتقه نسبة قد تعادل الثلث في انجذاب القارئ إليه واقتنائه. الاحترافية تتطلب اعتماد مصممين وكاليغرافيين بصفة دائمة، وليس الاستغناء عنهم كما يحدث عندنا، أو العمل معهم بصفة مؤقتة، لا تخدم الخط الذي يجب أن تتبناه الدار، أدبيا أو فكرياً كان، بما يتماشى والإطار العام لاعتماد إخراج خاص للكُتب يعكس رؤية فنية متفردة. دون ذكر أسماء دور النشر هناك استثناءات سواء بالعربية أو الفرنسية، استطاعت أن تستثمر في الانفتاح العالمي والشراكات وتتبنى مشروعاً يفرض عليها التميز والعمل بالآليات الفنية الكفيلة بصناعة كِتاب بجودة عالية. شخصيًا أحزن كثيرا للأعداد الهائلة من الكُتب التي لم تراعَ فيها أبسط أبجديات الطبع: الورق، نوع الغلاف، الخط، الألوان وغيرها. الأسئلة كثيرة: تقشف مثلا؟ عدم مبالاة؟ ارتجال؟ أو كما هو سائد، الناشر هو كل شيء.. هو المدقق اللغوي، والمصمم، والمراجِع الفني، ومقيِّم العمل؟ متى نتجاوز هذه البديهيات وتصبح العملية أكثر احترافية وجمالية. حتى اعتماد صور ولوحات فنانين عالميين أو هواة له مقاييسه وشروطه ليكون التصميم في مستوى تلك الأعمال، يضيف للكِتاب ما يحتاجه المحتوى ليثير انتباه المُتلقي حتى من خلف واجهة زجاجية مضببة.. كما أنَّ عقد جلسات مع الكاتب والعمل بمبدأ المقترحات بين المصمم والناشر وصاحب المخطوط يُمكِّن الأطراف الثلاثة من الخروج بنتيجة تخدم العملية ككل.
كلُّ هذا في كفة، وما سيأتي للأسف في كفة أخرى، عندما نتحدث عن الظروف المعقدة للنشر في الجزائر، مع أن السنوات الأخيرة شهدت توسع رقعة نشر الكِتاب نوعا ما وظهرت ملامح أولى لمشهد مختلف، سرعان ما غرقت في الفوضى والارتجال. كما أن المؤسسة الرسمية لم ترسم خطوطاً واضحة المعالم، وفق معايير موضوعية للدعم من أجل تشجيع دور النشر الجادة، والتفكير في سياسة توزيع تضمن وصول الكِتاب للقارئ عبر تراب الوطن. في حين لم تضف شركات التوزيع الخاصة، للأمر شيئاً. إن الحديث عن سوق للكِتاب، له علاقة مباشرة بجودة الطباعة وتصميم الكِتاب. إن هذا يعيدنا بالضرورة للعلاقة بين الناشر والكاتب. علاقة تحكمها ظروف تظل مجحفة في حق الكاتب الذي لا يكتفي بحلم إنهاء عمل ما، بقدر ما تبدأ معاناته في البحث عن سُبل نشره وتوزيعه دون أن تُهضم حقوقه وهذا ليس بالهيِّن أبداً.
بوداود عميّر/ كاتب وناقد ومترجم
في الجزائر، ليست هناك عناية بتصميم الغلاف
من منا لم تطبع في ذهنه وذاكرته رسومات الفنان المصري «جمال قطب» الذي كانت تزيّن ريشته أغلفة الأعمال الروائية للكاتب الكبير نجيب محفوظ، رسوماته كانت بمثابة عنوان آخر للرواية، توازي بمعانيها الحسية والجمالية قيمة العنوان وأهميته في العمل الروائي، وتتناسب تماما مع مضمون العمل، لم يكن القارئ يشعر بأي حال من الأحوال وهو يتفحص رسومات الكِتاب وعنوانه كأول نقطة تواصل بين القارئ والكتاب، بأنها تبدو مقحمة لا تمت بصلة لمحتوى العمل كما هو الشأن اليوم، كان غلاف الكتاب بعنوانه ورسمه ولونه أحيانا يحدد جنس الكتاب ومحتواه، وبالتالي يتيح للقارئ حرية اختيار ما يرغب في قراءته، تماما كما هو الشأن بالنسبة لملصقات الأفلام السينمائية، من هنا ربما تأتي حسرة النقاد على افتقاد قيمة فنية معتبرة كانت تضفي على العمل السينمائي جمالية طبيعية وسحرا خاصا لم تتمكن تكنولوجية الصورة السريعة من تعويضها، فليس غريبا أن تتحوّل ملصقات الأفلام العالمية الشهيرة إلى تحف فنية، تتهافت المعارض الفنية على اقتنائها وعرضها. غلاف الكتاب بما كان يتضمنه من لوحات فنية ورسوم وخطوط وألوان، كان يتيح من جانب آخر فرصة بروز المواهب الفنية في مجال الرسم وحتى الخط أحيانا، لا ننسى أن الرسوم إياها كانت مخصصة لأعمال بعينها، ولم يكن مسموحا فنيا وأخلاقيا نقل رسم ما لفنان معين إلى كِتاب آخر دون استشارة الرسام أو الكاتب، وبالتالي حدث نوع من الشراكة بين الروائي والفنان، وهو أمر بديهي في إطار ما يعرف بجدلية التكامل بين الآداب والفنون على اختلاف أجناسها، باعتبارها تطمح إلى تحقيق نفس الهدف، وهو تأسيس ذائقة جمالية في فكر ووجدان المتلقي، والسعي نحو استقطابه وجذبه لاقتناء الكِتاب، من هنا توطدت علاقة شراكة بين الكاتب والفنان، كما كان الشأن بالنسبة للعلاقة التي كاتب تجمع بين نجيب محفوظ وجمال قطب وأسماء فنية أخرى، لينتقل التواصل إلى القارئ الذي أصبح يعرف إلى جانب نجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس، فنانين ورسامين كذلك، وسرعان ما أضاف لاهتمامه المتمثل في المطالعة وقراءة الكُتب، اهتماما آخر بالرسوم واللوحات الفنية. الأمر مختلف تماما عندنا في الجزائر للأسف، ليست هناك عناية ولا اهتمام بتصميم الغلاف قديما وحديثا، لأن المؤسسات الثقافية المخول لها إصدار الكِتاب والتسويق له علاوة على دور النشر، تكاد تنحصر عملية انجاز الكِتاب عندها فضلا عن الغلاف إلى طرفين رئيسيين: المؤلف والناشر، مع أفضلية واسعة بطبيعة الحال إلى الناشر في إدارة عملية الانجاز. ولأن مديري دور النشر في معظمهم لا علاقة لهم بشؤون الكِتاب إدراكا وفهما لدوره التربوي والتثقيفي، يعتبرون الكِتاب بضاعة ليس إلا، يطرح في السوق ويرضخ شأنه شأن البضائع الأخرى إلى قانون العرض والطلب. عدم اقتناعنا الكامل بفكرة أن الكِتاب صناعة قائمة بذاتها تأليفا، نشرا وتوزيعا، في اعتقادي من وراء فشلنا في صناعة كِتاب ناجح شكلا ومضمونا، ذلك أن الكِتاب عملية تشاركية بالأساس، هو انجاز ثقافي وحضاري وعلمي وفني يتولى إدارته وتسيير شؤونه المالية والفنية فريق متكامل ومتنوع: الكاتب، الناشر، الموزع، الرسام، الخطاط، المصحح اللغوي، لجنة القراءة، لجنة الإشهار، لجنة التوزيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.