أبدى سكان أحياء وقرى بلدية الناصرية شرق بومرداس، استياءهم وتذمرهم الشديدين ازاء جملة المشاكل التي يعانون منها بعدما تحولت بلديتهم في الآونة الأخيرة، إلى مرتع لكل أشكال الإجرام التي تنفذها شبكات وعصابات محترفة، ينشط فيها عناصر من مختلف الفئات العمرية والذين أرغموا السكان على العيش في حالات دائمة من الخوف والرعب والقلق، إذ يستهدفون بصفة أكثر سرقة السيارات والمنازل والمحلات التجارية، ويمارسون اعتداءات خطيرة في حق المواطنين، وينفذون حواجز مزيفة ويروجون لمختلف أنواع الممنوعات، مستغلين غياب الأمن في المنطقة لتحقيق أهدافهم الإجرامية بكل سهولة، في ظل تماطل السلطات في تدعيم المنطقة بوحدة للدرك الوطني ومركز للأمن الوطني. حيث تعرف الجريمة بمختلف انواعها على مستوى أحياء وقرى بلدية الناصرية شرق بومرداس، ارتفاعا مرعبا ومقلقا، حيث أصبحت ملجأ لأعداد هائلة من المجرمين ومن كل الأعمار ينشطون في مختلف عصابات وشبكات الإجرام، بعدما اتخذوا من هذه المنطقة مكانا لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، وحوّلوها في الآونة الأخيرة إلى “منطقة حمراء”، حيث تبنى هؤلاء المنحرفون الجريمة بكل أنواعها وأشكالها بداية من البسيطة كالاعتداء على المواطنين واقتحام المنازل وسرقة المحلات، إلى الجريمة المنظمة كتزوير وسرقة السيارات التي تبقى الأكثر نشاطا، تليها ظاهرة ترويج المخدرات والمشروبات الكحولية والحواجز المزيفة، فضلا عن تواجد عصابات متخصصة في تصفية الحسابات الشخصية. توفير الأمن يعد ضروريا في المنطقة كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحا عندما وصلنا إلى وسط مدينة الناصرية، وكان كل شيء يظهر عاديا، ولم نكن نتصور أننا في المنطقة التي نسمع عن ارتكاب جرائم شبه يومية في ترابها، فالنشاط التجاري كان كثيفا جدا والمواطنون يتواجدون في كل مكان، داخل المحلات وعلى الأرصفة، يقطعون الطرقات داخل المقاهي وفي مواقف الحافلات وغيرها، حوالي نصف ساعة من المعاينة، حاولنا الاقتراب من بعض المواطنين للتحدث إليهم عن الوضعية الأمنية السائدة في المنطقة، وبعدها أدركنا خطورة الوضع، وأول شخص تحدثنا إليه هو شيخ في السبعينيات من العمر، كان جالسا أمام كافيتيريا، استهل كلامه عندما أعلمناه أننا من الصحافة، قائلا “ان بلدية الناصرية أصبحت منطقة جد خطيرة ومحرّمة على سكانها وزوارها، ومعظم من دخل إليها عاش الجحيم، فالوضع غير آمن”. كما قدم لنا ذات الشيخ بعض النصائح والتحذيرات التي يجب التحلي بها لتجنب كل أنواع المخاطر خاصة في بعض قرى البلدية. ملامح الجريمة بادية على بعض الشباب اغتنمنا فرصة التجول رفقة أحد الأصدقاء في مدينة الناصرية، وكذا على مستوى بعض القرى التابعة لها على غرار قرية بومراو، أورياشة وقرية بوعاصم وغيرها للتدقيق نوعا ما في ملامح الشباب المعروفين في المنطقة أنهم متورطون في مختلف قضايا الإجرام، حيث قرأنا في عيون البعض منهم كل صفات وأنواع الجريمة، وهذا نتيجة للنظرات الغريبة والمخيفة التي يوجهونها للغرباء، فلن يكادوا ينزعوا عيونهم التي تنبعث منها نظرات توحي بالتهديد والوعيد من كل شخص غريب إلا إذا غرب عن وجوههم، وما يثير الانتباه كذلك تلك الحركات السريعة والمشبوهة التي يقومون بها، والتي توحي باستعدادهم لتنفيذ عملية إجرامية معينة، خصوصا وأن الهواتف النقالة لا تكاد تنزع من آذانهم، ما يدل على أنهم على اتصال دائم فيما بينهم للتخطيط لجريمة سيقومون بها، لم تكن المهمة سهلة لإنجاز “روبورتاج” في مثل هذه البلدية نظرا لخطورة الوضع، وهذاما دفعنا للالتزام حرفيا بنصائح وإرشادات الشيخ، حيث أخذنا خلال جولتنا الميدانية بعض الوقت في مواقف الحافلات، وحاولنا التجسس والاستماع عن قرب بعض أحاديث المواطنين. نساء، قصّر وشيوخ يتعرضون لعمليات سرقة بالرغم من خطورة الوضع إلا أن صديقنا استطاع أن يعقد لنا عدة لقاءات ومقابلات مع المواطنين، وأول مشكل طرحه علينا سكان هذه المنطقة، هي تلك السرقات المتكررة التي تستهدف السكان و المنازل والسيارات، وحسب هؤلاء فان اللصوص يقضون جل أوقاتهم في الفترات الصباحية بين المباني والعمارات، ويتنقلون بين قرية وأخرى ويراقبون ويترصدون العائلات التي تغيب عن منازلها، وبعد حلول الليل يلثمون أنفسهم ويقتحمون هذه المنازل، حيث يجربون عدة مفاتيح لفتح الباب من دون إحداث صوت أو إثارة ضجيج، وفي حالة عدم نجاح العملية يتجرؤون على كسرها والسطو على ما في داخلها من ممتلكات، وفي هذا الصدد، اكد رب عائلة ساكن بقرية “بوعاصم” أنه تعرض لعملية سرقة طالت هاتفه نقال ومبلغ من المال كان في جيبه من قبل عصابة كانت ملثمة، وفي نفس السياق، يقول مواطن آخر ساكن بقرية “علوان” انه تعرض لعملية اعتداء من قبل شبكة، حيث قاومهم ليتعرض لاعتداء تم نقله الى المستشفى نظرا لخطورة الاصابة التي تعرض لها. وقد اكتشفنا خلال زيارتنا لهذه المنطقة أن شبابا قصّرا لا تيتجاوز أعمارهم 18 سنة ينشطون ضمن عدة شبكات إجرامية في الليل والنهار زرعت الرعب في نفوس المواطنين الذين أصبحوا معرضين للخطر، على أيد أشخاص يتفنون في استعمال الأسلحة البيضاء التي تمكنهم من سلب المواطنين كل ما بحوزتهم، بعدما أصبحت موضة اكتساب السلاح الأبيض جد رائجة في صفوف هؤلاء المنحرفين، وفي هذا الصدد، اكد لنا شيخ في الستينيات من العمر يقطن بقرية “حمادة” انه تعرض مؤخرا لسرقة مبلغ مالي معتبر، بعدما أقدم مجهولون على الاعتداء عليه وهددوه بالقتل، كما تعرّض شيخ آخر في قرية “أورياشة” لسرقة مبلغ مالي قيمته 15 مليون سنتيم. هذه بعض الحالات التي أقدم عليها شباب منحرف، ناهيك عن تعرض عدة نسوة وقصّر لعمليات اعتداء وسرقة. ظاهرة نصب الحواجز المزيّفة تعرف ارتفاعا كبيرا أصبحت ظاهرة نصب الحواجز المزيّفة ببلدية الناصرية شرق بومرداس، تأخذ منعرجا خطيرا وتتفاقم من شهر لأخر -حسبما اكده لنا سكان المنطقة-، مؤكدين انه رجل في الخمسينيات من العمر تعرض لعملية سرقة سيارته بعدما نصبت عصابة حاجزا مزيفا، وطلبت منه سيارته والا القتل، مؤكدين أن معظم العمليات من هذا النوع من السرقات تم تنفيذها بمنطقة واحدة التي سميت بمنطقة نصب الحواجز المزيّفة. انتشار حالات السرقة والاعتداءات بالمحطة الرئيسية للمنطقة اعتبر سكان بلدية الناصرية شرق بومرداس، محطة نقل المسافرين المتواجدة بوسط المدينة المكان الأكثر تسجيلا لعدد الاعتداءات التي يمارسها شباب منحرفون في حق المارة، وهذا باستخدام الأسلحة البيضاء حيث يقومون بتجريدهم من ممتلكاتهم خصوصا الأموال والهواتف النقالة، كما تعتبر فئة النساء الأكثر استهدافا في هذا المكان، حيث يقوم المنحرفون بسرقة مجوهراتهن وحقائبهن ويفرون بسرعة فائقة إلى وجهات مجهولة لا يعرفها إلا منفذوها، ولم يخف السكان أن المكان المذكور راح ضحيته العديد من المواطنين الذين تعرضوا للاعتداء بالأسلحة البيضاء، لاسيما وأن ذات المكان يقصده العديد من المارة. عدوة استهلاك المخدرات تنتقل إلى أوساط التلاميذ لم تنحصر ظاهرة بيع المخدرات في الناصرية، على فئة البالغين والشباب فقط، بل أكد السكان أن حتى فئة التلاميذ المتمدرسين لم تنج من هذه الظاهرة، واعترفوا أن عدد التلاميذ الذين يتناولون المخدرات في ارتفاع مرعب، والتي أصبحت تنتشر بكثرة داخل المؤسسات التربوية، وأرجع بعض أولياء التلاميذ أسباب ذلك إلى كثرة تجار المخدرات الذين يبيعون سمومهم على مرأى الجميع من دون تدخل أي جهة مسؤولة لرفع الستار بما في ذلك تعنت السلطات البلدية للتدخل، وهو الأمر الذي استاء له هؤلاء مطالبين من السلطات المعنية التدخل السريع لوضع حد لهذه التصرفات قبل حدوث لأبنائهم ما لا يحمد عقباه.