تقود السيارة تتنزه وتترجل لعلك عزيزي القارئ قد لاحظت كما لاحظت أنا أن المرأة الجزائرية إضافة إلى اكتساحها للمجالات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية، قد اتجهت اليوم إلى قيادة العربات بكل أنواعها من سيارات وشاحنات، وأنا واحدة منهن دون أدنى انكار لكنني حاولت أن أتعمق أكثر في فحوى الموضوع، وأن أربطه بالمحللات والمحرمات الشرعية فوجدت مفاسد تفوق الخيال. تأملت المفاسد المترتبة عن قيادة المرأة للسيارة فوجدتها قرابة كثرة خروجها من البيت لحاجة ولغير حاجة، لكون السيارة تحت تصرفها تحركها متى شاءت وتوقفها متى شاءت، فستُكثر الخروج للتنزه ولزيارة صديقاتها وارتياد الأسواق، وربما للاستمتاع بقيادة السيارة أو غير ذلك من الأسباب، بينما المشرع للمرأة هو أن تقر في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة، كما أمر بذلك الله زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين في قوله “وقرن في بيوتكن”. كثرة الخروج تكثر المفاتن إن كثرة خروج المرأة من منزلها يلزم منه كثرة تعرضها لأعين الناس المحيطين بها وإن كانت عفيفة، ومن ثم تعلقهم بها، ومعرفتهم لها كلما دخلت وخرجت، ونزلت من السيارة او ركبت، لا سيما المرأة المتصفة بالزينة الظاهرة كالطول ونحوه، هذا إذا افترضنا أنه لم يخرج منها شيء من زينتها الباطنة كالوجه والكفين والقدمين ونحو ذلك، فكيف إذا خرج؟ البعد عن عين الرقيب إن في قيادة المرأة للسيارة تسهيلا لبعدها عن عين الرقيب من الأولياء، فربما زين لها الشيطان بذلك الاتصال بمن يحرم عليها الاتصال به، أو الذهاب إلى أماكن بعيدة لفعل الفاحشة، وقد لا يكون ذلك في أول الأمر، ولكن الشيطان يزين لها ذلك شيئا فشيئا، لا سيما مع كثرة المغريات والمثيرات لكلا الجنسين في الوقت الحاضر، وكثرة الذئاب البشرية اللاهثة وراء الجنس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم”. نزع الحجاب وكشف الوجه إن قيادة المرأة للسيارة يلزم منه نزع حجابها وكشف وجهها لتتمكن من القيادة ورؤية الطريق، ومن المعلوم أن الوجه هو عنوان الجمال، ومحط أنظار النساء والرجال، وإذا كان الله قد نهى المرأة عن أن تضرب برجلها إن كان في رجلها خلخال لئلا يفتتن الرجال بصوته، فكيف ستكون الفتنة بمن كشفت وجهها؟ فإن قال قائل: “إنه يمكن لها أن تقود السيارة بدون أن تكشف وجهها، بأن تلبس نقابا أو برقعا!” فالجواب: إنها لو غطّت وجهها أثناء القيادة فلا بد من كشفه عند نقاط التفتيش لمطابقة الوثائق الأمنية! ثم إن لبسها للنقاب أو البرقع فيه مشقة عليها أثناء القيادة، وربما سبّب لها ذلك اضطرابا أثناء القيادة وصعوبة في الالتفات إلى من هو على جانبي الطريق، وفي هذا من الخطورة ما فيه، ولهذا فإن قيادة المنقبة والمبرقعة للسيارة قد مُنعت رسميا في بعض البلاد! فلم يبق إلا نزعه بالكلية، والله الهادي.فإن قيل: يمكن حل هذه المشكلة بتوظيف نساء في قطاع المرور، ومن ثم لا تضطر قائدة السيارة لكشف وجهها لرجال المرور! فالجواب: إن هذا حل جزئي، لأن في إيجاد مثل هذه الأعمال للنساء فتحا لمفسدة أخرى ألا وهي الاختلاط بين الرجال والنساء العاملين في مجال المرور، ولزوم تواجدهن على مدار الساعة في الشوارع والطرقات صباحا ومساء، وهذه مفسدة بحد ذاتها. نظرة فابتسامة فسلام وفضلا عن انكشاف محاسن المرأة فإنها ستضطر للحديث مع الرجال عند محطات الوقود، أو عندما تتعطل سيارتها في الطريق أو في ورش صيانة السيارات، أو في الحجز إذا نُقلت إليه بسبب المخالفات المرورية، وحُجزت المدة القانونية وراء القضبان، بينما المرأة اللازمة بيتها قد كفاها الله ذلك كله، والمعصوم من عصمه الله عز وجل. التفريط في حق البيت والأولاد إن قيادة المرأة للسيارة وما يلحق ذلك من كثرة الخروج من المنزل يترتب عليه أيضا تفريط في حق البيت والأولاد بقدر ما تخرج ربته منه، وبالتالي فلن يشعر الأولاد بأن لوالدتهم كبير دور أو عظيم مكانة بينهم، لا سيما والتربية والحضانة أضحت في بيوت كثير من الموظفات من مهمات الخدم، الذين غالبهم من الأعاجم الذين لا يحسنون تربية الأولاد، وربما كانوا من النصارى أو الوثنيين! فكيف إذا كان الخروج لغير حاجة؟ فهنا تكون المصائب الثلاث: الأولى: أن الأب لا يقوم بشؤون بيته، والثانية: أن الأم لا تقوم بشؤون منزلها، والثالثة: أن الأولاد بيد الخدم، ومن ثم فلا تسأل عن حال البيت. والحق أن لزوم البيت هو الأولى لربته، وأن العناية بشئون البيت هو الوظيفة الأساسية للمرأة المسلمة. حصول الشك بين الزوجين إن كثرة خروج المرأة مدعاة لحصول الشكوك بين الزوجين، إذ إن الزوج لن يأمن أن تكون زوجته على اتصال بغيره لسهولة وقوع ذلك لما صار أمر خروجها بيدها، وتتأكد تلك الشكوك كلما حصل تأخير في رجوع المرأة إلى البيت أو خروج بدون إذنه، أو إذا خرجت متزينة. وإذا وقعت الشكوك بين الزوجين فلا تسأل عن العلاقة بينهما كيف تصير! بل ربما صارت قيادة المرأة للسيارة رافداً قوياً وسبباً جديداً من أسباب الطلاق في المجتمع، بخلاف المرأة اللازمة بيتها فإن زوجها آمن عليها مطمئن لها.إن كثرة خروج المرأة من المنزل سبب في سقوطها من أعين الناس المحافظين على دينهم وقيمهم، فلن يرغب بها الرجال الأخيار ولو رغبوا فيها فالغالب أن العلاقة بينهما لا تستمر، لأنها ستكون مسترجلة تشعر بإمكانية استقلالها عن زوجها واستغنائهاعنه. اندثار الحياء والرجولة إن في كثرة خروج المرأة من بيتها إذهاباً لحياء المرأة وأنوثتها وخروجاً لها عن طبيعتها، فإنك ترى المرأة الخرَّاجة الولاَّجة قليلة الحياء عالية الصوت، لا تشبه بنات جنسها في حيائها وعفتها، بخلاف المرأة القليلة الخروج من بيتهاالقليلة الاحتكاك بالرجال، فإنك تراها حيية خافضة الصوت قاصرة الطرف. ولهذا قرن الله الآيات الآمرة بالعفاف بالآيات الآمرة بالقرار في البيت وذلك في سورة الأحزاب في قوله تعالى “وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى”، لأنه لا يحصل هذا إلا بهذا. ضعف النفس والاغواء والمعاكسة إن انفراد المرأة بسيارتها يعرضها لضعاف النفوس بإغوائها ومعاكستها، أو التخطيط لوقوعها في قبضتهم كرهاً أو اختيارا، مستغلين ضعفها وبعدها عمن هي في حفظه وعنايته، لا سيما في هذه الأزمان التي وصل الحال ببعض قليلي المروءة والحياء إلى أن يتحرشوا بالمرأة وهي مع محرمها، أو بين الناس في الأماكن العامة والأسواق! فكيف إذا كانت في السيارة وحدها أو مع أبنائها منصرفة من استراحة أو برٍ آخر الليل؟ وهنا قد يقول قائل: إن فتاة الغرب لا يتعرض لها أحد أثناء قيادتها للسيارة! فالجواب: لو سلمنا بصحة هذه المعلومة فإن ما يراد من الفتاة الغربية قد حصل، فلا حاجة إلى بذل مراودة أثناء قيادتها للسيارة، بل صارت هي التي تركض وراء الرجال، نسأل الله العافية والسلامة. زيادة الأعباء المالية إن زيادة الأعباء المالية على الأسرة ربما اضطرت المرأة إلى البحث عن وظيفة لتجد منها دخلا يسد الأعباء المالية الجديدة، وهذا فيه زيادة أعباء مالية وبدنية على المرأة، كما أن فيه تفريطاً بحقوق البيت الذي تركته للخدم بدون حاجة ماسة، ثم الطامة الكبرى وهي الاختلاط بالرجال في ميادين العمل إن كانت في بلاد تسمح باختلاط الرجال بالنساء، نسأل الله العافية.- إن في قيادة المرأة للسيارة فتح باب لشرور كثيرة أخرى تأتي تبعا! كفقدان الاستقرار البيتي والسفر بدون محرم، والخلوة بالرجال الأجانب، ولن يستطيع أحد أن يضبط ذلك كله لا أهل الحسبة ولا رب البيت ولا حتى ولي الأمر، بخلاف المرأة اللازمة بيتها فإن أولادها سيشعرون بدفء الأمومة وجمال الاستقرار الأسري، وتربيتهم على العفة والحياء وشعورهم بمكانة والدهم في البيت، ووجود الترابط فيما بينهم لكثرة اجتماعهم في البيت، بخلاف الأسرة التي كلما دخل واحد خرج الآخر.