أكد المخرج المسرحي عمر فطموش، على معاناة المسارح العربية في الفترة الراهنة من مشاكل خلّفتها الأزمات السياسية التي يعيشها العالم العربي مؤخرا، والتي ألقت بظلالها على الجانب الفني ما أثر على الترويج الثقافي، مشيرا إلى أن الجزائر أصبحت محط أنظار المبدعين الذين يتمنون الانطلاق منها للتعريف بأعمالهم. قال فطموش مدير المسرح الجهوي لمدينة بجاية، أن مخلّفات الأزمة السياسية العربية، أدت إلى مشاكل على صعيد البلدان المهمة في الترويج الثقافي والفني على غرار الكويت، اليمن، والأردن، مشيرا إلى وجوب استغلال الجزائر لهذا الوضع والاضطلاع بمهامها اتجاه هؤلاء الفنانين، ابتداءا من استيعابهم ووصولا إلى تحولها لبوابة حقيقية للترويج الفني والثقافي. وتطرق المتحدث خلال اللقاء الذي جمعه بعدد من الوجوه الإعلامية أمسية الثلاثاء، في الفضاء الأسبوعي "موعد مع الكلمة" الذي ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام بقاعة الأطلس، إلى الأهمية التي يكتسيها الفن الرابع في المجتمعات، حيث قال: "تفطنت الحكومة إلى الأهمية الكبيرة للمسرح وأدركت ضرورة التكفل به، الأمر الذي يتجلى من خلال أول قرار يصدر بعد الاستقلال بتأميم المسرح الوطني". ومن جهة أخرى نفى فطموش معاناة المسرح من مشاكل كبيرة في الجزائر "كما يحلو للبعض وصف واقعه"، حيث أكد أن "راهن المسرح يظهر بحالة جيدة، كما يعد بالكثير مستقبلا، نظرا لعراقته وتاريخه المشرق الذي تشهد عليه الأعمال المتداولة لعمالقة الفنانين الجزائريين من أمثال، الحاج عمر، رويشد، مصطفى كاتب، كلثوم، علولة، مجوبي..وغيرها من الأسماء". وأضاف المتحدث أن المسرح الوطني كان وما يزال فضاءا لاحتضان الثقافة الجزائرية المتعددة النكهات، مذكرا بالعشرية السوداء التي دمّرت كل الأسس الفنية للبلد، طالبا أخذها بعين الاعتبار قبل أي انتقاد سلبي يوجّه لهذه المؤسسة وإنتاجاتها الحالية". وشدّد مدير المسرج الجهوي ببجاية، على رفضه الانتقادات الموجهة للأعمال التي تعرض حاليا على خشبات أبي الفنون في كامل التراب الوطني، مبررا موقفه بالقول: "ليس من حق أي أحد وضع نفسه مكان الجمهور والتحدث على لسانه، دعوا المتفرج يحكم على ما تقدمه هذه المسارح التي تنشط إنتاجها مواهب شابة، لا يمكننا أن ننتظر منها تقديم ما وصل إليه المحترفون في فترة وجيزة". وفي سياق مختلف أبرز المتحدث سمات حالة الانتعاش التي يشهدها الفن الرابع على المستوى الوطني في السنوات الأخيرة، وقد أرجع هذا التطور على الإرادة السياسية الحالية التي تضع في الاعتبار أهمية العناية بالمسرح الذي يعد أحد المقومات الصحية في الدولة، فهو مرآة صلاحها واستقرارها من عدمه. ودعا فطموش إلى ضرورة تأسيس المزيد من المسارح الجهوية في مختلف ولايات الوطن حتى ينتعش هذا الجانب، ويتقرب الفن الرابع من المواطن، ويزيل عنه الخوف المترسب من سنوات العشرية السوداء من ارتياد المسارح وقاعات العرض السينمائية وغيرها من المرافق الثقافية والفنية. للإشارة، بدا أن المخرج عمر فطموش، لا يحبذ فكرة ترجمة النصوص المسرحية حرفيا، ويفضل بدل ذلك خيار الاقتباس عن الروايات العالمية، مما يتيح توليف الأحداث وإعادة صياغتها بما يتناسب وأفكار المجتمع الخاصة، كما يخفف من أزمة النص التي تعانيها الساحة المسرحية الوطنية، حيث يقول المتحدث بأن: "للترجمة المسرحية حدود يجب مراعاتها، حيث بالإمكان ترجمة النص الواحد بأربع صيغ أو أكثر كما أن بعض النصوص غير قابلة للترجمة أصلا، فأفضل ترجمة بالنسبة لي هي أفضل اقتباس ممكن".