يعد الكاتب المسرحي ولد عبد الرحمان عبد القادر المعروف ب«كاكي»، أحد أعمدة الفن المسرحي الوطني، إذ كتب مسرحياته انطلاقا من رؤيته الإخراجية، وقال عنها:«أنا لا أكتب مسرحيات للقراءة، إنني أصور بكلماتي أعمالا لتعرض على خشبة المسرح»، حيث أبدع في اختزال أحداث الثورة عبر عرضه الحامل عنوان «132» شهد لها تشي غيفارا بالاحترافية والإبداع. اختيرت مسرحية «132» لتكون محور النقاش والدراسة، خلال ندوة صحفية نشطها كل من الفنان بالكروي، وأحمد حمومي الباحث في المسرح والأستاذ بجامعة وهران، عبر الفضاء الأسبوعي «صدى الأقلام» الذي يخصص جلساته لدراسة نصوص الخمسينية، على غرار نص «132» لولد عبد الرحمن كاكي. تناول الفنان بالكروي قراءة المسرحية التي تبرز العديد من خبايا «132» سنة من الاستعمار وتطلعات الشعب حينها، وأكد بالكروي أثناء قراءته لنص المسرحية أن كاكي مفكر ومبدع، «تبدو أعماله في ظاهرها بسيطة إلا أنها تعبر عن صعوبة كبيرة في تجسيدها، ففكره يصنف ضمن خانة السهل الممتنع»، ومن جهته، تناول أحمد حمومي الناقد والباحث في مجال المسرح، دراسة نص «123» من وجهة نظره الخاصة، بحكم تخصصه في دراسة سوسيولوجيا المسرح، مقدما قراءة لا يمكن أن تفهم في ظل الجهل بشخصية ولد عبد الرحمن عبد القادر. وقال المتحدث أنه رغم كتابة كاكي للنص في ظرف استعجالي إلا أن العمل كان ناجحا وبني بطريقة جيدة:«لو أعطي له متسع من الوقت لأنتج عملا أفضل بكثير، ورغم ذلك استطاع نسج نص في ظرف أسبوع حيث قدمه شهر نوفمبر من العام 1962، وقد شهد له الرجل الثوري أرنستو تشي غيفارا بالنجاح عندما عرضت المسرحية بالعاصمة في الذكرى الأولى لاستقلال الجزائر وقال للرئيس بن بلة حينها «إنكم تملكون مسرحا حقا». وأكد حمومي، أن سر نجاح نص «132» يتمثل في كون الكاتب مطلع على أحداث تلك الفترة، حيث كان قاسيا وصارما على الخشبة، ومتطلبا يحب الخوض في الأعمال الصعبة. وأضاف المتحدث أن كتابات كاكي تصنف ضمن المسرح الملحمي، لأنه من عشاق سلافسكي الذي يعير الممثل كل الاهتمام، بينما كان متأثرا بأعمال بريخت الذي ينقص من سلطة الفنان ليعطي الحرية للجمهور، لذلك قال حمومي:«عشق كاكي سلافسكي وعمل مثل بريخت، وكان ذكيا في أعماله حيث جمع بين التمثيل والتغريب»، وشدد حمومي أثناء مداخلته، أن كاكي يعد أكبر رجل مسرح جزائري لما قدمه من أعمال ناجحة، وأفاد أن الفنان يعد أول من أدخل الحلقة إلى المغرب العربي إلى جانب الفنون الشعبية نظرا لاحتكاكه بالمداحة حيث حضر الحلقات الشعبية، فعبقرية كاكي أمر بديهي نظرا لاتساع ثقافته المزاوجة بين الشعبية والعالمية. ومن خلال قراءة أحمد حمومي، لنص المسرحية تناول جانبا من حياة الفنان كاكي حتى يبرز مصدر إلهامه وميولاته، حيث قال :«كاكي ابن حي شعبي من مستغانم، مكان نشاط حركة انتصار الحريات الديمقراطية والجمعية الثقافية السعيدية التي نشط بها السي الجيلالي مؤسس مهرجان مستغانم، واكتشف مواهب كاكي المسرحية قبل بلوغه سن ال13. للإشارة، يحمل رصيد كاكي عدة أعمال متميزة من بينها مسرحية «132» التي عرضت أول مرة عام 1963، إضافة إلى مسرحيات أخرى على غرار، بني كلبون، شعب الليل، الشيوخ، إفريقيا قبل سنة، ديوان القراقوز، القراب والصالحين، كل واحد وحكمه، وغيرها من الأعمال.. كما نال العديد من الجوائز التي نذكر من بينها، الجائزة الكبرى بالمهرجان المغاربي الأول عام 1963 بمدينة صفاقس بتونس، الميدالية الذهبية في المهرجان العربي الأفريقي بتونس 1987، والميدالية الذهبية بمهرجان المسرح التجريبي في القاهرة عام 1989 مناصفة مع المسرحي العالمي بيتر بروك، ليتوفي الفنان في 14 فيفري من العام 1995 بمدينة وهران.