كان موضوع »بريخت والمسرح الجزائري؛ مثال بريخت وولد عبد الرحمان كاكي« محور نقاش مساء الأربعاء بالجزائر العاصمة، نشطه الباحث الشريف الأدرع للتأريخ لصلة المسرحيين الجزائريين بمسرح بريخت. كما أبرز الباحث في لقاء »أربعاء الكلمة« لمؤسسة فنون وثقافة، »الشروط الجمالية لقيام مثل هذه الصلة بين الرجلين«، مبينا بأن تعامل المسرحي عبد الرحمان كاكي والمسرحي العالمي بريخت هو »تعامل الند للند وليس مجرد اقتباس، معتمدا على التراث الشعبي«. وتُعتبر هذه الدراسة التي نشرها الباحث الشريف الأدرع في كتاب يقع في 168 صفحة عن دار نشر »مقامات« للنشر والتوزيع في شقها التطبيقي«، »دراسة للمسرح الملحمي، كما يمثله بريخت، منظورا إليه في علاقته بمسرح كاكي، الذي يستلهم فن المداح ونظام تدليل الثقافة العربية الإسلامية والعكس صحيح أيضا«. كما بيّن أيضا رؤية الشاعر غير المنقطع عن القيم وتصورات الثقافة المحلية. غير أن الفارق الفلسفي بينهما يقول - الناقد الأدبي والمسرحي - لا يُنقص من قيمته عالميا؛ فهو أحد رجالات المسرح الجزائري مثله مثل كاتب ياسين ورويشد وعلولة، غرفوا من الأدب العالمي، وأثروا بتجاربهم في التراث المسرحي الوطني. وقال المحاضر إنه اختار بريخت لأن »التراجيديا اليونانية لا توجد في العمق الوجداني مقارنة بالتراث العربي الإسلامي، وبالتالي فالعرب مؤهلون للإبداع في الفن الملحمي أكثر في نوع التراجيديا«. كما يضيف المتحدث أن فن الحكي الذي يستعمل فيه الاستطراد ضاربا مثال ب »ألف ليلة وليلة« التي تتميز بالتضمين، وهذا ما يجعلنا - كما قال - أقرب لهذا النوع من المسرح إلى بريخت. كما أكد أن المسرح الجزائري »منفتح على التجارب المسرحية العالمية« كاهتمامه بالمسرحي »تشيكوف« وغيره، ويضرب مثلا بالمسرحي رشيد القسنطيني وغرفه من التجارب العالمية، غير أنه ظل منغمسا في التراث الشعبي، وهذا ما يجعله - كما اضاف - من الرواد ومن المقامات. وقد اهتم بهذا الموضوع، يقول المتحدث، »لقلة تناول الباحثين المسرح بطريقة فنية والمسرح الدرامي والملحمي«، مشيرا إلى أن هذه الدراسة »تندرج في حقل الأدب المقارن«. وقد استعان الباحث في الجانب التحليلي من دراسته بعدة دراسات سيميولوجية دون الاهتمام بمخططاتها الشكلية، بل حاول قدر الإمكان أن يجعل من المفاهيم والمقولات الجمالية المستعملة في البحث، غاية في الدقة؛ تجنبا منه لخطاب مقارني يسقط مسألة النص عموما على نص فني، هو النص المسرحي. للإشارة، الشريف الأدرع هو من أقلام جيل السبعينيات يجمع بين كتابة القصة القصيرة والمسرحية والنقد الأدبي والمسرحي. وكان الكاتب قد أصدر عدة أعمال منها »ما قبل البعد (قصص)، و»صاحبة الحسن كله (قصص)، بالإضافة إلى »جحا« (مسرحية)، و»وجوه وأقنعة (حوارات)، و كذا »كتابات في المسرح« و»إدوارد سعيد (مسرحية).