تحتفل العديد من مناطق الجزائر بقدوم الربيع الذي يعد أحد أهم الأعياد التقليدية المحلية، التي لا يمكن تجاهلها نظرا لقيمتها التراثية التي خلفها من سبقونا، ففي ولاية باتنة نجد أن هاته الاحتفالية تتباين في أشكالها من منطقة الى أخرى، وبلدية منعة تحي هذا العيد بتظاهرات متنوعة وكبيرة، سعيا منها لترسيخ هاته الاحتفالية التي تكاد تندثر من نفوس الأجيال الصغيرة بعدما توارثوها عن أجدادنا. تقاليد عريقة تتحدى التجاهل والنسيان أصبح ببلدية منعة في ولاية باتنة، الاحتفال بعيد «الربيع الأوراسي» أو كما يطلق عليه «بثافسوث» من الطقوس والعادات والتقاليد المميزة لإحياء حلول فصل الربيع، الذي يعد مناسبة «مقدسة» للفرح والاستبشار بقدوم موسم فلاحي واعد، وطمس كل مظاهر الحقد والغل والكراهية التي تسكن قلوب الناس، حيث كشف لنا أثناء تنقلنا الى بلدية منعة، لحضور هذه الاحتفالية السيد قالة موسى، ان ذات البلدية أصبحت تحيي هذه المناسبة بعد أكثر من 7 سنوات على التوالي، بعدما اندثرت لمدة سنين عدة لأسباب متعددة، أين أراد سكان هاته المنطقة التراثية خلال السنوات الأخيرة إعادة هذا الزخم الى ما كان عليه، وتطويره وجعله من بين التراث اللامادي و مهرجانا رسميا، نظرا لما تحمله في طياتها من أسمى معاني الفرح والمحبة والإخاء. وتبرز في المشهد الاحتفالي لهذه التظاهرة الأكلات والحلويات التقليدية التي تقدم بالمناسبة، والتي تدوم لمدة ثلاثة أيام كاملة، حيث وحسب رئيس جمعية الثقافية التراثية «تافوسث»، فإن هذه المناسبة تسبقها العديد من التحضيرات قبل الاحتفال بها يكون فيها كل سكان البلدية على موعد بقدومها، أين يتم جمع الأموال للتكفل بكل الأمور التي ترتبط بذه الأخيرة، في الوقت الذي تكون فيه حصة الأسد للتحضير من قبل النساء اللائي يقمن بإعداد كل الأطباق التقليدية المعروفة في المنطقة، على غرار طبق «الشخشوخة» وطبق «الرفيس»، إضافة الى إعداد بعض الحلويات الأخرى التي تصنع بهجة هذه الاحتفالية، فيماتقوم فيه كل عائلة بالبلدية بإخراج «الحنبل» أو «الزربية» التي تعبّر عن الوحدة والإخاء بين كل سكان المنطقة والبلدية بأكملها، كما تتخلل كذلك الى جانب هاته الأمور إقامة عروض مسرحية وندوات فكرية تتضمن تاريخ المنطقة، الى جانب تنظيم دورات كروية مع إقامة ورشات مفتوحة للرسم،فيما تنظم كذالك استعرضات لفرق البارود والخيالة تعبيرا عن أصالة المنطقة، حيث كشف لنا ذات المسؤول عن الجمعية، أن هاته التظاهرة التي ترتقي من سنة الى أخرى بسبب الاهتمام بهذه الاحتفالية التراثية، حيث شاركت في هذه السنة أكثر من 15 جمعية ناشطة في شتى الميادين، إضافة الى حضور 3 ولايات من الوطن على غرار ولاية خنشلة وأم البواقي وتيزي وزو. قلعة «تاقليعث» تصارع الزمن والنسيان بعد 5 قرون خلال زيارتنا التي قادتنا لحضور هاته الاحتفالية، وجدنا أن البلدية تحتوي على معلم تراثي قديم يتمثل في منطقة «تاقليعت» التي تعود بناياتها الى 5 قرون كاملة، تحتوي على 5 بوابات، إذ تعد من بين أهم الآثار التي تزخر بها ذات البلدية، التي يأمل سكانها أن تقوم السلطات المعنية بالالتفاتة إليها والمحافظة عليها من خلال إخراج كل المواطنين الذين يقطنونها، وتخصيص مبالغ مالية لترميمها وجعلها مقصدا سياحيا بامتياز، بعدما صنفت من قبل وزارة الثقافة في سنة 1982، من بين المحميات بالجزائر. منطقة سياحية بامتياز تنتظر الإهتمام ألقى اللوم رئيس الجمعية الثقافية التراثية «تافوسث»، على تقصير الجهات الوصية خاصة منها مديرية الثقافة، التي تعتبر المعنية بالتكفل والاهتمام بمثل هاته التظاهرات التي تعتبر السمة التي تميز المنطقة عن بقية المناطق بالولاية، أو عبر الوطن كله رغم توجيه دعوى لحضور هاته الاحتفالية في الوقت الذي أعطى فيه ذات المسؤول العلامة الكاملة لكل من مديري التربية والسياحة والغابات، والذين لبوا الدعوة واستمعوا لأهم الانشغالات المتعلقة بهذه التظاهرة على وجه الخصوص، وكذا الحفاظ على الزخم التراثي الذي تزخر به البلدية، حيث واستنادا الى ذات المسؤول، فإن الهدف من هذه التضاهرة هو جمع الشمل وفتح باب التعارف بين ولايات الوطن الجزائري. التي من خلالها يتم الكشف عن واقع السياحة الذي تزخر به هذه البلدية التي تعتبر منطقة سياحية بامتياز، حيث تنتظر التفاتة المسؤولين لها لافتقارها لعديد المرافق. وتبقى في الاخير الاحتفالات ب«ثافسوث» من التقاليد الضاربة في الصميم، والتي يجد سكان بلدية منعة متعة وابتهاجا كبيرين في إحيائها لأنها تظل قبل كل شيء عبارة عن تواصل مع الماضي وإحياء لتراث الأجداد، وأيضا مناسبة للفرح والتمتع بجمال الطبيعة.