حل فصل الربيع وحلت معه مختلف مظاهر الاحتفالات، واختلفت طرق استقباله فلكل منطقة من ربوع الجزائر عادات وتقاليد مختلفة تنم عن اختلاف الثقافات. يستقبل العاصميون أول يوم من أيام الربيع بلبس ملابس جديدة ومن لم يتسن له ذلك يجب عليه اذن أن يقلب أي قميص كان يرتديه حتى تقلب موازين حياته و تتبدل كل أحزانه بأفراح، أما البجاويون فيجتمعون في هذا اليوم البهيج بمقام المنطقة ويأخذون معهم الكثير من الحلويات وطبق الكسكسي بالخضر المدعو “أفورو” والبيض المقلي ليجتمعوا ويأكلوا في جو عائلي، ويتقاسموا جمال هذا اليوم ويتمتعون بمساحاته الخضراء الخلابة، في بني ورثيلان، أيضا يخرج المواطنون الى المساحات الخضراء لجمع مختلف الحشائش حتى يحضروا بها طبق الكسكسي أيضا ليتناولوه مع اللبن ويشربون القهوة بعد تحضير “المبرجة” في الغابات و المساحات الخضراء، أين يخرج الجميع دون استثناء كبارا كانوا أو صغارا يتقاسمون المأكولات المحضرة خصيصا لاستقبال أول أيام الربيع. في البليدة أيضا يتم الاحتفال بهذا الموسم عن طريق تقطير زهر البرتقال واليوسفي، وبعد عملية التقطير تتم صناعة مختلف الحلويات وتناولها ضمن تجمعات تشغل معظم المساحات الخضراء الجميلة الموجودة بالمنطقة، وفي منطقة عين بسام أيضا لا تختلف احتفالاتها عن باقي المناطق الأخرى اذ يتم جمع الورد و القريصة، كما يجب على كل فرد أن ينهض باكرا حتى تعود عليه كل أيام الربيع بالحيوية والنشاط، هي اذن عادات وتقاليد من عمق الجزائر عادات تجعل الاحتفال بالفصل بهيجا وممزوجا بمعالم الفرح والاستقرار، انه فصل الربيع فاستمتعوا به اذن. قطف عشبة “أذرييس” وجني الزيتون في تيزي وزو تتفاءل الأسر القبائلية بالربيع الأمازيغي الذي يعتبره سكان المداشر والقرى بمثابة موسم فلاحي يفتح لهم أبواب الرزق ويجلب لهم خيرات الطبيعة، حيث تحرص النسوة على الخروج إلى الأراضي الزراعية، مستغلين إعتدال الجو لقطف ثمار الزيتون وجلب بعض الأعشاب المشهورة بالمنطقة المسماة ب«أذرييس” والتي تستعملهاربات البيوت في إعداد طبق الكسكسي، خاصة وأنها تحمل فوائد غذائية ونكهة لذيذة إضافة إلى رائحتها الطيبة، حيث لازالت العائلات القبائلية تتمسك إلى حد الأن بعادات أجدادهم المتوارثة، حيث كان الربيع بالنسبة لهم موسما يجمع بين التجديد والاستمتاع بدفء الربيع، حيث إعتاد القبائل على الخروج للمساحات الخضراء باقتراب الربيع للزراعة، مستغلين اعتدال الجو وقطف عشبة تسمى بالقبائلية “أذرييس” والتي لها فوائد صحية عظيمة ورائحة طيبة، في حين يرى سكان المنطقة أن الربيع هو جوهر الزراعة، كما يفتتح السكان الربيع بجني الزيتون وتجسيد عادة يطلقون عليها تسمية “تاحمامت”، في حين يعتبر أخرون الموسم فرصة للتكافل والتضامن فيحرصون على ذبح ثور يتم توزيعه على الفقراء، حيث تتوجه العائلات إلى الحقول للانطلاق في عملية جمع الزيتون، متعاونين فيما بينهم وتستغل العائلات الفرصة للاستمتاع بدفء الجو والمناظر الطبيعية بالخروج إلى طبيعة المنطقة بتحضير مستلزمات النزهة، حيث تتفنن النساء في تحضير طبق الكسكسي المزين بالبيض المسلوق والتين المجفف، إضافة إلى الخفاف الذي يعتقد أهل القبائل أنه سيخفف أيامهم. جمع بيض الحجل من عادات الربيع في تيكجدة تتميز قرية سليم المحاذية لمنطقة تيكجدة في جبال جرجرة، بعادات خاصة بالاحتفال بموسم الربيع حيث يبدأ سكان المنطقة فصل الربيع بتحضير كل اللوازم الخاصة الخروج إلى الطبيعة الخلابة بلم شمل الأقارب على الزربية التقليدية، حيث تتفنن النسوة بعرض مختلف الأكلات التقليدية كالبركوكس بالخضر واللحم إضافة إلى الحلويات والفواكه التي توضع بالقفة، حيث تحرص أخريات على قطف الأزهار بينما تتمسك الفتيات العازبات بهذا الموسم بعادات الأجداد المتوارثة بالبحث عن أعشاش الحجل لجمع أكبر عدد من البيض في السلة، خاصة أنه يدل -حسب إعتقادهم- على نضجها وشجاعتها وخفتها، كما يعتبرون أنها فأل جيد يجلب لهم الحظ للزواج. بينما تكون الفتاة التي تملك أكبر عدد من البيض هي المؤهلة للزواج. الحنبل واستعراضات الخيل يميزان ربيع الأوراس تحتفل بلدية منعة في ولاية باتنة، بالربيع الأوراسي الذي يطلق عليه “بثافسوث”، حيث يحرص أهالي المنطقة على التمسك بعادات أجدادهم في الإحتفال خاصة أنها تعد مناسبة “مقدسة” للفرح والاستبشار بقدوم موسم فلاحي واعد حسب العادات، في حين تبرز مشاهد الاحتفال بهذه التظاهرة في الأكلات والحلويات التقليدية التي تقدم بالمناسبة والتي تدوم لمدة ثلاثة أيام كاملة، حيث وحسب رئيس جمعية الثقافية التراثية “ثافوسث”، فإن هذه المناسبة تسبقها العديد من التحضيرات قبل الاحتفال بها يكون فيها كل سكان البلدية على موعد بقدومها، أين يتم جمع الأموال للتكفل بكل الأمور التي ترتبط بهذه الأخيرة، في الوقت الذي تستعد فيه النساء لتحضير من كل الأطباق التقليدية المعروفة في المنطقة، على غرار طبق “الشخشوخة” وطبق “الرفيس”، إضافة الى إعداد بعض الحلويات الأخرى التي تصنع بهجة هذه الاحتفالية، فيما تقوم فيه كل عائلة بالبلدية بإخراج “الحنبل” أو “الزربية” التقليدية التي تعبّر عن الوحدة والإخاء بين كل سكان المنطقة والبلدية بأكملها، فيما تنظم استعرضات لفرق البارود والخيالة تعبيرا عن أصالة المنطقة. البراج والزاد بقفف الربيع في برج بوعريريج يحتفل سكان برج بوعريرج بعيد الربيع الذي يطلق عليه -حسب السكان- ب«شاو الربيع”. حيث تحرص العائلات على الخروج للإحتفال بهذا الفصل بالجبال والغابات، مرددين أغنية “شاو الربيع الربعاني كل عام تلقاني في الفيلاج الفوقاني”، والتي يحفظها الكبير والصغير بالمنطقة، كما يجمع السكان “الڤرنينة” التي يصنع بها الكسكس، في حين تتفنن ربّات البيوت في صنع الحلوى المشهورة بتلك المناسبة المسماة ب«البراج” بمساعدة الجدات والمصنوعة من الغرس والسميد، حيث يتم تحضيرها في ليلة الإحتفال كما تنتشر رائحتها المنبعثة من المنازل، في حين تحرص النساء على تحضير الزاد والمتمثل في الخبز والماء والجبن والزيتون، أي وجبة باردة. وهناك من يشتري السمك أو اللحم ويقوم بشوائه في الغابة، إضافة إلى حمل قفة تسمى ب«الطلاعة” مصنوعة من الدوم تحتوي على المبرجة والبرتقال والحلويات المتنوعة، كما تقوم الأمهات بتحضير البيض المغلى، وكل فرد في العائلة يتحصل على نصيبه أوما يعرف بالعامية “كل واحد يدي حقو”، حيث يقوم الأب بتوزيعه على أولاده إذ أن كل فرد يتحصل على قطعة واحدة من المبرجة، وكذلك حبة برتقالة وبيضة كما يتم تخصيص نصيب من الأكلات للعروسة والأبناء الذين يؤدون واجبهم العسكري. لعبة الكورة عادة راسخة في كل ربيع بميلة كان قدوم فصل الربيع دوما يحظى في الماضي باستقبال خاص من لدن سكان منطقة ميلة بدواويرها، إذ تميزه أهازيج وطقوس تليق بمكانة هذا الفصل الزاهي الألوان كثير الخضرة. ومن بين هذه الطقوس التي لا زال يتذكرها كبار الجهة لعبة محلية شهيرة يطلق عليها”الكورة”، تطبع نشاط الأيام الأولى من هذا الفصل حيث يتم صنعهامن لفائف من القماش فيما يحضر “القوس” الذي تقذف به “الكورة” من جذوع أشجار “السدرة” المعروفة بإنتاج حبات “النقيقب” كما يطلق عليه محليا. حيث تشهد الأيام الأولى من فصل الربيع نشاطا حثيثا عبر مشاتي تلك المنطقة الريفية الجبلية التي يميزها إجراء “مباريات” تمتد طيلة النهار وتجمع مختلف شرائح المجتمع من الرجال والنساء في أجواء يطبعها المرح المندمج جديا مع زهور الطبيعة الخلابة المحيطة، كما يجرى أحيانا حسب شهادات من عايشوا تلك الأوقات، تخصيص اللقاءات كأن يلعبها متزوجون مع عزاب أو شباب هذا الحي مع نظرائهم من الأحياء الأخرى، ولم يكن نادرا أن يقدم شاب باقة ورد لمن اختارها قلبه على هامش مباراة “الكورة” التقليدية. في حين كانت تحضر للمناسبة ذاتها كسرة الربيع التي ترتبط دوما بحلول هذا الفصل بهذه الجهة، والتي يتناولها السكان مع اللبن الطازج الذي يحرصون على حلبه من الأبقار. سكان الصحراء يحتفلون بالربيع برقصات فلكلورية من التقاليد التي تناقلتها الشعوب هي الاحتفال بقدوم الربيع وتقديس الطبيعة، وهو تقليد نجده عند الفرس “عيد النيروز” والامازيغين القدماء وما يزال سكان الأهڤار إلى اليوم يحيون هذا التقليد، حيث يجتمع السكان طيلة ثلاثة أيام للاحتفال بقدوم الربيع في جو احتفالي، في حين تنظم استعراضات فلكلورية عبر الشوارع الرئيسية للمدينة، وتحتل الحرف التقليدية مكانة مميزة، كما يتم تنظيم عروض أزياء ومسابقات جمال بهذه المناسبة لاختيار “ملكة جمال الأهڤار” وأحسن تارقي في المنطقة في بعض مناطق القبائل الكبرى، حيث تحضّر نساء المنطقة أنواعا مختلفة من الخبز بالأعشاب الصالحة للأكل مثل النعناع وأوراق البصل والزيتون، ويتم الخروج إلى الحدائق ويقال في القبائل الكبرى “انماقر ثفسوث” أي نستقبل الربيع بينما تقام بمدينة تمنراست، عدة احتفالات محلية بمناسبة الربيع يتمتع السائح خلالها بسباق الجمال الذي ينظمه التوارق، بالإضافة إلى السهرات وتقديم الأغاني التقليدية التي تحكي عن الصحراء والحب والربيع ترافقها سهرات فولكلورية من بينها رقصة “شروا” التي تتخذ شكل مبارزة يؤديها شبان بلباس مميز وتهدف إلى التدرب على استخدام السيف وتمرين العضلات، ويقوم الطوارق الملثمون بتأدية رقصة العرس، في حين يحرص سكان غرداية على تحضير أكلات شعبية خاصة بالربيع، والإهتمام بالمشاتل بعرض أنواع مختلفة من الزهور فيها، حيث تعد الحدائق مقصد العائلات في هذا الفصل. عادة حلق رؤوس الأطفال ووضع الحنّاء بربيع أم البواقي تستقبل عائلات أم البواقي، عيد الربيع بتحضير مأكولات خاصة ضاربة في عمق التقاليد، منها”البراج” وهو رغيف يحضر بالدقيق والتمر المعجون “الغرس” والسمن، في حين تحنى أيدي الصغار والكبار، بالإضافة إلى التمسك بعادة تحليق رؤوس الأطفال، حيث يتم كل ذلك في أجواء عائلية تميزها النزهات الترفيهية التي تقودهم إلى المساحات الخضراء المعروفة في المنطقة بالمرجات، أين يتقاسم الأطفال والكبار المأكولات واللعب في أجواء مشمسة ربيعية تستمر حتى الغروب. أمهات يحضّرن حلوى القرصة لأطفالهن يعتبر الربيع من الفصول التي ترسم جوا من البهجة والفرحة على وجوه الأطفال الذين يستمتعون باللعب في المساحات الخضراءا والتي تقطف منها الفتيات زهور النرجس لتزين بها رؤوسهن أو يستمتعن بصناعة عقود من الأزهار، في حين يستمتع أخرون بجمع “القريصة” وأكلها، حيث جرت العادة على تحضير الأمهات لكميات كبيرة من “الڤرصة” التي تسيل لعابهم بنكهتها اللذيذة، وهي عبارة عن كسرة يضاف إليها صفار البيض، حيث تشرف الأمهات والجدات على تحضير قفة صغيرة خاصة لأطفالهم تحتوي على “الڤرصة” والبيض المسلوق إضافة للفواكه.