إن أعظم ما يقرب العبد إلى ربه الذكر كما قال تعالى: (فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) البقرة، وكما قال: (ولذكر اللَّهِ أكبر واللَّه يعلم ما تصنعون) العنكبوت، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى)”، وقد وصف الله أهل الصلاح بكثرة ذكرهم في قيامهم وقعودهم فقال: “الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض”، لذا كان سلف الأمة حريصا أشد الحرص على الذكر ويوصي بعضهم بعضا بذلك ومن ذلك أن رجلا أتى أبا مسلم الخولاني رحمه الله فقال له: أوصني يا أبا مسلم، قال: اذكر الله تعالى تحت كل شجرة ومدرة، فقال: زدني، فقال: اذكر الله حتى يحسبك الناس من ذكر الله مجنونا: وكان أبو مسلم يكثر ذكر الله فرآه رجل وهو يذكر الله تعالى، فقال: أمجنون صاحبكم هذا، فسمعه أبو مسلم فقال: ليس هذا بالمجنون يا ابن أخي، ولكن هذا دواء الجنون”، ولا شك أن أفضل الكلام على الإطلاق كلام الله تعالى فقد جاء في سنن الدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من كلام أعظم عند اللَّه من كلامه، ما رد العباد إلى اللَّه كلاما أحب إليه من كلامه”، وقد قال الله تعالى (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور)، ومن أفضل الكلام كذلك تمجيد الله وتسبيحه فقد ثبت في صحيح مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله تعالى أربع لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) رواه البخاري، وأما عن الأثر الذي يحدثه فظاهر، فإن القلب الذاكر لكتاب الله تعالى قلب يقظ صالح من الآفات المهلكة، قريب من الله قريب من الصالحين، بعيد عما يغضبه، مطمئن دائما ولم لا وهو لله ذاكر، والله قال:« ألا بذكر الله تطمئن القلوب”.