متقاعدون محرومون من الحدائق المعروف على كبار السن حبهم للهدوء والسكينة التي طالما وفرتها لهم الحدائق العمومية التي شهدت على كثير من جلسات سمرهم ولعبهم “الدومين والداما” وغيرها من الألعاب التي تنسيهم مرور الوقت وسط جو يذكرون فيه أيام الماضي وذكرياته، غير أن هؤلاء غيروا وجهتهم اليوم إلى المقاهي والطرقات هروبا من الأوضاع التي آلت إليها أماكنهم المفضلة. وحسب شهادة المعتادين على زيارة تلك الحدائق من المتقاعدين، فإن أغلب المساحات الخضراء عرفت إنتشارا كبيرا للمنحرفين وحتى العشاق ما جعلهم لا يشعرون بالراحة، حيث حدثنا عمي الهادي، أحد الشيوخ الذين كانوا من رواد حديقة البلدية، وهو يتأسف للحالة التي أصبحت عليها هذه الأخيرة قائلا: “لم نعد نجرؤ على دخول هذه الحدائق، بعد أن أصبحت مأوى لمدمني المخدرات والسلوكات غير الأخلاقية من الشباب الطائش، فنحن نبحث عن الراحة لا عن المشاكل”. وأضاف صديقه الحاج إبراهيم قائلا: “لقد شهدت هذه الحديقة عددا لا يحصى من مشاجرات هؤلاء المتشردين مع بعضهم، حتى أصبحنا نخشى على أنفسنا من المكوث بها في وجودهم”. أما عمي الحاج السعيد، 85 سنة، فقال لنا بالحرف الواحد “كنا نجتمع هنا ونقضي وقتا طويلا في الدردشة وقراءة الصحف، والكل يحكي ما في جعبته حتى منتصف النهار لنفترق على أمل اللقاء في اليوم الموالي. أما اليوم فحرمنا منها وذلك للحالة المأساوية التي ألت إليها هذه الحدائق العمومية على غرار حديقة البلدية التي شيدت في الخمسينيات على يد المستعمر الفرنسي، أين كانت ذلك اليوم منارة حقيقية وهمزة لقاء الأصدقاء والأحباب وخاصة المتقاعدين الذين لا يستطيعون الاستغناء عنها أبدا، والذين يأملون أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه”. مساحات خضراء تتحول لمراحيض ومفارغ أمام عدم إحترام زوار الحدائق لشروط النظافة وكذا تصرفات المواطنين العشوائية البعيدة عن الحفاظ على البيئة، تحولت المساحات الخضراء إلى مفرغة للنفايات والروائح الكريهة بعدما أصبح العديد من المارة بالشوارع لا يجدون حرجا في قضاء حاجاتهم وكأن المساحات الخضراء تحولت لمراحيض عمومية لم يعد غريبا أبدا وأنت جالس بإحدى هذه الحدائق العمومية أن تلمح عيناك منظر أحد المارة وهو يقضي حاجته على مرأى من الجميع، وقد يبرر البعض هذا التصرف بقلة المراحيض العمومية أما عن الرائحة النتنة التي قضت على رائحة الأزهار، والأوساخ والفضلات التي حلّت محل النباتات والأشجار، والنافورات الجافة والمقاعد المتسخةsp