قلب مجلس الوزراء الأخير التوقعات السياسية رأسا على عقب في الساحة الوطنية بحيث أن صمت الرئيس بوتفليقة بشأن مشروع تعديل الدستور أسقط هذا الملف من الأجندة السياسية نهائيا، كما أن المطالبين بعهدة رابعة تراجع صوتهم في المشهد السياسي. شكل اجتماع مجلس الوزراء الاثنين الماضي منعرجا حاسما في الساحة الوطنية، بعد أن كان متوقعا أن يحسم رئيس الجمهورية في ملفات على رأسها مشروع تعديل الدستور وموقفه من المطالب المرفوعة للترشح لعهدة رابعة، لكنه تجاهل هذه المطالب نهائيا ولم يتناولها ولو بالتلميح في كلمته أمام أعضاء الحكومة بشكل أعطى انطباعا أنه يرفض الإستجابة لهذه الحملة التي يقودها حزب جبهة التحرير الوطني. وفسرت مجموعة العشرين المعارضة تجاهل الرئيس بوتفليقة لملفات الدستور والعهدة الرابعة خلال الإجتماع على أنه بمثابة شهادة وفاة لهذه المشاريع التي يدافع عنها الأفلان. وقال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري أن رسالة الإجتماع جاءت واضحة وغيرت الكثير من المعطيات التي كانت متداولة في الساحة. وإذا كانت المعارضة قد كسبت أهم مطالبها بتأجيل تعديل الدستور إلى ما بعد الرئاسيات فإن الأحزاب التي تبنت المطلب وفي مقدمتها الأفالان قد تلقت ضربة سياسية موجعة، بعد أن راهنت على المشروع للعودة بقوة إلى الواجهة السياسية. وأدى تجاهل الرئيس بوتفليقة لمطالب الحزب العتيد بقيادة سعداني إلى تراجع الأخير عن واجهة المشهد السياسي خلال الأيام الأخيرة، في انتظار حسم الرئيس موقفه من الترشح لعهدة رابعة، وسيكون في حال رفضه الإستمرار ضربة قاضية سياسيا لخليفة بلخادم على رأس الحزب. وتؤكد كل المؤشرات السياسية أنه مع بدء العد التنازلي لصدور مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة للرئاسيات وأن مشاريع سعداني خاصة تعديل الدستور بدأت تتبخر سياسيا وهو ما زاد من حماس معارضيه في السعي للإطاحة به قبل هذا الموعد السياسي. وإلى جانب سعداني، فإن حلفاء الأفلان في الحكومة مثل حزب تاج والحركة الشعبية تراجع صوتهم في الساحة وبدأ حديثهم عن البدائل السياسية في حال رفض الرئيس بوتفليقة الترشح، في الوقت الذي يبدو الأرندي الحزب الوحيد الذي حافظ على موقعه السياسي المتوازن إزاء التطورات الأخيرة وحتى القادمة في الساحة السياسية.