كانت المناسبة في لقاء أمس بين المنتخب الوطني ونظيره التنزاني، فرصة للجمهور الجزائري وعشاق الخضر للوقوف عند العمل الذي يقوم به المدرب الجديد وحيد حاليلوزيتش على أرض الواقع، بغض النظر عن النتيجة النهائية التي آلت إليها المباراة، والتي عرفت خروج "محاربي الصحراء" رسميا من سباق الوصول إلى نهائيات الغابون وغينيا الإستوائية مطلع السنة المقبلة. وبإلقاء نظرة على التشكيلة التي أعدها التقني البوسني للمواجهة، نجد أنه يريد فعلا ترك بصماته في المنتخب والدفع به إلى الأمام في الإستحقاقات التي تنتظره في المستقبل القريب. تغيير نوعي للخطة ومناصب اللاعبين أول شيء لفت أنظار المتتبعين هو الخطة التي أعدها حاليلوزيتش للقاء، حيث اعتمد على طريقة لعب مغايرة مقارنة بالتي كان ينتهجها سابقيه سعدان وبن شيخة، ودخل اللقاء بخطة (4-3-3) في حالة الإستحواذ على الكرة، في حين تتحول إلى (4-5-1) في حال تضييعها، وهذا بدخول كل من الجناحين مطمور وبلحاج إلى الوسط وبقاء بن يمينة وحيدا في الهجوم، وهي الخطة التي لم يألفها الجمهور الجزائري في زمن المدرب رابح سعدان الذي كان يركز على اللعب بثلاثة لاعبين في محور الدفاع. أما على مستوى التشكيلة، فقد أحال المسؤول الأول على رأس العارضة الفنية للخضر اللاعب السابق لنابولي الإيطالي حسن يبدة على كرسي الإحتياط، وهو الذي لم يفقد مكانته الأساسية في المنتخب منذ اللقاء الفاصل أمام المنتخب المصري بملعب أم درمان، والسبب في ذلك يعود إلى كون لاعب غرناطة حاليا يعاني من نقص المنافسة بعد غيابه عن الميادين ومعاناته نفسيا قبل إمضائه مؤخرا في النادي الإسباني، كما قام حاليلوزيتش بإقحام بلحاج ومجاني في الجناح الأيسر ووسط الميدان الدفاعي على التوالي، في محاولة منه لتجريب اللاعبين في هذين المنصبين. مغني ومصطفى خارج القائمة، ولا مكان للمدللين أما المفاجأة الكبرى التي أثارت دهشة محبي الخضر هو تواجد مدلل الأنصار ومحبوب الجماهير الجزائرية مراد مغني خارج قائمة 18، إضافة إلى مهدي مصطفى الذي عرف نفس مصير لاعب أم صلال القطري، في الوقت الذي كان ينتظر دخوله اللقاء ضمن التشكيلة الأساسية. وإن كان الجمهور الجزائري لم يفهم إلى حد الآن السبب في عدم اعتماد حاليلوزيتش على مغني، إلا أن ذلك كان مجرد رسالة غير مباشرة من البوسني إلى كل لاعبيه مفادها لا وجود للاعب أساسي أو مدلل الجماهير في المنتخب، والعمل هو المعيار الأساسي والوحيد الذي يحدد القائمة الأساسية، ولو أن عودة لاعب لازيو السابق حديثا من الإصابة هي السبب الرئيسي في عدم الإعتماد عليه في التشكيلة الأساسية. مشاركة العيفاوي رسالة للمحليين حنكة المدرب السابق لباريس سان جرمان وخبرته في الميادين قد تفيد المنتخب مستقبلا، حيث قام بإقحام لاعب اتحاد العاصمة عبد القادر العيفاوي في التشكيلة الأساسية للمنتخب ووضعه في الرواق الأيمن، وهي رسالة أخرى من حاليلوزيتش للاعبين المحليين، أين أراد أن يقول لهم أنه لن يتجاهل اللاعب الناشط في البطولة المحلية والأفضل سيكون حتما ضمن كتيبته في الرهانات التي تنتظر المنتخب بداية من مطلع السنة المقبلة، ورغم أداء العيفاوي المتواضع في اللقاء، إلا أن حاليلوزيتش فضل الإبقاء عليه طيلة اللقاء مع تعزيز منطقته بلاعب محوري ولاعب وسط دفاعي. القادم سيكون أفضل ورغم الإقصاء المر للمنتخب الوطني، أين سيكتفي رفقاء زياني بمشاهدة كأس أمم إفريقيا المقبلة على الشاشة الصغيرة، إلا أن الأداء العام للتشكيلة الوطنية تحت قيادة حاليلوزيتش كان في المستوى ويبشر بمستقبل أفضل للكرة الجزائرية في الأشهر المقبلة، فالمدرب البوسني نجح في دراسة طريقة لعب المنتخب التنزاني في 45 دقيقة وقام بإحداث التغييرات التي رجحت الكفة لصالح الخضر في الشوط الثاني، فإن فشل اللاعبين في صنع الفارق في الشوط الأول، فإن المدرب نجح في ترجيح الكفة في الشوط الثاني، باعتبار أن الشوط الأول للاعبين والثاني للمدربين كما هو معروف في قاعدة الكرة. ويأمل الجمهور الجزائري في رؤية منتخب بوجه آخر وبالروح التي عرف بها في السنتين الماضيتين، عندما تمكن زملاء القائد يزيد منصوري آنذاك في الوصول إلى أكبر تظاهرة كروية في العالم على حساب أحسن منتخب إفريقي وهو المنتخب المصري.