ازدان فضاء أب الفنون في الجزائر، بتشكيلة جديدة من المؤلفات لصاحبها الكاتب عز الدين جلاوجي الذي أصدر سلسلة مؤلفات نفيسة ضمن توليفة أطلق عليها مكتبتي المسرحية. حملت مكتبة جلاوجي المسرحية، تسع نصوص ركحية هي: أحلام الغول الكبير، البحث عن الشمس، النخلة وسلطان المدينة، رحلة فداء، ملح وفرات، الأقنعة المثقوبة، التاعس والناعس، أم الشهداء، وغنائية أولاد عامر، وحاول الناص استحضار الموروث الشعبي في بعض مسرحياته. وسعى الكاتب الجزائري الغزير الإنتاج، لاستلهام نموذج الحكواتي والحلقة، مثلما برزت سمة التنويع، بفعل الهوس الدائم لجلاوجي بالتجريب، واهتمامه الدائم بالمختلف على مستوى الكتابة المسرحية، من منطلق رفضه أن يكون ظلا لغيره أو لنفسه، حيث لا يحبذ جلاوجي أن يكرّر ويريد لكل عمل أن يكون له عالمه وذوقه ورائحته التي تميزه. ووفق نمطية المسرح المصنع، تتجلى دينامكية الكلمة في منظومة جلاوجي المسرحية المترعة بالدلالات اللغوية، والمناشدة لكل ما هو مفقود وموجود في أزمة الإنسان ووجوده عبر الزمان والمكان، وتمظهر المعاناة الإنسانية بين الإنطاق والتنطيق، زمان يُنطق زماناً ومكان يُنطق مكاناً وإبداع يُنطق إبداعا. وتبقى نصوص جلاوجي بنظر النقاد استثنائية تجعل تجسيدها ركحيا يوفر مرونة وجمالا، بفعل الاشتغال المكثف للناص وما تمتاز به شخوصه وعوالمه الركحية، بما يدعم تركيبة العملية الدرامية في كل حالاتها التشخيصية وتجلياتها الشعرية، وهو ما حفز المخرج الشاب عبد الغني شنتوف ومواطنه محمد إسلام عباس على التفكير في مسرحة نصوص جلاوجي مستقبلا. كما ترصعت مكتبة جلاوجي المسرحية بأربعين نصا مسرحيا للأطفال نشرها في كتابي “ضلال وحب”، و«أربعون مسرحية للأطفال”، ولم يستثني جلاوجي النقد المسرحي من مكتبته، حيث ضمّ إليها مصنفيه “النص المسرحي في الأدب الجزائري”، و«شطحات في عرس عازف الناي”، في انتظار صدور أعمال أخرى تحت الطبع. وعاش جلاوجي الذي يقود رابطة أهل القلم في الجزائر، وضعا عصيبا مطلع جويلية الماضي، حينما لوّح بتنفيذ محرقة تشمل قدرا هاما من مؤلفاته الغزيرة، وذلك تنديدا منه بالوضع الثقافي المرير السائد في بلاده والمجتمعات العربية بشكل عام، في خرجة شكّلت إشارة بليغة عن اليأس المستبد بالمثقفين الجزائريين.وكادت من وُصفت آنذاك ب«أكبر محرقة في تاريخ الثقافة”، أن تعصف بأكثر من أحد عشر ألف نسخة من مؤلفات جلاوجي، ويتعلق الأمر بروايتي “الرماد الذي غسل الماء” و«حوبة ورحلة البحث عن المهدي المنتظر”، إضافة إلى كوكبة من إنتاجاته الركحية.