يزور مصر هذه الأيام رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أوردغان، فأهلا به وسهلا، وها نحن نرحب به نفس ترحيبنا برمضان، مع الإعتذار لأغنية محمد عبد المطلب لرمضان. وأنا أنفى بشدة الإشاعات التي تقول بأن أوردغان جاء مصر ليركب الثورة المصرية. والسبب أن أوردغان لن يركب موجة الثورة هو أنه ليس من هب ودب، ولكنه من خطط وعمل وأنجز، فهو بلا شك من أفضل حكام منطقة الشرق الأوسط، وليس في حاجة إلى ركوب الثورة المصرية، ولكن الثورة المصرية في حاجة إليه، ولكنه يبدو أنه «داخل على طمع» فهو يرغب في أن يركب الشرق الأوسط كله ويدلدل رجليه، وهو يريد إعادة الإمبراطورية العثمانية (وليس الخلافة الإسلامية) كما يأمل بعض السذج من المصريين!! وهو في هذا ينافس إيران في عودة الإمبراطورية الفارسية (وليست الإمبراطورية الإسلامية)، وإسرائيل تريد أن تعيد بناء الهيكل في القدس لكي تعيد أمجاد بني إسرائيل، والدول العربية تنظر حولها وتتعجب وتتأمل: فالسعودية ترغب في توسيع دول مجلس التعاون الخليجي لتشمل الأردن والمغرب، وقد يسأل سائل :»إيش جاب الشامي للمغربي»، ولكن هدفها هو عمل تكتل «ملكي» يستطيع أن يقف أمام تلك الكيانات التي تريد توسعة مجال نفوذها بسرعة الصاروخ، ومصر أيضا تبحث لها عن دور في ظل لخمة الثورة، والمصريين هم الوحيدون في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي المقتنعون بضرورة عودة الخلافة الإسلامية، ويكفى مصر فخرا أن ابنها البار الدكتور أيمن الظواهري هو قائد تنظيم القاعدة حاليا، والذي يسعى إلى إعادة الخلافة الإسلامية على شرط أن يكون هو أمير المؤمنين وخاصة في ظل اختفاء الملا عمر (أمير المؤمنين سابقا) والذي هرب راكبا دراجة الأبيض إلى جهة غير معلومة!وأردوغان سبق له أن عمل بعض حركات قارعة مع إسرائيل من النوع التي تدغدغ المشاعر العربية، مثل تركه لإجتماع على الهواء مع رئيس وزراء إسرائيل وتصريحاته العنترية منذ الهجوم الإسرائيلي على السفينة مرمرة، وكنت أتوقع أن يستنجد أردوغان بقوات حلف الناتو بعد الإعتداء الإسرائيلي على السفينة التركية، ولكن أقصى ما أستطاع أن يفعله هو أن يلغى المناورات العسكرية مع إسرائيل، يانهار أسود، هي تركيا كان لها مناورات عسكرية مع إسرائيل، إذن لماذا كل هذه العنتريات واستغلال المعاناة الفلسطينية، والله الفلسطينيين دول لهم الجنة، فكل من هب ودب فعلا هذه المرة قد تاجر ويتاجر بقضيتهم بمن فيهم زعمائهم، وأخيرا صرح أردوغان بأنه قرر سحب السفير الإسرائيلي وإيقاف كل التعاون العسكري مع إسرائيل، الله هو كان فيه تعاون عسكري أتانا من ورانا بعد إيقاف المناورات العسكرية؟؟ ومؤخرا صرح بأنه سوف يرسل شخنة أخرى إلى غزة ويرسل معها سفنا حربية تركية لحمايتها، وأنا في انتظار تلك الشحنة على أحر من الجمر، وإن أرسل معها سفنا حربية ووصلت سالمة فلا مانع لدى من أن يصبح أوردغان خليفة المسلمين فى الخلافة العثمانية للقرن الواحد والعشرين.ولا أعرف ما الذي يريد أن يبيعه أردوغان لمصر، إن كان يريد أن يبيعنا تدينا فيصبح كمن يبيع المئة في حارة السقايين، المصريين أكثر تدينا من الأتراك، وإن كان يريد أن يبيعنا فكرة عودة الخلافة الإسلامية فإحنا بتوع الخلافة الإسلامية، هل يريد أن يضم مصر إلى حلف شمال الأطلنطي (الناتو) وهو اقتراحي مذ عدة أشهر!! أم يريد تهدئة الأوضاع بين مصر وإسرائيل؟ إذا فما الذي يريد أن يبيعه لنا أردوغان، أعتقد أن أردوغان لن يبيع لنا أي شيء فغرضه من تلك الزيارة أنه يريد أن يطمئن على أحوال مصر وأن يطمئن أيضا على أنه في وقت الجد سوف تقف مصر إلى جانب تركيا ولن تقف إلى جانب إيران.وتركيا لها عدة اهتمامات تتلخص في الآتى:أولا: الإبقاء على عضويتها فى حلف شمال الأطلنطى، لأن هذا يخفف كثيرا من نفقات الدفاع التركية ويوجه الفائض إلى التنمية. ثانيا: مغازلة أوروبا بصفة دائمة وعمل كل الممكن عمله من أجل عيون أوروبا، طالبين من تركيا حقوق إنسان : على عيني ورأسي، يريدون التخفيف عن الأكراد أوكي، يريدون حل سريع لتقسيم قبرص طيب ما فيش مانع، يريدون الحفاظ على البيئة :ماشى، المهم أن تقبل تركيا عضوا في الإتحاد الأوروبي بأي شكل، ولست أدرى لماذا يلهث الأتراك وراء أوروبا ألا يرون ما يحدث لليونان؟؟ والبرتغال؟؟ ثالثا: أن تكون قوة إقليمية كبرى في المنطقة تدافع عن الإسلام (لكن ما فيش مانع أن تهبط طائرات الناتو التي تضرب في أفغانستان وباكستان في القواعد العسكرية للناتو في تركيا)، وتدافع عن العرب وتريد رفع المعاناة عن أهل غزة ولكن ما فيش مانع يكون هناك تعاون عسكري مع إسرائيل من تحت لتحت. رابعا: الهدف الأكبر هو عودة الإمبراطورية العثمانية ويعود الأتراك على أبواب فينيا، ليس بقواتهم تلك المرة ولكن بعمالهم واقتصادهم القوى.ويا ريت نتعلم من أردوغان وهو صاحب تجربة رائعة حقق إنجازات خرافية في سنوات معدودة (بدون أن يدخل في حرب مع أي أحد وخاصة إسرائيل التي قتلت عمدا وليس خطأ مواطنين أتراك مسالمين في عرض المياه الدولية). وكل الإنتقادات السابقة تحسب له وليس عليه، لأنه رجل يعمل لمصلحة بلده حتى لو إضطره الأمر إلى أن يلعب بالبيضة والحجر..وأهلا... أوردغان.