ألهبت أخبار سقوط حسني مبارك أمام موجة "الثورة الشعبية" في مصر الصحف البريطانية أمس وشبهت الصحف سقوط النظام المصري بسقوط جدار برلين مشيدة بثورة النيل التي أطاحت بحكم رئيس أكبر وأقوى دولة عربية. وكتبت صحيفة "ذي صن" البريطانية "لا حاجة لأن تكون مصريا لتبتهج اليوم. فالمشهد الرائع للسلطة الشعبية وهي تطيح الديكتاتور الفاسد يدفئ كل القلوب". وأضافت: "أن مصر تحتاج إلى قيادة مؤيدة للغرب ونزيهة وديمقراطية وليس إلى أصولية دينية". أما صحيفة "التايمز" فرأت أن سقوط مبارك يجلب "الفرح والأمل والحرية إلى مصر لكنه يجلب أيضا الشك والتغيير إلى منطقة متقلبة". وأضافت "أنها لحظة سقوط جدار برلين لهذا الجيل. فمصر والشرق الأوسط والسياسة في العالم العربي تغيرت إلى الأبد". وتوقعت الصحيفة: "ألا تسقط كل الأحجار"، لكنها قالت أن "الكثير من الحكومات ستهرع الآن لتجنب ظروف مماثلة لتلك التي أدت إلى الثورة". وتحت عنوان "ثورة النيل" كتبت صحيفة «فايننشال تايمز» انه "في مصر والعالم العربي لم يعد هناك سبب الآن للامتناع عن تطبيق المبادئ الغربية". أما صحيفة «الغارديان» فقالت: "أنها لحظة تاريخية تعيد مصر إلى قيادة العالم العربي"، معتبرة أن "المصريين لم يستعيدوا استقلالهم من مبارك بل برهنوا أيضا على استقلالهم عن الولاياتالمتحدة وحلفائها". فجر مصر الجديد وتحت عنوان "فجر مصر الجديد" علقت صحيفة «الديلي تليغراف» في افتتاحيتها على ما جرى في مصر قائلة: "إن سقوط رئيس أقوى وأكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم العربي يعتبر حدثا مهما جدا لكن عواقبه على بلد كان يعيش في ظل نظام الطوارئ منذ عام 1981من الصعب فهمها". وتقول الصحيفة إن حقيقة الإطاحة بمستبد طال حكمه، في أعقاب الرحيل السريع نسبيا للرئيس التونسي زين العابدين بن علي الشهر الماضي، تعني أن الذعر سيتنامى في عواصم المنطقة ومنها تل أبيب. وبحسب الصحيفة فإن هناك آمالا في مصر نفسها بأن تؤدي استقالة الرئيس مبارك إلى انتقال سلس إلى الديمقراطية ولكن حتى لو كان الانتقال سلسا، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون سريعا. وتقول «التليغراف» إنه لا يوجد شك بأن ما يهلل له باعتباره نصرا لقوة الشعب ما هو في الجوهر سوى استيلاء للجيش على السلطة. وتمضي الصحيفة قائلة: "إنه في غياب معارضة تتمتع بالشرعية، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمثل المؤسسة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ". وبرأي الصحيفة فإن أحداث الأمس قد تكون بداية لأزمة تعيشها مصر وليس نهاية لها. وتختم الصحيفة افتتاحيتها بدعوة الغرب إلى عدم التدخل في شئون مصر مذكرة إياه بعواقب ما حصل قبل ثلاثين عاماً في إيران عندما تم اختطاف الثورة التي بدأت علمانية من قبل الإسلاميين. المصريون طردوا الرجل الذي يحبه الغرب وأشارت صحيفة «الاندبندنت» إلى أن الجيش أصبح يمسك بزمام الأمور في مصر. وقالت: "أن كل شيء مرتبط الآن بالطريقة التي سيستخدم فيها الجيش السلطة"، مشيرة إلى: "أن حوادث سابقة تدل مع الأسف على أن الأنظمة العسكرية يمكن أن تمتنع عن التخلي عن السلطة مثل الرؤساء المستبدين". وفي مقال للصحفي روبرت فيسك الموجود في القاهرة منذ بداية الأحداث تحت عنوان "رحيل طاغية ونشوة شعب" قال: "فجأة انفجر الجميع بالغناء، والضحك، والبكاء. فجأة ركع الكثيرون على الأرض وبدؤوا بتقبيلها. بدأ البعض بالرقص والبعض شكر الله على تخلصه من الرئيس. بدا المشهد وكأننا في عرس، وكأن كل رجل وامرأة أمامي تزوج لتوه. سيعرف هذا الحدث في التاريخ باسم ثورة 25 جانفي، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الثورة، وسيؤرخ له على أنه اليوم الذي هب فيه شعب مصر"، هكذا وصف فيسك المشهد. وتابع: "العرب الذين يضطهدهم الغرب ويميز ضدهم ويعاملهم الكثير من الإسرائيليين الذين يرغبون ببقاء حكم مبارك كمتخلفين وجهلاء، هبوا ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل الذي يحبه الغرب ويعتبره "زعيما معتدلا". نعم، ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة على مواجهة الوحشية وتحديها".