عادت الأمور إلى الوراء بعد أن عرفت العلاقة بين الجزائر والمجلس الانتقالي الليبي القليل من الدفء، بعد أن كان الرجل الثاني في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل يحضر لزيارة وفد ليبي إلى الجزائر، وذلك بفعل التهميش الذي مس هذه الشخصية المتميزة بالواقعية السياسية على عكس مصطفى عبد الجليل الذي أصبح دمية في يد عبد الحكيم بلحاج، والقيادات الإسلامية الأخرى من طراز علي الصلابي المقيم بدولة قطر. وفي خضم هذا التهميش الحاصل الذي حمل محمود جبريل على القول بأنه مستقيل وغير مستعد للمشاركة في الحكومة الليبية المقبلة، عاود مصطفى عبد الجليل تهجمه على الجزائر قبل يومين وكرر مطلب الاعتذار على الحكومة الجزائرية للثوار الليبيين. وكان محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذى فى المجلس الانتقالي الليبي قد أكد أنه سيفي بتعهده بالتخلي عن أي منصب سياسي بمجرد تحرير ليبيا، ودعا جبريل الشباب إلى أن يقوموا بدور أكبر وفعال في الحياة السياسية لبناء ليبيا بعد القذافي إشارة منه إلى القيادات القديمة التي تحكمت مجددا في ليبيا بفضل “رسكلة” علاقاتها مع الإسلاميين. وأضاف جبريل “ لن أبقى في منصب رسمي بعد التحرير على الإطلاق، والدور الأهم بالنسبة لي والأكثر فعالية في الفترة القادمة لن يكون له أي غطاء رسمي على الإطلاق”. وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني أعلن قبل اليوم عن وجود ترتيبات لاستقبال وفد رفيع المستوى من المجلس الوطني الانتقالي الليبي، بهدف بحث العلاقات بين الجانبين والفصل في ملفات تعتبرها الجزائر ذات أهمية قصوى كالملف الأمني، وقال بلاني ‘'نرحب بزيارة وفد المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا للجزائر وهناك مشاورات واتصالات جارية بهذا الخصوص مع الجانب الليبي بواسطة السفير الجزائري عبد الحميد بوزاهر في طرابلس”. وأضاف بلاني أن من شأن هذه الزيارة أن تؤدي إلى تشكيل لجان عمل قطاعية مشتركة حول مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها مسألة التعاون الأمني الذي تعتبرها الجزائر محورية وذات أولوية قصوى. وحول اشتراط رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل اعتراف الجزائر بالثورة الليبية قبل القيام بأي زيارة بين الجانبين قال بلاني: “لقد سبق للوزير مراد مدلسي وأن أكد من على منبر الجمعية العامة السنوية لمنظمة الأممالمتحدة في نيويورك إرادة الجزائر القوية للعمل فورا مع السلطة الجديدة في ليبيا، من أجل ترقية التعاون المثالي والشامل في إطار التضامن والروابط الأخوية التي تجمعنا مع الشعب الليبي الشقيق، وكان عبدالجليل استغرب تأخر الجزائر في الإعتراف بثورة الليبيين ضد نظام العقيد معمر القذافي، وأكد أن المجلس ينتظر اعترافا جزائريا رسميا بهذه الثورة قبل الحديث عن تبادل الزيارات بين الجانبين، ومعنى هذا أنه في ظل تهميش محمود جبريل من طرف الإسلاميين الذين سيطروا تماما على المجلس الوطني الانتقالي بعد تنصيب عبد الحكيم بلحاج حاكما عاما لطرابلس وتنامى قواهم يتعرف العلاقات الثنائية انتكاسة جديدة لن تزول، حتى يتم انتخاب حكومة ليبية حقيقية تمثل حقا تطلعات الشعب الليبي.